150 يوم مرت على اندلاع ثورة الكرامة والحرية لاعلان ميلاد مصر الجديدة " دولة ديمقراطية تنموية مستقلة " ولكن كل الثورات الانسانية تخضع لمراحل انتقالية فى حياتها لتبدأ عصر جديد من الديمقراطية والنهضة ولذلك فمازال الاقتصاد المصرى يعانى الكثير منذ نجاح الثورة حتى الان فى ظل استمرار تدهور مختلف القطاعات الاقتصادية والانتاجية وتراجع ايرادات الدولة ليتكبد خسائر يومية تصل ل 1.2 مليار جنيه ويقدر اجمالى خسائر الاقتصاد المصرى بعد خمسة شهور من الثورة باكثر من 300 مليار جنيه بواقع 120 مليار جنيه فى البورصة، و10 مليارات جنيه فى قطاع المقاولات، و9 مليارات جنيه فى القطاع السياحى، وحوالى 7 مليارات فى قطاع البترول، و15 مليون جنيه خسائر يومية لقطاع النقل، وقدرت فاتورة آخر 18 يوما فى عهد مبارك (الفترة منذ بدء الثورة حتى تنحيه) بنحو 153 مليار جنيه، موزعة على كل قطاعات الاقتصاد (113 مليار جنيه خسائر البورصة، و5 مليارات جنيه فى القطاع المصرفى، و13 مليار جنيه فى قطاع السياحة)وفقا لتقديرات الخبراء . و يجب ان نؤكد على ان الثورة لم تكن الفاعل الوحيد لحالة الاقتصاد لانه فى الحقيقة وقبل اندلاع الثورة هو اقتصاد هش لانه افتقد إلى الانتاجية وتنوع الصادرات وعدم القدرة على الاستفادة من المورد البشري وتدني الاستثمارات في قطاعي الصحة والتعليم . وبالرغم من الاعلان أن نسب ومعدلات النمو قاربت 7% في بعض السنوات قبل الثورة ، إلا أن هذا لم ينعكس لا على مستوى معيشة الفرد المتوسط أو الفقير، كما لم ينعكس على التوازن بشقيه الداخلي والخارجى وبلغ الناتج المحلي الإجمالي في عام 2009-2010م نحو 1.2 تريليون جنيه مصري. وعن ميزان المدفوعات، نجد أن نشاطه ريعي في الأساس، حيث تبلغ الصادرات المصرية نحو 23.9 مليار دولار أمريكي، منها 10 مليارات دولار أمريكي من البترول، و نحو 8 مليارات دولار من السياحة، و 6 مليار دولار كعوائد المصريين العاملين بالخارج و5 مليارات دولار من قناة السويس. وبهذا نجد أن الميزان الجاري يحقق فائضاً، أما الميزان التجاري فيحقق عجزاً، حيث أن الواردات السنوية تبلغ نحو 49 مليار دولار أمريكي سنوياً. وتعد الموازنة العامة استهلاكية فى الاساس ، حيث أن معظم بنودها نفقات جارية، وتقل فيها الاستثمارات العامة، وتقل فيها الصيانة للحفاظ على الأصول العامة، حيث لاتتعدى نحو 1% من إجمالي الموازنة أي نحو 3.4 مليار جنيه مصري. ويبلغ عجز الموازنة نحو 9% والدين العام نحو 900 مليار جنيه مصري، والدين الخارجي نحو 32 مليار دولار أمريكي، وفوائد وأقساط الديون (خدمة الدين) نحو 173 مليار جنيه بمعدل يفوق مخصصات الصحة والتعليم ويقارب ضعف مخصصات الأجور التي تبلغ نحو 90 مليارجنيه سنوياً. وكان مطلوب من الدولة توفير 750 ألف وظيفة سنوياً، وأن التوازن الداخلي كان مختلاً من خلال معدلات تضخم مرتفعة وديون داخلية تفوق نسبة 65% من الناتج المحلي الاجمالي، وعجز موازنة. وكذلك الوضع فيما يتعلق بالتوازن الخارجي، حيث نجد ديون وأقساط ديون بنسبة مرتفعة، وعجز بالغ بالميزان التجاري، واعتماد الاقتصاد على أنشطة ريعية، وانخفاض قيمة وحجم ونوع الصادرات أي أن الوضع العام قبل ثورة 25 يناير، هو اقتصاد ضعيف فضلاً عن أن الاقتصاد المصري يحتاج إلى معدلات نمو تصل إلى 10-13% حتى يستطيع أن يخلق فرص عمل لما يقارب ثلاثة أرباع مليون شخص سنوياً، ويزيد من طاقته القصوى وسقف إنتاجه، ويقلل من مبالغ الدعم المهدرة وتزيد قدرته على سداد مديونياته الداخلية والخارجية والعمل على تقليصها. ومع اندلاع ثورة 25 يناير والاحداث التى صاحيتها من اعمال سلب ونهب للمنشات العامة والخاصة مع حدوث انفلات امنى اثر سلبيا على الحركة الاقتصادية حيث تراجعت ايرادات السياحة بنسبة 80% ليحقق خسائر بلغت نحو 35 مليون دولار أمريكي يومياً مع تراجع حجم السياحة الوافدة ، كما انخفضت الطاقة الانتاجية للمصانع المحلية بنحو 20% لانخفاض ساعات العمل وحظر التجوال والاضطرابات الأمنية علاوة على تراجع تحويلات المصريين العاملين بالخارج مع امتداد الثورات الشعبية لعدد من الدول العربية مثل ليبيا واليمن وسوريا وغياب الاستقرار نسييا للاوضاع فى دول . وفى ذات السياق توقع تقرير أعدته مؤسسة «business monitor international»، تراجع معدل النمو إلى 3.2% خلال العام الجارى، بدلا من 5.1% لتلك الفترة. وأشار التقرير إلى أن النمو فى قطاعى السياحة والبنية التحتية سيظل متباطئًا، متوقعًا تراجع معدل النمو الحقيقى السنوى للناتج المحلى الإجمالى يمتد لعام 2015، بسبب القلق بشأن الاتجاهات السياسية فى مصر. وتشير أرقام صندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصاد المصري في هذه المرحلة في حالة أشبه بالجمود، مع توقعات بانخفاض معدلات النمو إلى نحو 1% مقارنة بنحو 5% قبل الثورة، وفقاً لأرقام الصندوق. يُذكر أن وزير المالية الدكتور سمير رضوان، اكد على ان حجم الاستثمارات التي تحتاجها مصر من الخارج، تصل إلى 12 مليار دولار على مدى العامين القادمين، من بينها مليار دولار للموازنة الحالية، وعشرة مليارات لموازنة العام القادم. وتوقع رضوان ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة من 9.1 في المائة خلال العام الجاري، إلى قرابة 10 في المائة خلال العام المقبل، مشيراً إلى هذا الارتفاع سيتوقف على مجموعة من الإجراءات التي ستحدد ذلك، منها الحصيلة التي لا تزال "ضعيفة"، وكذلك معدل النمو، الذي تراجع ليصل إلى 2.1 في المائة. ويعلق د. يوسف ابراهيم مدير مركز صالح كامل للدراسات الاقتصادية بجامعة الازهرقائلا " الاوضاع الحالية التى نمر بها صعبة للغاية والاقتصاد المصرى يسير فى الاتجاه المعاكس مع انتشار الحركات الاحتجاجية والاعتصامات الفئوية وتوقف الانتاج فى كثير من القطاعات وعمل المصانع بنصف طاقتها الانتاجية" . واشار الى ان الاقتصاد المصرى محاصر باوضاع داخلية صعبة واضطرابات سياسية خارجية فى دول الجوار بما زاد من حجم المشكلة مع تراجع الصادرات المصرية وعودة العمالة المصرية ويشدد على ضرورة اعلاء مبادىء الانتاج والعمل وعلى الحكومة توفير عنصر الامن والاستقرار لانه الاساس فى بث الطمانينة لدى الشعب لمواصلة الحياة بشكل طبيعى مؤكدا على اهمية اطلاق مبادرات وطنية خالصة تدعم الاقتصاد الوطنى سواء من المستثمرين والمواطنين والحكومة وتكاتف الجميع للحفاظ على مكتسبات الثورة وحمايتها من الفشل ومن جهته يقول محمد شكرى رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات ان الاقتصاد المصرى يمر بفترة حرجة للغاية لابد من تكثيف الجهود للخروج منها لبر الامان وباقل الخسائر الممكنة وعلينا الحفاظ على تواجدنا بالسوق وزيادة استثماراتنا لخلق صورة ايجابية للاقتصاد المصرى تساهم فى جذب استثمارات اجنبية جديدة حتى نظهر للعالم مؤشرات لتحسن مناخ الاستثمار وعودة الصناعة المصرية والحفاظ على اسواقنا التصديرية وزيادة معدلات الانتاج بحيث نبدأ مرحلة الاستقرار السياسى لندخل مرحلة جديدة من النهضة فى الاقتصاد المصرى ويكون هناك يقين لدى المستثمرين المحليين والاجانب بان السوق والاقتصاد المصرى قوى