ليسوا مجرمين.. ولم يرتكبوا خطأ ليعاقبوا عليه.. لكن ظروفهم الصعبة قد تدفعهم لأرتكاب الجرائم.. فجأة وجدوا انفسهم بدون عائل.. وفجأة ايضاً تنكر لهم المجتمع.. وأصبحوا مثار استياء الجميع.. هم أهالي وأبناء السجناء.. الذين يعانون من قسوة الزمن.. ومن جرائم لم يرتكبونها.. لكنهم يعاقبون عليها.. ولانهم ليسوا مجرمين .. فمنذ سنوات أصدر اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية قراراً إنسانياً.. جداً.. وهو إنشاء ادارة جديدة اسمها »الرعاية اللاحقة«.. مهمتها الأولي والأخيرة الوقوف بجانب أسر السجناء.. ومساعدتهم وكسر الحاجز النفسي الذي ولد لديهم.. ومنذ إنشاء هذه الادارة التي تم دعمها بقوة.. لم يتوقف العمل فيها علي مدار العام .. بل وتنتهز ادارة الرعاية اللاحقة كل المناسبات السنوية أو الدينية لمساعدة أهالي السجناء.. بخلاف المساعدات الشهرية التي توفرها لهم.. وكانت أخر تلك المساعدات في شهر رمضان.. وبداية العام الدراسي الجديد.. »أخبار الحوادث« كانت هناك أثناء توزيع الهدايا علي أسر السجناء.. وسجلت بالكلمة والصورة فرحة أهالي السجناء.. فماذا رأينا؟!.. هذا ما سنعرفه من خلال السطور القادمة.. وكأن الفرحة هي عنوان هذا المكان.. فعلي ابواب ادارة الرعاية اللاحقة كان يقف المئات من أسر المساجين.. كل أسرة تنتظر دورها في الحصول علي هدايا وزارة الداخلية بمناسبة شهر رمضان.. وربما كانت هذه اللحظات هي أسعد لحظاتهم.. نسوا فيها الهم ومعاناة غياب العائل خلف اسوار السجن بسبب جريمة ارتكبها.. لكن قبل ان نسجل مشاعرهم ألتقينا باللواء محمد فرحات مساعد أول وزير الداخلية للأمن الاجتماعي.. واللواء صلاح العزيزي مدير إدارة شرطة الرعاية اللاحقة في مؤتمر صحفي.. لنتعرف منهم علي كواليس هذه المساعدات. توجيه إنساني! في البداية قال اللواء محمد فرحات : دائما ماينبه السيد حبيب العادلي وزير الداخلية بأن دور الشرطة لايقتصر علي مكافحة الجريمة فقط.. بل هناك ابعاد اخري إنسانية واجتماعية.. اهمها الحفاظ علي أسر المسجونين.. فهم في النهاية ضحايا لعائلهم الذي ارتكب جريمة.. وعاقبه القانون عليها بالسجن- ولذلك انشأت الرعاية اللاحقة.. من أجل مساعدة هذه الفئة. وحتي لاتضطرهم الظروف بعد ذلك لارتكاب الجرائم.. كما ان هذه الرعاية شملت ايضا المفرج عنهم.. فنحن نقدر الظروف الصعبة التي تواجه المفرج عنه بعد خروجه من السجن.. والعقبات التي تواجهه بسبب وصمة العار الذي تسبب فيها المجتمع.. لذلك انشأ اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية مدينة كبري صناعية.. وظيفتها هي الحاق المفرج عنهم خاصة ممن اكتسبوا مهناً داخل السجن وكانوا يتقاضون فيها اجوراً كبيرة.. وربما أكثر بكثير من العمل في القطاع الخاص. استطرد اللواء محمد فرحات قائلاً: فعملها لايتوقف طوال العام.. وهناك مساعدات شهرية تصل لمستحقيها كل شهر.. كما ان هناك مساعدات اخري كإنشاء الاكشاك واستخراج تراخيص.. فوزير الداخلية يعطينا أوامر مباشرة لحل أي شكوي تصل إليه.. وهناك العديد من الحالات التي يهتم بها الوزير ويحرص علي حلها بدون الإعلان عنها.. كما اننا جميعا نحاول ان نرضي الله في تلك الفئة.. وهو ماجعلنا نزيد من المساعدات لتصل الي 6 محافظات اخري جديدة وهي مديريات امن كفر الشيخ والغربية والدقهلية والاسماعيلية والمنيا وسوهاج.. بإجمالي 054 حالة ضمن 0781 حالة يتم مساعدتهم من الادارة المركزية.. هذا بالإضافة الي توزيع مساعدات تشمل شنطا واحذية وملابس المدارس ل5291 طالب وطالبة بمناسبة العام الدراسي الجديد.. سيمفونية مشتركة! ويقول اللواء صلاح العزيزي مدير ادارة الرعاية اللاحقة: ان هناك العديد من الجهات التي تعاونت في هذ المناسبة مع ادارة شرطة الرعاية اللاحقة ومنها دار الاورمان للايتام وبعض الجمعيات الأهلية والشركات الخاصة ورجال الاعمال وبنك فيصل الإسلامي ومشيخة الازهر الشريف وبنك الطعام المصري بهدف المشاركة في توفير المساعدات العينية والمالية للمستحقين من اسر المسجونين والمفرج عنهم. ويكمل اللواء صلاح العزيزي كلامه قائلا: هذه المساعدات العينية تتمثل في توفير الزي المدرسي.. والادوات المدرسية.. وشنط مدارس واحذية.. بالاضافة الي المساعدات المالية لبعض الاسر من بنك فيصل الإسلامي ومشيخة الازهر وبنك ناصر الاجتماعي بإجمالي 5291 طالب وطالبة في مراحل التعليم المختلفة.. هذا خلاف اعفائهم من المصروفات الدراسية بناء علي الموافقة المسبقة من وزير التربية والتعليم.. كما تقوم الادارة بتوفير المساعدات العينية بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم.. وهي عبارة عن الارز والسكر والمكرونة والبلح وقمر الدين.. بالاضافة الي المساعدات المالية لبعض هذه الاسرة من بنك فيصل الاسلامي وبنك ناصر الاجتماعي وادارة البر بوزارة الاوقاف وذلك باجمالي عدد 5781 اسرة يستحقون هذه المساعدات. شكراً! ومن جهة اخري التقينا بعدد من أهالي السجناء.. الذين روا لنا مشاعرهم اثناء استلام الهدايا.. منهم الحاجة أمينة التي تجاوز عمرها 06 عاماً.. تقول عانيت كثيراً خاصة بعد القاء القبض علي ابني في قضية مخدرات.. بعدها وجدت نفسي وحيدة في الدنيا.. خاصة انه ابني الوحيد وزوجي متوفي.. وليس لدي احد في الدنيا غيرهم.. عشت اياما قاسية من المعاناة.. حتي سمعت عن شرطة الرعاية اللاحقة.. وقتها تقدمت بطلب مساعدة.. واعتقدت ان اوراقي سوف يكون مصيرها ادراج المسئولين.. لكن لم تمر ساعات إلا ووجدت من يطرق علي بابي.. وعرفوا قصتي .. بعدها ارسلوا لي .. في نفس الشهر مساعدات مالية وعينية.. ومن وقتها وانا احضر الي هنا كل شهر لاستلام بعض المساعدات.. هذا خلاف المساعدات الاسثنائية التي تأتي لي في الاعياد والمناسبات.. منها شهر رمضان.. وتقول ماجدة: زوجي دخل السجن في قضية قتل.. واثناء زيارتي له.. كنت اشكوا له همي وعدم وجود اي مورد رزق لي ولاولادنا.. وفي احد الزيارات اخبرني عن دور شرطة الرعاية اللاحقة.. والحمد لله الآن مستورة المساعدات التي تأتينا من هذا المكان تكفينا.. واليوم حضرت من أجل استلام مساعدات شهر رمضان ومبسوطة قوي! اما عم سعيد فقال: ابني اتهم في قضية مخدرات.. وانا رجل مريض لا استطيع العمل.. علمت منذ شهور طويلة بدور شرطة الرعاية اللاحقة في مساعدة اسر المسجونين.. تقدمت بطلب مساعدة.. وعلي الفور جاء لي مندوب من الادارة وعرف بحالتي.. ومن وقتها وان استلم المعونات كل شهر.. بخلاف المساعدات التي تاتي الينا في المناسبات القومية والدينية المختلفة..