لم يتوقع زميلنا جمال عبيد ان تكون مكالمه ابنته يمني له هي الاخيرة وانه يسمع صوتها لاخر مرة فهي اتصلت به قبل ان ترحل روحها الي ربها بعد ساعه ونصف من اجراء المكالمة .. قال لها انه في الطريق الي ميت غمربعد ان انجز المهمة التي كان فيها،وانه سيكون خلال ساعه بالمنزل وسألها هل تريد اي شي ياتي ، فكان ردها اريد سلامتك يا بابا، وكعادتها القت عليه موجز الانباء واخبرته بان الكهرباء مقطوعه في المنزل وانها تستعد لنشر الغسيل وبعد نصف ساعه كان هاتف الاب يعلو بجرس الرنين فتوقع ان يمني تذكرت شيئا وتريد اخباره، ولكن المكالمة حملت خبرا غير سار ، المتصل كانت والدتها التي اطلقت صرخة اسثغاته تطلب منه ان يسابق الريح حتي يصل لينقذ الموقف، قالت له في سطور ان يمني سقطت من بلكونه الدور السادس اثناء نشر الغسيل وهي بين الحياة والموت في المستشفي مع نهاية المكالمة كانت دموع زميلنا جمال عبيد تتساقط من بين اهداب عيونه ، اضطربت اعصابه و قاد سيارته باقصي سرعه الامر الذي جعل صديقه طلعت يطلب منه ان يقود بدلا منه حتي لاتكون هناك حادثه بسبب قيادته السريعه ولكنه رفض وطلب منه ان يعرف اخر الاخبار بالمستشفي، نصف ساعه هي عمر الطريق الي المستشفي ولكنها مرت علي الاب وكانها الف عام ،صورة ابنته كانت امامه كان يتذاكر كل مواقفها معه هي اكبر ابنائه واكثرهم حنانا ،كان يتعامل معها علي انها شقيقته الصغري ربما كان يخفي علي زوجته اشياء عديده ولكنها يستحيل الا يخبر يمني بها. وعندما توقفت السيارة امام المستشفي نزل منها دون اغلاق ابوابها او موتورها واسرع الي الغرفه التي بها ابنته وكانت بغرفة العمليات الاطياء يحاولون اسعافها دخل رغم انف الطبيب ، شاهدها وهي تصارع الموت الدماء تسيل من الراس والفم نظرت اليه وابتسمت وكانها تودعه ولكنها لم تتكلم، وبكي الاب من شدة البكاء امر الطبيب باخراجه للخارج. ومع خروجه عرف الحكاية قالوا له انها سقطت من الدور السادس لانها أرادت ان تصل الي الحبل الرابع البعيد في البلكونه فارادت ان تصعد الي طرف البلكونه لتضع الغسيل الذي في يديها علي الحبل الرابع ولكنها في لحظة اختل توزانها وسقطت في الشارع علي مقلب زبالة بجوار محول كهرباء كل المارة كانوا يخافون الاقتراب منها كانت تشير بيديها لانها لاتستطيع الكلام وفجأة يظهر رجل شهم يصرخ في من ينقله إلي المستشفي بدلا من الفرجة. ولم يكن هناك فرصة لاحضار سيارة بل اوقف سيارة ملاكي وطار بها الي للمستشفي ، الدماء كانت تتساقط من فمها وراسها بغزارة بمجرد وصولها الي المستشفي كانت حالة الارتباك من المنظر الذي جاءت به، يارب طرقه المستشفي تمتليء بالعشرات من اقارب الاب واخوال يمني الكل يدعو في نفس واحد يارب يكتب لها الشفاء ، وهناك من امسك بمصحف وتوضأ ليقرا قران لها ربما يكتب الله لها الشفاء ، ولكن الله يختار من يحب فجأة خرج الطبيب واتجه ناحية الاب معلنا له الخبر الاليم قائلا البقاء لله .. يمني انتقلت روحها من دقائق قليلة الي خالقها، صرخة والدتها صرخة اسثغاته وبكي شقيقها بحرقه أما الاب فصمت والدموع تتساقط منه وجلس في مكان مظلم بالمستشفي يبكي وهو يتذكر ايام السعادة والحب مع ابنته أول العقود التي ودعته اليوم بارق كلام يسمعه اب من ابنته، وفي الساعات الاولي من اليوم الجديد وقبل صلاة الفجر كان جثمان يمني يصلي عليه ويتم دفنها في مقابر ميت غمر بعد أن صعدت روحها الي الله سبجانه وتعالي ولكن دفتر الذكريات مع والدها ووالدتها واشقائها واقاربها صعب ان تمحيه سنوات طويلة، وصدق من قال لوالدها ان الله اختارها في شهر من يموت فيه يكتب له الغفران ، هي ماتت في اواخر شعبان قبل بداية رمضان بساعات قليلة ربما تقابلت روحها مع رحمة الله الموجهة لارض الله رحم الله يمني .. يعيش الانسان ويرحل وتبقي ذكرياته مع الغير صعب ان تنسي الا بفناء من عاشها وربما الذكريات تورث للاحفاد ان كانت ذكريات سعيدة