وائل أبو السعود لا أحد ينكر دور الدكتور محمد البرادعي في الثورة المصرية. ولا أحد ينكر ان الرجل واجه حملة اعلامية مباركية شرسة قبل وبعد الثورة. ولا أحد ينكر ان الرجل ظلم كثيرا وأهين في وطنه بينما العالم كله يرحب به ويحترمه ويقدره. مع قيام ثورة 25 يناير 2011 عقد المثقفون المصريون والثوار آمالا عريضة علي الدكتور البرادعي وطالبوه بضرورة العودة إلي مصر للمشاركة في الثورة التي غرس بذرتها الاولي في عقول شبابها. ووصل الرجل ومنعته قوات حبيب العادلي من الوصول إلي ميدان التحرير في جمعة الغضب.. واثر الرجل السلامة وترك الساحة للشباب لينتصروا ويحققوا المعجزة ويسقطوا نظام مبارك الحديدي في أقل من 18 يوما. بعد انتصار الثوار. طالب المثقفون المصريون الدكتور البرادعي بالترشح للرئاسة.. وحاول الرجل كثيرا ان يقنع اتباعه بانه ليس طالب سلطة وانه مستعد لخدمة مصر من أي موقع.. وهذا موقف نبيل من رجل محترم.. ولكن للأسف كان موقف الثوار والمثقفين المصريين في مواجهة فلول نظام مبارك ضعيفا.. فقد شعر الثوار انهم بلا خبرة ويحتاجون إلي قائد.. ولم يجدوا سوي الدكتور البرادعي قائدا محترما يحمي الثورة المصرية. ووافق الرجل علي مضض ان يترشح للرئاسة. ولكن زادت الحملات الاعلامية المباركية عليه فعاد مرة اخري ليؤثر السلامة ويسحب ترشحه للرئاسة ويبتعد عن الساحة تاركا الثوار بمفردهم في مواجهة فلول نظام مبارك من ناحية والتيار الديني الساعي للسلطة من ناحية أخري. وأخيرا.. عثر الثوار علي ضالتهم المنشودة بعد شهور من التمزق والفرقة.. وقرروا انشاء حزب ولجأوا إلي الدكتور البرادعي من جديد والذي وافق علي ان يكون احد الوكلاء المؤسسين للحزب الجديد والذي يسعي د.البرادعي ليكون حزبا سياسيا قويا علي غرار حزب (المؤتمر) الهندي الذي اسقط الامبراطورية البريطانية. وأكد الدكتور البرادعي ان الحزب الجديد -ايا كان اسمه الثورة أو الدستور- لا يسعي للحكم إلا بعد اربع سنوات وانه لن يكون حزبا للصفوة وانما سيضم كافة اطياف الشعب المصري. وفي رأيي ان حزب الدكتور البرادعي عليه العمل الشاق من الآن.. لأن الرجل المحترم يفتقد إلي الشعبية الحقيقية بين اطياف الشعب المصري الذين مازالوا يصدقون اعلام فلول مبارك بل ان هناك متعلمين إلي الآن يرون ان الدكتور البرادعي كان سببا اساسيا في احتلال العراق وانه مجرد عميل امريكي(!) وخطأ الدكتور البرادعي الاساسي كان في الاعتماد علي مجموعة من الشباب قليلي الخبرة بمواجهة الحملات الاعلامية الشرسة.. والتاريخ يذكرنا دائما بان القيادات السياسية لابد لها من آلة اعلامية مؤثرة في الناس البسطاء.. فالزعيم جمال عبدالناصر كان يسانده هيكل والرئيس السادات كان يسانده موسي صبري اما المخلوع مبارك فقد وقع في الخطيئة الكبري ولم يسانده احد لانه كان يكره الصحفيين ولايحترمهم فوقف وحيدا في مواجهة الشعب وسقط بسرعة الصاروخ. الدكتور البرادعي مطالب الآن وهو ينشيء حزبه الجديد ان يتعلم من دروس الماضي وان يلتفت إلي قوة الاعلام وتأثيره في الناس وخاصة البسطاء منهم. علي الدكتور البرادعي ألا يكتفي بالنية الحسنة وان يعمل جاهدا علي تغيير صورته عند الناس.. فنبل الاخلاق مصطلح لا تعرفه السياسة.. والثبات علي الموقف في عجلة السياسة الدائرة والتي لاتتوقف نتيجته سلبية بكل تأكيد. مصر تحتاج لرجل محترم بالفعل مثل الدكتور البرادعي. فلا تخذل هذا الشعب الطيب.