بعد تألقها في تجسيد شخصية " لويز لين " حبيبة البطل الخارق " سوبر مان " ضمن أحداث فيلم " باتمان ضد سوبر مان " والذى عرض قبل ثمانية اشهر ؛ تطل علينا من جديد جميلة سينما هوليوود ايمى آدامز قبل أن يودع عام 2016 أيامه ؛ فى عمل سينمائى جديد وهو " الوصول " ؛ والذى عرض للمرة الأولى فى الدورة الماضية من مهرجان فينيسيا السينمائى ؛ ليشهد الاسبوع الماضى صدوره بدور العرض العالمية . ينتمى الفيلم لسينما الخيال العلمى ويحمل توقيع المخرج الفرنسى الجنسية الكندى المولد دينيس فيلينوف ؛ الذى كانت انطلاقته الحقيقية فى عالم الاخراج من خلال فيلمه " الحريق " الذى رشح لجائزة أوسكار أفضل فيلم اجنبى عام 2011 ؛ وحتى اختراقه ابواب هوليوود بفيلمى " سجناء " ثم " القاتل المأجور " والذى قام ببطولته النجوم بينيشيو ديل تورو وايميلى بلانت ؛ ونال عنه دينيس أيضا ثلاث ترشيحات لجوائز الاوسكار . أما " الوصول " فهو مقتبس عن قصة قصيرة بعنوان " قصة حياتك " لكاتب قصص الخيال العلمى الصينى تيد شيانج . ويقف امام ايمى فى الفيلم كل من النجم الأمريكى جيريمى رينر والاسكتلندى صاحب جائزة الاوسكار فورست وايتكر . عبقرية الفكرة عرض الفيلم للمرة الأولى - كما ذكرنا فى السطور السابقة - ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا السينمائى فى دورته الأخيرة ؛ وكان منافسا قويا على جائزة المهرجان الكبرى وهى الأسد الذهبى ؛ بعد حالة الابهار الكبيرة التى أحدثها بين النقاد الحاضرين ؛ ورغم انه لم ينجح فى اقتناص الجائزة ؛ الا أن المتابعين اعتبروه من أفضل افلام سينما 2016 وليس من افضل افلام المهرجان فحسب . المثير أن افلام الخيال العلمى عادة تشتهر بالطابع التجارى الذى لا يستميل اشادات النقاد كثيرا ؛ ولكن ما يميز فيلم " الوصول " عن غيره من افلام الخيال العلمى ؛ انه يتطرق لفكرة أصبحت هامة وملحة فى عصرنا الحالى . حيث يتناول ظهور كائنات فضائية غريبة على سطح الأرض ؛ وهو ما يدفع السلطات الأمريكية للاستعانة بخبيرة لغوية متخصصة فى فك الشفرات التى تتحدث بها الكائنات الفضائية ؛ حتى تستطيع التواصل معهم ومعرفة السبب الذى دفعهم الى المجئ الى كوكب الأرض دون اى سابق انذار ؛ والمثير أن تلك الخبيرة تعيش ازمة نفسية سيئة بعد رحيل ابنتها عن الحياة . وبعد قبول الخبيرة اللغوية لمهمة التواصل مع الكائنات الفضائية ؛ تبدأ مرحلة غير متوقعة من الصراع بين البشر وبعضهم البعض لا بين البشر والفضائيين ؛ والسبب فى ذلك الصراع هو انقسام الناس حول تحديد الهدف من التواصل مع الكائنات الفضائية ؛ ما بين فريق العلماء الذى لا يشغله سوى االمعرفة العلمية والتوصل الى لغة جديدة لم يسبق لأحد على الكوكب أن تحدث بها ؛ وبين عامة الناس المتخوفين من أن يعقب ذلك التواصل اعلانا بالحرب وتدمير كوكب الأرض ؛ وبين فريق ثالث يمثله القادة العسكريين الذين يبحثون عن المميزات العسكرية التى قد يحصلون عليها ؛ فى حالة حدوث تعاون بينهم وبين الكائنات الفضائية . لتأتى النتيجة المؤسفة التى تخيب كل الآمال بعد فشل الفريق المكلف من السلطات فى التواصل مع الكائنات ؛ لتسود دول العالم اجمع حالة من الهرج والشغب نتيجة تضاؤل الأمل فى النجاة . الا أنه بمرور الأحداث ؛ تستطيع خبيرة اللغويات فهم لغة الكائنات شيئا شيئا ؛ ليأتى الجزء الأخير من الفيلم من أروع ما يمكن مشاهدته ؛ فيكفى أن كبار نقاد السينما فى العالم خرجوا من قاعات العرض والدموع اما انسابت من أعينهم او على وشك الخروج ؛ وهو ما يشير الى قمة التاثر والتعاطف الذى ربط بين المشاهدين والفيلم . الخروج عن النص حرص كاتب السيناريو إريك هيسرر خلال عملية صياغة العمل ؛ الا يلتزم بشكل حرفى بكل ما تضمنته رواية " قصة حياتك " المأخوذ منها العمل ؛ وذلك لاحتوائها على كثير من التفاصيل العلمية المعقدة التى سيصعب على المشاهدين غير الدارسين للعلوم فهمها او تفسيرها من الأساس . ليخرج فى النهاية من تحت أيدى هيسرر سيناريو بديع وفريد من نوعه ؛ فيقرر فيلينوف تتويج ذلك السيناريو بأسلوب اخراجى محنك اقرب الى الاسلوب الاخراجى لعملاق الاخراج ستيفن سبيلبرج ؛ ومع الميزانية الكبيرة التى وضعت من أجله والتى قدرت بسبع وأربعين مليون دولار ؛ كانت النتيجة تتلخص فى اجماع النقاد على اختيار " الوصول " كأكثر دراما خيال علمى تميزا وعبقرية فى السنوات العشر الأخيرة . وبهذا العمل؛ استطاع فيلينوف ان يصنع حالة غير مسبوقة فى عالم سينما الخيال العلمى قد تصنف على انها تجربة متفردة فى حد ذاتها ؛ أما ايمى ادامز فمن المؤكد أنها بتقديم شخصية عالمة اللغويات ؛ قد حجزت لها مقعدا بين المتنافسات بشراسة على جوائز الاوسكار المقبلة .