»ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة». حديث شريف.. هكذا علمنا ديننا الحنيف وحثنا علي غرس الاشجار لينتفع بها كل المخلوقات، ومن هذا المنطلق جاءت مبادرة »شجّرها» التي قام بها المهندس عمر الديب ومجموعة من أصدقائه لنشر ثقافة غرس الاشجار المثمرة في شوارع مصر والاستفادة من العلم الحديث في زراعة الاسطح والمنازل من خلال تقنية الزراعة بدون تربة أو ما يسمي »هيدروبونيك» والتي لاقت ترحيبا وتشجيعا وتفاعلا.. حول هذه المبادرة »الخضراء» ومردودها والعقبات التي واجهتها يتحدث المهندس الشاب عمر الديب في سطور الحوار التالي.. الفكرة تساهم في تحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة المسئولون يتعاونون والمواطنون يتطوعون لإنجاح المبادرة في البداية نود التعرف علي مبادرتك »شجّرها» وكيف راودتك الفكرة؟ - إيمانا بأننا كشباب لابد أن يكون لنا دور في المجتمع وتنمية بلدنا خصوصا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي نمر بها حاليا، ولانني متخصص في مجال السلامة والصحة المهنية وحماية البيئة، وحصلت علي دبلومة هندسة البيئة من جامعة القاهرة في عام 2014، فكل ذلك كان له الاثر في تكوين شخصيتي المحبة للبيئة والحفاظ عليها من جميع الملوثات.. والفكرة بدأت عندما رأيت امام العمارة التي اسكن بها عمالا فقراء يأكلون من ثمار شجرة التوت التي قام بزراعتها جيراني كصدقة جارية، جعلني هذا الموضوع ابحث في اقرب مشتل لي عن شجر مثمر، ثم كتبت علي صفحتي الشخصية علي موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك عن نيتي القيام بزراعة شجر مثمر كصدقة جارية وان يشترك معي اصدقائي، وبالفعل الموضوع لاقي استحسانا كبيرا وتشجيعا من اصدقائي، ثم تطور الامر لعمل صفحة علي الفيسبوك لتشجيع الناس علي زراعة الشجر المثمر وحماية البيئة، لان الشجر المثمر فوائده كبيرة جدا سواء كطعام للناس أو تنقية الجو من التلوث، وقمنا بتسمية المبادرة باسم »شجّرها» لكي تدفع الناس الي التشجير ويكون اسمها جذابا. ومن هنا بدأت في مجال الزراعة والقراءة عنها وتشجيع الناس علي الزراعة بأبسط الطرق والامكانيات المتاحة وتقديم النصيحة بأفضل الاشجار التي يتم زراعتها والمفيد منها بالطبع. مثل البرتقال والليمون والجوافة والتوت والنبق والنخيل والمورينجا وغيرها. هيدروبونيك وماذا عن تجربتك مع الزراعة بدون تربة؟ - لقد قمت بتصنيع نموذج الزراعة المائية الحديث (هيدروبونيك) أو الزراعة بدون تربة بالتعاون مع احد اصدقائي ووضعت النموذج في بلكونتي لكي اشرح للناس طريقة عمله وكيفية الزراعة فيه وتدربت عليه اولا وكنت موفقا فيه جدا الحمد لله وزرعت خضراوات متنوعة ونجحت جميعها الحمد لله مثل (الخيار والجرجير والبقدونس والشبت والريحان والكرفس والنعناع والمورينجا) ولاقي النموذج ترحيبا كبيرا جدا وتشجيعا، وقام اشخاص كثيرون بعمل هذه النماذج لديهم والاستفادة من الزرع الذي قاموا بزراعته كما نعمل حاليا علي التشجيع علي زراعة أسطح المنازل بالطرق الحديثة. ما مدي حفاوة وتعاون الجهات المسئولة مع المبادرة؟ - لقيت المبادرة تعاونا وتشجيعا من وزارة البيئة ولقيت دعما معنويا من خلال حضور د. خالد فهمي وزير البيئة فعاليتين قامت بهما »شجرها» في البداية وهما اشتراك »شجرها» في يوم البيئة العالمي يوم 3 يونيو الماضي في محمية وادي دجلة، وكذلك وجوده معنا في »ايفنت» شجرها في المعادي يوم 30 يونيو الماضي وزراعة 65 شجرة مثمرة في شارع القنال. ومن الجهات التي تعاونت مع المبادرة رئاسة حي المعادي يوم 30 يونيو، وكذلك رئاسة مركز ومدينة رأس البر ومحافظة دمياط عندما قمنا كمبادرة شجرها بزراعة 500 شجرة مثمرة في هذه الاماكن في شهر اغسطس الماضي والحمد لله عندما يتم اقامة اي فعالية يكون الحضور متميزا. فالأفراد المتطوعون كثيرون ويختلفون باختلاف الاماكن التي ننشر الفعاليات فيها. أهداف المبادرة ما الأهداف الأساسية التي تسعي اليها من خلال مبادرة شجرها؟ - الاهداف كثيرة منها زراعة شجر مثمر في جميع مدن ومحافظات مصر (مثل البرتقال والليمون والتوت والجوافة والنبق والنخيل والمورينجا) وان تكون صدقة جارية تعود بالنفع علي كل من يشارك في هذه المبادرة. وتنمية الوعي البيئي لدي جميع فئات المجتمع المصري. والمساهمة بقوة في حل ظاهرة التغيرات المناخية. والمشاركة في التنمية المستدامة في المجتمع المصري. والحفاظ علي البيئة من التلوث من خلال توحيد الهدف البيئي عن طريق مشاركة جميع الخبراء والشباب المؤمن بقضايا البيئة. كيف يمكن تعميم هذه المبادرة في جميع محافظات مصر؟ - يمكن تحقيق ذلك اذا اتخذت الدولة هذه المبادرة مشروعا قوميا لتوفير الغذاء للجميع بتكلفة بسيطة جدا سواء بزراعة الشوارع بالاشجار المثمرة ومتابعتها أو عن طريق مساعدة الناس في تصنيع نماذج الزراعة المائية الحديثة (الهيدروبونيك) الي جانب تعميم هذه المبادرة في المدارس والجامعات وتدريس اساسيات الزراعة التقليدية والحديثة بأسلوب شيق وجذاب للطلاب.. وتعميم المبادرة في جميع المصالح الحكومية واستغلال المساحات الشاسعة سواء من اراضي الحدائق أو الاسطح.. واستخدام واستغلال مياه الوضوء في ري الاشجار المثمرة بعد معالجتها معالجة بسيطة. بالاضافة الي قيام الافراد باستغلال البلكونات والاسطح في زراعة بعض الخضراوات والنباتات العطرية التي يستخدمها كل بيت. وقيام كليات الزراعة بعمل حملات توعية والمساعدة في تقديم المشورات الفنية الخاصة بالزراعة ومتابعة الاشجار. ما الصعوبات التي واجهتكم اثناء التنفيذ؟ - واجهتنا صعوبات عديدة منها عدم تنفيذ حلم جعل العبور أول مدينة مثمرة علي مستوي مصر والشرق الاوسط بالكامل نتيجة عدم وجود قانون يسمح بزراعة الشجر المثمر في الشوارع، حيث أنني توجهت في بداية المبادرة في شهر ابريل الي جهاز مدينة العبور لكي ادعوهم للاشتراك في المبادرة معنويا وليس ماديا، حتي لا يقوموا بقطع الاشجار المثمرة التي سيقوم اعضاء المبادرة والاهالي بزراعتها، ولكن الطلب الذي تم ارساله بواسطتهم الي وزارة الاسكان لم يتم الرد عليه الي الآن، ولذلك تعثر الحلم في مدينة العبور. وأيضا عدم تنفيذ فعالية »شجرها» مع المدارس الحكومية في مدينة العبور ايضا، لعدم وجود قانون يسمح بزراعة اشجار مثمرة في المدارس، ولكني قمت بتغيير الخطة لتكون شجر ظل وزينة ولكن ايضا قوبلت بالرفض لاسباب لم يريدوا الافصاح عنها حتي الآن. وطبعا عدم وجود متطوعين كان شيئا صعبا، نظرا لغياب فكرة العمل التطوعي في مصر عامة. ولكن بتوفيق الله وبالصبر والعزيمة والاصرار علي تحقيق الهدف، وحبي للوطن وانتمائي له كان هو الدافع الكبير لكي احارب من اجل تحقيق هذا الهدف، لان مصر تحتاج منا ان نبذل الجهد والعرق لكي تكون في مكانة عالية، وان يكون اقتصادها قويا وبيئتها نظيفة وجميلة. حملات توعية وما الخطط المستقبلية لتنفيذ هذه المبادرة؟ - نطمح الي زراعة 90 مليون شجرة مثمرة حتي عام 2030 ونعمل حاليا حملات توعية في كل من مدينة العبور وحي المعادي من خلال التعاون مع جمعية المستثمرين بمدينة العبور وتعميم مبادرة شجرها في جميع الشركات. بالاضافة الي التعاون مع وزارة البيئة في جميع الأحداث التي تخص التوعية مثل المحميات والندوات البيئية والمؤتمرات. والتعاون ايضا مع بعض الجمعيات البيئية وتنظيم حملات توعية وزراعة الاشجار المثمرة والقيام بمبادرة الطفل المثمر وذلك بتعليم الأطفال وتوعيتهم بأهمية زراعة الاشجار المثمرةوترشيد المياه عن طريق استخدام مياه الوضوء الرمادية بالمساجد في ري الاشجار المحيطة بالمساجد واستخدام وتطويع الفن والاعمال التشكيلية في نشر ثقافة وفكر المبادرة بطرق مبتكرة. كما نعمل علي تشجير كورنيش المعادي بثلاثة أنواع من الشجر المثمر بالتعاون مع حي المعادي ووزارتي البيئة السياحة. حدثنا عن أحلامك؟ - أحلامي كثيرة اهمها ان تتقدم مصر وتنهض في اقرب وقت في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها حاليا. وان ينتشر العمل التطوعي والمشاركات الايجابية ونشر الايجابيات والقضاء علي السلبيات والاحباطات. وان تكون شوارع مصر مثمرة وان تساهم في تحقيق الامن الغذائي، وكذلك ان يتم زراعة البلكونات والاسطح بنظم الزراعة الحديثة. وزراعة 90 مليون شجرة مثمرة حتي عام 2030. وإقامة 27 مجمعا بيئيا متكاملا في محافظات مصر. ومشاركة الحكومة في تنفيذ سياسة التنمية المستدامة مصر 2030.