بمشاركة 962 دار نشر من مختلف الدول، انطلقت الدورة ال21 من فعاليات صالون الكتاب الجزائري ( 27 أكتوبر- 5 نوفمبر)، ومن بين هذا العدد ما يقرب من 291 ناشرا جزائريا، ولأول مرة يشارك ناشرون من الهند واليونان، وبعد انقطاع دام أكثر من خمس سنوات تعود المشاركة الروسية مرة أخري، وقد بلغت نسبة التخفيضات في الصالون ما بين 25 إلي 40٪. صاحب الصالون الذي اختار مصر ضيف شرف هذه الدورة، نخبة من الفعاليات المتنوعة التي وصلت إلي ثمانية أنشطة رئيسية، بخلاف نشاط مصر، وقد جاءت هذه المشاركة متنوعة وثرية وتميزت باختلاف أجيال المشاركين وتوجهاتهم ورؤاهم، وتنوعت ما بين المحاضرات واللقاءات والندوات الأدبية في القصة والشعر والرواية والحكي. وسام الكمال لسلماوي افتتح الجناح المصري الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال، وعز الدين ميهوبي وزير الثقافة، في حضور الكاتب محمد سلماوي رئيس الوفد، ود. ممدوح الدماطي وزير الآثار السابق، ود. هيثم الحاج علي رئيس هيئة الكتاب، والسفير عمر علي أبو عيش سفير مصر بالجزائر، وأعضاء الوفد الرسمي والإعلامي. وفي اليوم التالي للافتتاح أقيمت ندوة عن العلاقات الثقافية المصرية الجزائرية، أكد فيها محمد سلماوي علي عمق هذه العلاقات وقدمها، وأن الثقافة هي الوسيلة المثلي للوحدة بين الشعوب، لأنها تخاطب الروح والوجدان، في حين قدم د. هيثم الحاج علي في كلمته الدعوة الرسمية لكي تكون الجزائر ضيف شرف معرض القاهرة الدولي للكتاب العام 2018، وعلي الفور أعلن عز الدين ميهوبي وزير الثقافة الجزائري موافقته وشكره علي هذه الدعوة، وأوضح أن مصر إذا كانت ضيف شرف هذه الدورة، فإنها لم تغب ولا مرة عن دورات الصالون منذ انطلاقه من عشرين عاما، وتعرض في كلمته إلي التذكير بالدعم الكبير الذي حظيت به الثورة الجزائرية من مصر عسكريا وسياسيا وإعلاميا، وفي نهاية اللقاء منح عز الدين ميهوبي درع الكمال الثقافي وهو أرفع درع تمنحه وزارة الثقافة الجزائرية إلي الكاتب الكبير محمد سلماوي تقديرا لابداعاته وجهوده، ومن جانبه اعتبر سلماوي هذا الدرع تكريما لمصر وليس لشخصه فقط، لأنه يجيء في إطار مناسبة دولية كبيرة، كما قام بتوقيع عدد من أعماله. رؤي متجددة والحقيقة أن هناك شخصيات ساهمت في لفت الأنظار بقوة إلي المشاركة المصرية، منها د. ممدوح الدماطي الذي كانت حركته داخل وخارج الجناح تتميز بثقافة رفيعة، فمن خلال زيارته لعدد من المواقع الأثرية والمتحفية، لفت الدماطي الأنظار إلي ضرورة وجود تعاون مصري جزائري في مجال الآثار، وقد أعلنت الصحف الجزائرية عن رغبة وزارة الثقافة الجزائرية في استضافة الدماطي من أجل إجراء بحوث مشتركة، لاسيما عن منطقة الأهرام السبعة، أو عن الهرم الذي يقع في ولاية تيبازة، والذي زاره الدماطي، وحرص علي دخول حجر الدفن أسفل الهرم وذكر بدقة معلومات عن صاحبة هذا الهرم كليوباتر سليني وزوجها الملك يوبا الثاني وعن وظيفة حجر الدفن التي تصاحب المتوفي من الملوك والملكات. كما ألقي د. الدماطي محاضرة في الجناح المصري بعنوان " تاريخ مصر الفرعونية.. رؤي متجددة" استعرض فيها ملامح من هذا التاريخ، متوقفا عند عدد من المحطات ذات الدلالات الثقافية والفنية، منها أن المصريين القدماء كانوا أول رواد للفن المسرحي، وكان لهم السبق في وضع أسسه وقواعده التي تتفق مع الدين، والتي نمت وتطورت بتطور الحضارات المختلفة التي ارتبطت بمصر، وأشار إلي بردية ريند المحفوظة بالمتحف البريطاني وهي من البرديات الهامة التي تناولت موضوع إعداد الممثل للدور الذي يقوم به، ومن الأمور التي استرعت انتباه هذه المحاضرة ما ذكره الدماطي عن تكليفات الوزراء في عهد تحتمس الثالث، فقد ذكر من ضمن التعليمات التي توجه لهم ( أما بالنسبة للوزير فإنه منصب ليس حلوأ، بل هو مر يتجرعه)، كما أشار إلي أن تاريخ مصر يشهد لها بالسبق حين عملت منذ آلاف السنين بمقتضي " ماعت" وهي مفهوم فلسفي أخلاقي يعني الحق، العدل، النظام، ومن ضمن ما توقف عنده الدماطي في محاضرته وثيقة زواج بالخط الديموطيقي وبورتريهات الفيوم. في مواجهة التطرف اختار د. نبيل عبد الفتاح أن تكون ورقته عن موضوع هام، خاصة في هذه الأيام، إذ جاءت مشاركته بعنوان " الثقافة المصرية في مواجهة ثقافة التطرف والعنف والإرهاب" أشار فيها إلي الدور الذي لعبته الجماعة الثقافية المصرية ورموزها وطلائعها المنتجة للثقافة العامة، وبالمعني الواسع للإنتاج الثقافي، دورا مهما، ويعود ذلك إلي تقاليدها وقوتها الرمزية، وأن المثقف الحديث كان أحد بناة الدولة الحديثة ولعب دورا تاريخيا في تطور السياسة ومفاهيمها، وفي بناء مؤسسات الدولة، وفي إطار الحركة القومية، وفي نقد السلطة السياسية وغيرها من السلطات الأخري الدينية والتقاليد والعادات البالية، وأشار- أيضا- إلي دور مهم للمثقف في الدفاع عن الاستقلال الوطني وفي الحوار حول نماذج التنمية، فضلا عن دوره التبشيري والطليعي بالأفكار الكبري والجديدة في دوائر الثقافات العالمية والثقافة الكونية، وكذلك دور المثقف في مواجهة الأفكار المتطرفة أيا كانت مصادرها. تنويعات مختلفة تميزت المشاركة المصري بتنويعات ثقافية مختلفة، فقد استطاع المنشد علي الهلباوي أن يجذب الجمهور إلي صوته المتميز، كما تواصل الحضور مع حكي أحمد أبو خنيجر وعود حسن زكي، وبراعة طارق إمام وعزة سلطان في حوارهما مع الحضور حول التجارب الروائية والقصصية، وكذلك إلقاء سالم الشهباني لعدد من قصائده بشكل استحق عليه تحية الحضور، وتواصل البرنامج الذي تضمن كذلك ندوة عن الصحافة العربية ودورها في التواصل العربي، تحدثت فيها سلمي أنور، وقدمها شوكت المصري، الذي قدم- أيضا- الأمسية الشعرية ، وشارك- كذلك - في هذه الفعاليات: الفنان أحمد الحجار، الشاعر ناصر دويدار، وعن مصر وثورة التحرير دارت ندوة د. أحمد الشربيني، التي قدمها سيد الوكيل، الذي قدم أيضا- ندوة الرواية والدراما التي تحدث فيها عبد الرحيم كمال. الصالون استضاف من خلال أنشطته الثمانية، التي شهدتها مختلف القاعات مجموعة بارزة من الأسماء الإبداعية العربية والأجنبية مثل: ربعي المدهون، جان نوبل بانكرازي، جان كريستوف، الحبيب السائح، واسيني الأعرج، وغيرهم، كما احتفي الصالون بذكري مرور أربعمائة سنة علي وفاة سرفانتيس وشكسبير، ومن الأنشطة التي كانت لافتة للنظر، نشاط " عندما يذهب الأدب إلي المدرسة" الذي تناول بداخله العديد من الموضوعات التي تصب في النهاية إلي ضرورة وصول الأدب إلي المناهج التعليمية. ونظرا لعدم تمكنه من حضور الافتتاح لمشاركته في مؤتمر الشباب بشرم الشيخ، إلا أنه حرص علي المشاركة في فعاليات الصالون، لذا قدم إلي الجزائر لمدة يوم واحد الكاتب الصحفي حلمي النمنم، الذي تفقد الجناح المصري والأجنحة الأخري برفقة عز الدين ميهوبي، وتحدثا في لقاء مفتوح عن العلاقات المصرية الجزائرية، وفي اليوم التالي شهدت وزارة الثقافة الجزائرية لقاء مغلقا مع ميهوبي لبحث دفع العلاقات في المجال الثقافي من خلال أجندة محددة، منها تعزيز العلاقات في مجال السينما والنشر ومجال التنقيب والبحث عن الآثار.