تهديد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لتركيا بأن حرباً وشيكة قد تنشب بين أنقرةوبغداد، قابله تحذير من نظيره التركي، بن علي يلدريم، بأن تكرار مثل هذا الكلام هو أمر خطير ومستفز، ويأتي تصاعد حدة التوتر بين الجانبين علي خلفية استعداد الجيش العراقي، مدعوماً بميلشيا الحشد الشعبي الشيعية، لاستعادة مدينة الموصل من أيدي تنظيم داعش، وفي الوقت نفسه تبدي تركيا رغبة في المشاركة في تحرير المدينة من خلال قوات عراقية سنية تدربها في معسكر بعشيقة الواقع بمدينة نينوي، فضلاً عن تواجد فيلق عسكري تركي، قوامه 2000 جندي، في العراق منذ عدة أشهر دون رضي من الحكومة المركزية العراقية ذات الأغلبية الشيعية. وأعلن يلدريم أول أمس: »يتولي جنودنا مهمة مفيدة جدا في العراق. وليست لنا أي نوايا عدائية تجاه العراقيين، بل إن جنودنا يحاربون مسلحي داعش»، وفي نفس السياق أكد وزير خارجيته مولود جاويش أوغلو أن »القوات التي دربناها في معسكر بعشيقة هم من أهل الموصل، ومن الأهمية بمكان مشاركة هذه القوات لضمان نجاح العملية»، وأضاف أن »إشراك ميليشيات شيعية في العملية لن يحقق السلام للموصل، بل علي العكس ستزداد الأزمة تفاقماً»، وتابع »تركيا مستعدة لدعم الهجوم». أما حيدر العبادي فقال خلال مؤتمر صحفي في بغداد إنه »لا يوجد مبرر لتواجد الأتراك في العراق، وهو أمر خطير، ونحن في العراق لم نطلب أي تواجد للقوات التركية، ولا توجد في بلادنا أي قوة أجنبية»، وأضاف: »السيادة العراقية خط أحمر، وعلي تركيا احترام سيادتنا، لأننا لا نريد الدخول في صراع معهم، ولا يظن الأتراك أن تواجدهم في العراق نزهة لهم»، مشيرا إلي أن »تصرف القيادة التركية غير مقبول بكل المقاييس»، وأضاف أن العراق طلب أكثر من مرة من الجانب التركي عدم التدخل في الشأن العراقي، محذرا من أن تتحول »المغامرة التركية إلي حرب إقليمية». وقدم العراق يوم الخميس طلبا إلي مجلس الأمن لعقد جلسة طارئة لمناقشة التجاوز التركي علي أراضيه والتدخل في شؤونه الداخلية، كما تبادل الطرفان استدعاء السفيرين في بغدادوأنقرة الأربعاء الماضي، ليعرب كل منهما عن استيائه من تصريحات الطرف الآخر. الموقف الملتهب بين تركيا والحكومة العراقية الشيعية الموالية لإيران، يُعيد للأذهان صراعا شرسا بين أنقرة وطهران لفرض النفوذ علي العراق وأهم تلك الصراعات كان بعد معركة جالديران عام 1514، التي رسمت الحدود الجغرافية بين الدولتين، لتأتي بعدها سلسلة الحروب والصراعات السياسية والاجتماعية التي نشبت بين الإمبراطورية العثمانية والدولة الصفوية في ايران وتحديداً في الفترة ما بين 1636و1623، من أجل السيطرة علي بلاد ما بين النهرين (العراق)، والتي انتهت أخيراً بانتصار العثمانيين، حيث ضمت الإمبراطورية العثمانية، (العراق) منذ ذلك الحين إليها، ثم فقدته في أعقاب الحرب العالمية الأولي. وإذا كان حجم التبادل التجاري بين تركياوإيران يبلغ اليوم 500 مليون دولار، وإذا كانت أنقرة قد مدت يد العون لطهران إبان العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب عليها لمدة 9 سنوات بسبب البرنامج النووي الإيراني، فإن تاريخ هاتين الدولتين في غاية الدموية، وما يفسر وجود الشمس علي العلم الإيراني الذي اختاره الشاه إسماعيل الصفوي، هو الرد علي القمر أو الهلال المتواجد علي العلم التركي، في إشارة إلي أن ما بين البلدين هو صراع بين الشمس والقمر، ليس هذا فحسب، فبعض الباحثين يرجع الصراع بين المشروعين الصفوي الإيراني من جهة والعثماني التركي من جهة أخري، إلي اعلان السلطان إسماعيل الصفوي تشيع إيران في بدايات القرن السادس عشر الميلادي، وكانت الأغلبية في إيران سُنية آنذاك، وذلك لدعم قدراتها علي الصراع مع تركيا بالروافد المذهبية.