يعرفه الكبار والصغار، لا يكاد يخلو منه بيت، فقيرا كان أم غنيا، تستيقظ الأم مع ساعات الصباح الأولي كي تجهزه من أجل أطفالها ليأخذوه معهم إلي مدارسهم، ربما تجده في الأفراح والمناسبات ولبيعه تنتشر آلاف المحلات، من العربات البسيطة التي تقف علي نواصي الشوارع وفي مواقف السيارات، أو حتي في المطاعم الفاخرة، التي صارت تتنافس لتقدم الجديد والغريب منه شكلا وطعما.. إنه »الساندويتش»، الذي تحول من مجرد وجبة سريعة، إلي موضة وتقليعات مختلفة تتناسب مع طبيعة عصر السرعة، وايقاعه الذي لا يهدأ تعود كلمة »ساندويتش» لثري بريطاني يدعي جون مونتاجو، ولقبه هو إيرل سندويتش عاش في القرن ال 18، وكان من أبرز الشخصيات السياسية في ذلك الوقت وعرف عنه حبه الشديد للعب القمار لدرجة الإدمان فأصبح لا يجد وقتا كافيا لتناول طعامه.. وفي أحد الأيام طلب من الخادم وضع قطعة لحم بين قطعتي خبز ليتناولها بسهولة، ومن بعدها قلده زملاؤه وأصبحوا يطلبون »ساندويتش». وأصبح »السندويتش» منذ سنوات طويلة وجبة رئيسية في مصر وبالطبع كان الفول والطعمية أشهر تلك الساندويتشات، ولا تزال، حتي وإن ظهرت منافسة من أنواع أخري مثل ساندويتشات الحلاوة الطحينية بالقشطة لكن تظل ساندويتشات الفول والطعمية نجم الشباك الأول لدي المصريين. ومع تطور الحياة، وتعدد المطاعم في مختلف أحياء مصر ومدنها، ظهرت انواع أخري جديدة من الساندويتشات منها اللانشون بأنواع متطورة مثل لانشون النعام والبسطرمة وانواع الجبن المستورد مثل الشيدر والبارميزان والجبن المطبوخ، وسندويتشات الشيكولاتة وغيرها، بجانب أن نوعية الساندويتش اختلفت لانتشار المطاعم السورية في السنوات الأخيرة، فأصبح هناك سندويتشات بالعيش السوري تحشي دجاجا أو لحما بأنواعهما المختلفة، وأصبحت الأسر المصرية تلجأ إليه خاصة لمنع أطفالهم من الشراء من الشارع فيعدون الطعام السوري في المنزل. وكما تختلف نوعية الساندويتشات باختلاف المستوي الاقتصادي لكل أسرة، تختلف أسعار وتكلفة تلك الساندويتشات، حسب طبيعة الخبز المستخدم ونوعية الحشو، فأرخصها تلك التي تستخدم ارغفة »الفينو» الذي لا يقل سعره اليوم عن 25 قرشا، ويصل في بعض الأحيان إلي جنيهين في المناطق الراقية، أما الخبز السوري فيبلغ سعره جنيها واحدا للرغيف، كما تختلف أسعار السندويتش في المطاعم حسب »الحشو» فهو يبدأ من 2 جنيه لسندويتش الفول أو الطعمية، ويصل حتي 40 جنيها لبعض ساندويتشات الشاورما سواء من الدجاج أو اللحوم أو الكفتة.. بل إن كثيرا من المطاعم أصبحت تتنافس علي ابتكار انواع غريبة من الساندويتشات شكلا وطعما وتطلق عليها أسماء غريبة مثل »النابالم» و»الديناميت» و»الحبشتكانات» وغيرها من المسميات المبتكرة جذبا لانتباه الزبائن والحصول علي الشهرة بتلك الأنواع. وكما اختلفت الخامات الخاصة بالسندويتشات وتطورت مع مرور الزمن، اختلفت أيضًا طريقة حفظها، ففي السابق كان يتم وضعه في أكياس بلاستيكية أو أوراق »الدشت»، الآن ظهر »اللانش بوكس»، الذي اجتاح الأسواق في السنوات الأخيرة، وبات من المتطلبات المدرسية تماما مثل الشنطة والأدوات المكتبية، ويتم استيراده في معظم الأحيان من الصين، وتبدأ أسعاره من 20 جنيها، وتصل إلي 50 جنيها بحسب الحجم والخامة. وتعلق منال الجندي، باحثة علم الاجتماع، بأن هذا التطور مرتبط بطبيعة العصر والمتغيرات التي يشهدها سواء في الايقاع السريع للعمل والتنقل، وعدم توافر الوقت لتناول الوجبات المنزلية، فنادرا ما تجد الأسرة الفرصة للاجتماع علي مائدة الطعام رغم أهمية ذلك تربويا وأسريا، وتستغل المطاعم والشركات العاملة في هذا المجال تلك المتغيرات بتقوم بتنويع منتجاتها لتناسب احتياجات الأفراد وأذواقهم.