دفعت شقي السنين لأشتري " تمن" سيارة نقل" الكارتة" وميزان الحمولات.. تقسم ظهريوحوش الطريق متعلمون وليسوا "جهلة" و اتهامنا بتعاطي المخدرات .. باطلسائق التريللا .. أو بالأدق سائق النقل التقيل ..متهم في نظر المجتمع إلي أن تثبت براءته .. فهو لايحترم قواعد المرور ، ويتعاطي مخدرات ، وفي أضعف الحالات ..عقاقير منبهة.. باختصار هو وحش كاسر علي الطريق !لائحة الاتهامات طويلة وحبل مرارة سائقي التريللات منها طويل ؛ لأنها باختصار اتهامات سابقة التجهيز ، ولم تترك " للمتهم" اي فرصة للدفاع عن نفسه ، والغريب أن الجميع نسي أو تناسية الجانب الإنساني وكفاح "لقمة العيش" الذي يخوضه سائقو النقل الثقيل يوميا . " أخبار السيارات" .. أمضت مع سائقي النقل يوما كاملا علي سكة الصراحة. بمجرد أن ركن علي الطريق ، بعد أن أشرنا له ، توجهنا إليه ، وبدأنا ندردش معه ، كان مرهقا، فسألناه : خير : فرد عبد الباسط متولي سائق تريللا أنا في العربية بقي لي 16 ساعة ، كنت معي حمولة رايحة قنا، داعبناه : ولايهمك أنتم وحوش الطريق ، فرد علي الفور : هذه التسمية بتظلمنا ، لأن الناس فاكرة أننا نسير علي الطرق بلا ضمير ، ونزنق علي الملاكي ، والحقيقة غير كدة ، فنحن ناس غلابة بنجري علي لقمة عيشنا ، و نترك بيوتنا و أولادنا بالأسبوع من أجل توصيل نقلة واحدة ممكن لا تتكرر مرة أخري في شهر واحد علي عكس سائقي التاكسي و الميكروباص فهم بالنسبة لنا " مدلعين " يكفي أنهم بيباتوا في حضن ولادهم كل يوم . و بسؤاله عن المشاكل التي تقابله في الطريق يوميا .. تنهد الرجل تنهيدة معجونة بألم وسرح قليلا ثم قال : صعوبة الطريق و بالأخص الطريق الصحراوي الغربي و " الكارتة " فهل يصح أن حمولتي "75 طن" ، أدفع كارتة "65 جنيه" فأنا لو مشيت قانوني " مش هجيب حق الجاز " فمن قنا إلي القاهرة لا يكفيني 500 لتر جاز ونقوم بضربهم في 185 قرش فالإجمالي يصل إلي 900 جنيه هذا حق الجاز فما بالك الطريق من قنا إلي هنا صرفت ألف جنيه ، وحكاية الكارتة والموازين دي حكاية ، فنحن ندفع كارتتين و كأننا عايشين في كذا دولة و ليست بلد واحدة فعلي سبيل المثال الكارتة الخاصة بالطرق و الكباري سمحت بعبوري بأربعين طن رغم أنها تشترط عشرين فقط و أنا لست معارضا أدفع الحمولة الزائدة من أجل أكل العيش و يقابلني ميزان أخر علي الطريق لا يعترف بكارتة الطرق و الكباري . و يتساءل عبد الباسط في أستنكار " مش الأتنين حكومة و لا أنا غلطان " فأنا أطالب بالعدل في تقدير الرسوم الخاصة بالحمولات .هل السيارة مملوكة لك أم خاصة بشركة نقل ؟ السيارة ملك لي و لأربعة أخرين فأنا أملك فيها التلت بعد غربة ثماني سنوات في الكويت قضتها هناك أعمل لدي شركات الشحن علي التريلات الكبيرة و ما بالك بالغربة و معاناتها و إلي الآن نسدد أنا و الشركاء أقساطها و علي وشك الأنتهاء منه بعد خمسة شهور .و لا اكذب عليك فهذه أول حمولة أطلعها بعد شهر رمضان و لا أمانع فالرزق من عند الله و بعد توصيل الحمولة و دفع الرسوم فلا أجد المكسب بل أدفع من جيبي فماذا أفعل أسرق و لا أنهب!. هل فكرتم في عمل نقابة خاصة بسائقي النقل ؟ يرد عبد الباسط بتلقائيته و لهجته الصعيدية : يوجد نقابة بالفعل و لكن خاصة بالسائقين عامة و ليست بسائقي النقل فقط و لا تنفعنا بشئ يذكر و لا نستفيد منها فالواحد منا لا قدر الله إذا أصابه عجز أو حادثة أو مات فلا يجد من النقابة إلا القليل " مش هيحصل 200 أو 300 جنيه " فماذا يعمل هذا المبلغ لأسرة تحتاج أن تعيش حياة كريمة لكن يا ريت يتم عمل نقابة خاصة بنا و تكون تحت إشراف الدولة و تدعمها و نتساوي بنقابات البشر الأخري " و لا عشان لسنا متعلمين فلا يحق لنا أن نعيش حياه كريمة " . هذا و ما بالك بسائقي السيارات الملاكي الذين يعاملوننا بتعالي و أننا دائما علي خطأ و هو الذي لا يتفهم حمولتنا و طبيعة فرامل السيارة و أننا لنا قواعد في السير لا نقدر بأن نتلاعب في الطريق علي العكس هم الذين لا يقدرون المسافات و أخطاؤهم كثيرة و أنا لا أنكر أنه يوجد مجموعة من سائقي النقل ممكن أن تسئ لنا لكن الأغلبية تقدر المسئولية و تخاف علي سياراتها و أكل عيشها . و تركنا السائق عبد الباسط و قابلنا سيارة نقل أخري صاحبها يدعي عمران عبد الوهاب و كان منهكا من شدة الحر ، سألناه : كيف تقضي يومك داخل هذه السيارة ؟ زوجتي و أولادي عندما يعلمون بقيامي بتحميل السيارة و السفر يأتون لي بالطعام و الشراب وتزويدي بأهم شيء في هذه الرحلة الشاقة و هي " كوباية الشاي " و في الشتاء البطاطين لا تلازم السيارة لي و للتباع الذي يرافقني في الطريق و يساعدني في كل شيء . البعض يتهمكم بأنكم " مصائب تسير علي الطريق " ؟الكلام هذا يسيء لنا كسائقين و يشعرنا بالمهانة لأننا لسنا كذلك بل نخاف علي سياراتنا " التى بناكل منها عيش " و نراعى ضميرنا فى القيادة و يكفى علينا مشقة هذه المهنة و متاعبها . كيف يتعامل رجال المرور معكم ؟مع الأسف يتعاملون معنا بكل تعالى و يفتشون على أقل الغلطات من الأخر " مش سايبنا فى حالنا " فالسيارة مثلا بها لا يقل عن 30 فانوس ممكن أن يكون بينهم فانوس " عطلان " هذا وارد يقوم رجال المرور بإعطائى غرامة و يمكن ايضا جزء بسيط من الزجاج مكسور فلا أستطيع تغييره بالكامل أحصل أيضا على غرامة و إذا لم نقم بتغطية الحمولة بالمشمع صيفا أو شتاء نأخذ غرامة أيضا على عكس السيارات الملاكى أو الأجرة فيعطون لهم تسهيلات انما نحن فحدث و لا حرج . أصعب المواقف التى تقابلكم فى الطريق ؟ هى تغيير الكاوتش فى هذا الجو الحار و فى عز الشمس فالسيارة بها " 11 فردة كاوتش " و هو بيتهالك بإستمرار نتيجة المسافات البعيدة و سخونة الأسفلت و الحمولات الزائدة و الإطار الواحد يتكلف كثيرا فى سعره . ما الأفضل لكم القيادة ليلا ام نهارا ؟ الليل أفضل كثيرا سواء فى الشتاء او الصيف و يوجد طرق لا نستطيع القيادة فيها ليلا فننتظر حتى الصباح لكى يفتح لنا الطريق و ننام بالتناوب من أجل حماية السيارة و ما بها من بضائع لأنه مال ناس و بيوت مفتوحة من هذه التجارة . و يتدخل التباع مصطفى وجيه عمره 26 عاما فى الحديث قائلا : اننى أعمل منذ أن كنت طفلا و تعودت على هذا العمل الشاق و اترك أسرتى المكونة من أمى ووالدى و أخوتى الذكور الذين يعملون سائقين أيضا على سيارات نقل لتحميل مواد البناء و أنا أصغر أخواتى و لم أتزوج حتى الآن نتيجة الظروف الصعبة فكل ما أحصل عليه فى الشهر هو الف جنيه لا يكفونى طعام و شراب و سجاير . اتجهت بعد ذلك إلى " الكارتة " و معى زميلى المصور و بعد محاولات مضنية للحديث مع المسئولين عليها قاموا برفض التصوير أو الكلام فقام مجموعة من السائقين بالاستنجاد بنا و مطالباتنا بتوصيل أصواتهم للحكومة لمراعاة ظروفهم و المطالبة بتوحيد رسوم الحمولة و الوزن على كافة الطرق و دمج الكارتات سواء كانت تابعة للطرق و الكبارى أو الجيش من أجل الحفاظ على مهنتهم و يكفى ما يقابلهم من صعوبات بهذه المهنة الشاقة . و كان من بين السائقين عبد الرحمن الأسيوطى ، كان قادما بحمولة أسمنت من ألمنيا .. قال : تعبنا من سوء تقدير رسوم الحمولة و الوزن و أيضا من رجال المرور الذين ينظرون لسائقى سيارات النقل بانهم دائما على خطأ فأنا أطالبهم بالرحمة بنا و تدخل المسئولين بالنظر إلينا و بمشاكلنا . و بسؤاله : أيهما أفضل للسائقين فصل المقطورة أم لا ؟ قال عبد الرحمن نعم فصل المقطورة افضل بكثير لأنها أوفر فى أشياء كثيرة مثل الوقود و الإطارات .. ودون مقدمات أوتوجيه أسئلة منا .. كسر عبد الرحمن باتجاه الحوار نحو طريق آخر.. قال : لسنا جهلة .. يوجد الكثير منا معهم شهادات .. لكن أنا باعرف أقرا و أكتب و ليس معى شهادات ، فقد توارثت هذه المهنة عن والدى و هذه السيارة ليست ملكى و مالكها لديه 6 سيارات و يعمل عليها سواقين حاصلين على مؤهلات متوسطة ، وبصراحة هو على خلاف معى دائما بسبب الرسوم التى أدفعها فى النقلة الواحدة فهو يحاسبنى و أجد دخلى فى النهاية بسيط لا يتماشى مع صعوبة المهنة . يضيف السائق عبد الرحمن : ياريت يكون لنا بوجود نقابة خاصة بسواقين النقل التقيل تتبنى مشاكل سائقى النقل و مراعاتهم من صرف معاشات و تأمينات ضد الحوادث و بالأخص العلاج الذين يدفعون مبالغ كبيرة فيه لا يتناسب مع ما يحصلون عليه من هذه المهنة . ثم قابلنا جورج صبحى سائق سيارة نقل و هو متخصص فى نقل حمولات الرمل .. يقول : لم أقابل مشاكل مع كارتات الحمولة و الوزن بل أقوم بدفع رسوم كارتة المحافظات و تعتبر نسبتها معقولة . بعد مقدمة تمهيدية .. سألناه : بعض السائقين يتعاطون مواد مخدرة أثناء القيادة ؟ أجاب منفعلا : لماذا يظن البعض أن سائقى النقل هم الذين يتعاطون مواد مخدرة فممكن أن نقول هذا الكلام على أى سائق آخر سواء كان سائقين ميكروباصات أو تكاتك او تاكسيات ، فى رأيى أن سائقى النقل أغلبيتهم يقدرون مسئولية عملهم و السيارة التى يقومون " بسواقتها " لأنهم يعلمون جيدا أنه لا مجال للخطأ الذى من الممكن أن يسبب كارثة فى ثانية واحدة .