كانت كنسمة رقيقة مرت علي وجه الرياضة المصرية، فخطت خطوطاً من السعادة علي الوجه الذي كان العبوس يقلص قسماته بعد أن انطفأت أمام عينيه أنوار نجوم كان يتطلع بها أن تلمع. حملت هداية ملاك مسئولية كبيرة فى الأيام الأخيرة للدورة الأوليمبية.. لأنها من المرشحين لإسعاد المصريين ووضع اسمهم فى سجلات الشرف الرياضى التى يسطرها التاريخ بميدالية أوليمبية برونزية ثالثة فى ريودى جانيرو وأنجزت مهمتها. لم تخذل هداية منتظريها.. كانت على الوعد الذى قطعته على نفسها وتعهده معها اتحادها وكل من ساندها فى مشوار من الإعداد على مدار 3 سنوات، كانت خلالها قد قدمت مقومات هذا الترشح وبنت بجهدها أبراح الأمل التى تعلق بها أبناء مصر. فخلال هذه السنوات كانت هداية ملاك تحصد الميداليات وترفع علم مصر فى العديد من الصالات العالمية من المكسيك إلى فرنسا وهى تضع لنفسها مكانة عالمية. هذه البنت المصرية هادئة الملامح لها من اسمها نصيب كبير، فالذى يراها خارج البساط لا يمكن أن يتصور أن هذه الفتاة هى نفسها التى تتحصن بالصديرى وغطاء الرأس وتستخدم قدميها فى توجيه ضربات قوية لمنافسيها.. كيف لهذه البنت الملائكية الملامح أن تكون بهذه القوة.. إنها المسئولية التى تعلمتها فى حمل اسم بلدها وعائلتها التى علمتها أن مهمتها الرياضية أمانة وشرف وجب فيها الاجتهاد. من الكولومبية لليابانية حينما دخلت هداية المباراة الأولى، كانت تمثل لها مرحلة فاصلة مع الكولومبية لأنها البداية مع لاعبة صاحبة خبرة ولكنها فازت عليها 13/صفر لتدخل المحطة الفارقة فى مشوار الحلم الأوليمبى.. فى مواجهة اليابانية المصنفة هامدا وهى مواجهة خطرة لتفوز عليها بالنقطة الذهبية 3/صفر.. وتقف فى مفترق طرق المجد إما طريق الذهب والفضة أو تتجه إلى طريق البرونز الصعب. كانت المواجهة مع اللاعبة الاسبانية فى تكافؤ استمر اللقاء حتى كانت الضربة الوحيدة فى الشوط الإضافى لتبتعد عن الذهبية والفضية التى كانت قريبة منها وأصبحت على المحك. أصعب يوم للبطلة يوم صعب على فتاة عمرها لم يتجاوز 23 عاماً ومسئولية كبيرة وضغوط عصبية رهيبة ولكن خلفها والدتها وشقيقها اللذين قطعا آلاف الأميال ليكونا سنداً ودافعاً قوياً لابنتهما أمل المصريين.. ورغم أن والدتها جنسيتها أمريكية ولكنها بفرحتها وحبها وانتماءه للبلد الذى عاشت وارتبطت بأهله وأصبح أبنائها جزءاً منه من أهم طاقات النجاح لهداية. النقطة الذهبية حققت البرونزية خفقت القلوب والشوط تلو الشوط فى مباراة هداية الحاسمة على الميدالية مع اللاعبة البلجيكية تنتهى بالتعادل إلى أن جاء الشوط الرابع الفاصل أى ضربة من أى لاعبة تجعل الميدالية تنتقل من دولة إلى دولة أخرى. أعطاها صوت والدتها وتعب كل من كانوا معها فى مشوار الإعداد طاقة للصبر وقدرة على التحمل حتى كان الفوز.. رفعت العلم المصرى وتوجت هداية كأول بنت عربية تحصل على ميدالية فى التايكوندو. دورة أوليمبية قادمة فرحة عارمة وقد اعتدنا أن من أنجز لا يستمر لدورة أخرى ولكن ملاك الرياضة المصرية بدأت من نقطة النهاية: سأكون أول بنت تلعب دورتين متتاليتين بإذن الله، وسأحقق الذهبية إن شاء الله التى كان من المفروض أن تكون من نصيبى فى ريو. كانت هداية قد أكدت أنها لم تدخل امتحان السنة النهائية لبكالوريوس الفنون الجميلة لأنه لم يكن من الممكن وهى تستعد للدورة الأوليمبية أن تخوض الامتحانات العملية الصعبة لذلك أجلتها وأنها تستعد للتخرج فى العام المقبل ثم تبدأ الإعداد لدورة طوكيو 2020. قالت النجمة البرونزية: لقد تعبنا كثيراً لتحقيق هذه الميدالية، ودعت بطلة الأولمبياد المصرية كل البنات لأن تلعبن الرياضة وأن تبذلن كل جهدهن فى التميز، حيث انها وضعت أمامها هدف منذ الصغر أن تكون صاحبة إنجاز أوليمبي، وقالت: كنت قريبة من المباراة النهائية لأننى لعبت مع كل اللاعبات اللاتى واجهتهن فى ريو ولكنها الأقدار، والحمدلله اعتبر أن البرونزية خطوتى الأولى.