بعد عام وثمانية أشهر من انعقاد مؤتمر "أخبار اليوم" للإبداع في ديسمبر 2014، جاء اللقاء الذي تأخر حسبما أكد الكاتب الصحفي ياسر رزق رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم ليضع مشروعاً ثقافياً قابلا للتنفيذ علي ضوء التوصيات التي انتهي إليها المؤتمر، بحضور وزير الثقافة الكاتب الصحفي حلمي النمنم، ووزير التخطيط د.أشرف العربي. شارك في اللقاء الذي يعد بمثابة جلسة تحضيرية للمؤتمر الثاني المقرر عقده في ديسمبر المقبل؛ عدد من المثقفين والفنانين الذين تواجدوا في المؤتمر من قبل وأسهموا في كتابة توصياته، منهم: الشاعر جمال بخيت، الكاتب مدحت العدل، الكاتب والنائب البرلماني يوسف القعيد، د.محمد العدل، د.سناء شافع، السيناريست محمد حفظي، المخرج أحمد صقر، الملحن محمد رحيم، الشاعر الغنائي أيمن بهجت قمر، المخرج محمد فاضل وزوجته الفنانة فردوس عبد الحميد، المخرج علي عبد الخالق، والفنانون عزت العلايلي، محمود الجندي، فتوح أحمد، إيهاب فهمي، إلي جانب قيادات مؤسسة أخبار اليوم: علاء عبد الوهاب رئيس تحرير كتاب اليوم، طارق الطاهر رئيس تحرير أخبار الأدب، وعادل دربالة مدير تحرير الأخبار ، بالإضافة إلي بعض مسئولي وزارة الثقافة، منهم د.خالد عبد الجليل وأشرف عامر. في البداية؛ أوضح ياسر رزق، أن الهدف من المؤتمر في 2014 كان بحث كيفية العودة إلي العصر الذهبي للفن المصري، وكيفية الانطلاق نحو المستقبل، مؤكدا أن مصر احتلت موقعها وريادتها في المنطقة بقوتها الناعمة، وأضاف: "هدفنا وضع إطار مرن قابل للتطويع ليستوعب أفكاراً وآراء أخري والتوصل لبرنامج قابل للتنفيذ في مدة زمنية محددة". ومن جانبه؛ أكد د.أشرف العربي أن وزارة التخطيط كانت لها مشاركة فعالة في مؤتمر الصناعات الإبداعية عام 2014 وقد تابعوا التوصيات التي صدرت عنه، واستطرد: "مصر كانت من أوائل دول العالم التي أعلنت عن استراتيجيتها لتحقيق التنمية المستدامة 2030، والتي تضم رؤية واضحة للدولة عن المحور الثقافي، يطرح تساؤلات: ماذا نريد، وما هو الوضع الحالي، وأهم التحديات التي تواجهنا، و كيف يمكن مواجهتها، فالصناعات الثقافية والإبداعية لها مردود اقتصادي كبير، وكذلك مردود تنموي، لأنها تدخل في صناعة الإنسان الذي هو شريك في التنمية بشكل عامل". وأعلن العربي عن تخصيص 250 مليون جنيه لدعم وتطوير الصناعات الإبداعية "سينما، مسرح، موسيقي، صناعات تراثية وحرفية"، والمساهمة في إنتاج عدد من الأعمال الإبداعية التي تستطيع تحقيق أهداف الدولة والتنمية المستدامة، من خلال إنشاء شركة مساهمة مصرية تحت اسم "أيادي"، وأوضح: "هذه الإجراءات لا تتعارض مع ما هو قائم ولكن تتكامل معه، لتكون محفزاً للمبدعين في كل أرجاء مصر، فتلك الصناعات صعوباتها تتعدي المسألة المالية، ولذلك أريدكم ألا تهتموا بهذا الجانب كثيرا، لأن وزارة التخطيط جاهزة للدعم دائما". فيما قال حلمي النمنم: "إن وزارة الثقافة قامت بعدة خطوات فاعلة من أجل دعم قوة مصر الناعمة في المستقبل، كالكتب، وزيادة دعم السينما من 20 مليوناً إلي 50 مليون جنيه، كما اتخذنا خطوات لمواجهة خطر القرصنة علي الأعمال الفنية، وحقوق الملكية والفكرية وحق الأداء العلني، لأن ذلك حق المبدع وأسرته من بعده". واستطرد النمنم: "كلنا نتحدث عن القوة الناعمة واستعادتها، لكن ذلك لن يحدث إلا في إطار مشروع وطني وتنموي، فتلك القوة تراجعت حينما فقدنا المشروع الوطني، إلي جانب أن الثقافة المصرية في العقود الأخيرة واجهت خطر الانعزال عن العالم، ففي أربعينيات القرن الماضي كان الكتاب الذي يصدر في باريس ينشر له عرض ودراسة في إحدي الجرائد المصرية، كما أن الثقافة المصرية أيضا انعزلت عن مصر، أي أصبحت الثقافة في القاهرة فقط وتركنا الأقاليم لأصحاب الأفكار المتشددة". وأكد النمنم أن خطة وزارة الثقافة في الفترة المقبلة تهدف إلي تحقيق العدالة الثقافية، فمن حق كل محافظة أن يكون لها معرضها الخاص للكتاب، وأن تستضيف العروض المسرحية التي تقدم علي خشبات مسارح القاهرة، وطالب جماعة المثقفين بضروة الخروج من العزلة داخل القاهرة والانفتاح علي الجمهور في الأقاليم، وأشار إلي أنه شدّد عندما تم اقتراح مخطط التجمعات العمرانية الجديدة التي تقيمها الدولة مثل حي الأسمرات والعاصمة الإدارية الجديدة علي أن تكون بها مراكز ثقافية لخدمة سكانها. في ضوء ذلك؛ أكد ياسر رزق علي أن مؤسسة أخبار اليوم مستعدة تماما للمساهمة في إنشاء معرض سنوي بكل محافظة يضم جميع الإصدارات من الكتب المنشورة في الهيئات العامة أو الدور الخاصة، كما أعلن عن اقتراب موعد إطلاق "الأخبار برايل" المتوقع أن تصدر بداية من الشهر القادم عن أخبار اليوم، وهي موجهة للمكفوفين وضعاف البصر من القراء الذين يقدر عددهم بما يزيد علي خمسة ملايين. ومع فتح باب المداخلات والاستماع للحضور؛ تحدث الفنان فتوح أحمد عن ضرورة مساهمة القوة الناعمة في تهيئة الناس للتعامل مع الأزمات والقرارات الاقتصادية عن طريق الأغنية والفيلم والمسرح، واختراق القري التي تحكمها زوايا متطرفة أو متشددة، واستنكر موقف تليفزيون الدولة من تسجيل العروض المسرحية للحفاظ علي التراث المصري التي من شأنها توفير ساعات من الدراما بأقل التكاليف. بينما أشار المخرج محمد فاضل إلي أننا نفتقد لاستراتيجية إعلام صحيحة، توفر الوسائل والوسائط التي تنقل هذا النشاط الثقافي الهائل، وطالب بإنشاء قناة خاصة بوزارة الثقافة لتقوم بهذا الدور، وتساءل: "هل الناتج الإعلامي من ماسبيرو اليوم يعادل ما تنفقه عليه الدولة؟ أليس هذا إهدارا للمال العام؟ كيف تُستحل المرتبات والحوافز لهؤلاء الموظفين بدون إنتاج دقيقة واحدة علي مدار سنوات؟ ولم يعد هناك وزير للإعلام لكي نحاسبه". واستنكر الشاعر جمال بخيت: "أيعقل أن تبلغ المرتبات والأجور 130 مليار جنيها سنويا؟ فالميزانيات تذهب لأناس في الدولة يعملون ولا ينتجون"، وأوضح أنه يري بخلاف الرأي السائد أن الثقافة دورها يأتي قبل التعليم، فهي الأهم الآن. ومن جانبه؛ أكد الكاتب الصحفي علاء عبد الوهاب علي استعداد "كتاب اليوم" التام للتعاون مع وزارة الثقافة والمؤسسات ودور النشر المختلفة، وكذلك مع وزارتي الشباب والرياضة، والتربية والتعليم، والمجالس المحلية، لإنشاء المعارض بالمحافظات، بحيث يكون ذلك بالتزامن مع الاحتفال بالعيد القومي لكل محافظة، واختتم: "لن نستنسخ الأنشطة الموجودة بالمعرض الأم في القاهرة، ولكن أتصور أنه يمكن في هذه المعارض استدعاء ما يميز كل محافظة من صناعات وفنون تراثية". كما تطرق الحضور إلي الحديث عن حقوق الملكية الفكرية وضرورة الحفاظ عليها بحيث يصبح هذا جزءاً من ثقافتنا وتعليمنا، وأشار أحد المتحدثين إلي تجربة مر بها أثناء دراسته بالخارج حينما طلب من زميلته في المشروع أن تنتقي إحدي الصور من الانترنت لكي يطبقوا عليها، فأخبرته أنها لا تستطيع ذلك لأنها تعلمت في المدرسة أن عليها قبل فعل ذلك الاستئذان من صاحب الصورة وهي لا تعرفه.