أزمة عنيفة بين مجلس النواب والحكومة بسبب التوقيت الصيفي، وصلت لحد تبادل الآراء المختلفة والاتهامات بعدم الفهم بين الجانبين من خلال وسائل الإعلام، فالجانبان مختلفان حول تطبيقه أو إلغائه. هذا التضارب يكشف عن عدم وجود تنسيق واضح بين البرلمان والحكومة ولا توجد أغلبية واضحة تعمل من أجل المواطن فكل يغرد علي ليلاه حتي أن تحالف دعم مصر فشل في أن يكون رمانة الميزان تحت القبة وأن يكون صوت العقل. أزمة التوقيت الصيفي جاءت بعد أزمة الموافقة علي الموازنة العامة للدولة فبعد أن وافق مجلس النواب برئاسة الدكتور علي عبد العال علي تقرير لجنة الإدارة المحلية بوقف العمل نهائيًا بالتوقيت الصيفي والموافقة علي مشروع القانون المقدم من النائبين أسامة هيكل، ومحمد العقاد، بإلغاء تعديل المادة الأولي من القرار بقانون 24 لسنة 2015 بشأن وقف العمل بالتوقيت الصيفي. وكان القانون في مادته الأولي ينص علي أن »يوقف العمل بأحكام القرار بقانون رقم 35 لسنة 2014 في شأن تنظيم التوقيت الصيفي، وذلك حتي يوم الجمعة الموافق 25 سبتمبر عام 2015? وطالب التعديل المقترح إلغاء الفقرة الثانية»، وذلك حتي يوم الجمعة 25 سبتمبر، بما يوقف التوقيت الصيفي نهائياً. ومن جانبه، أعلن المستشار مجدي العجاتي، وزير الدولة للشؤون النيابية، أن الحكومة ستعمل علي تطبيق التوقيت الصيفي، بداية من ال5 من شهر يوليو، خاصة أن الحكومة دفعت 8 ملايين دولار لمنظمة الطيران المدني لتغيير المواعيد من هذا التاريخ وحتي شهر أكتوبر. وجاء ذلك في جلسة الأربعاء الماضي بعد موافقة المجلس من حيث المبدأ وفي مجموعه علي مشروع قانون إلغاء التوقيت الصيفي وإرساله لمجلس الدولة، حيث أكد العجاتي أنه حتي لا يقال إن الحكومة لا تطبق قرارات المجلس، فإننا نخطركم بأننا ستطبق التوقيت الصيفي من ال5 من يوليو. وعقب عليه عبدالعال: »سيادة الوزير القانون لا يزال في مجلس الدولة وسنستمع لرأي الحكومة في هذا الشأن بعد وروده من مجلس الدولة وإذا طلبت مداولة أخري ستتاح الفرصة لهم»، وهو ما عقب عليه العجاتي بقوله: »إحنا بنخطركم بس عشان متقولوش إننا مش هنفذ قراراتكم». وأوضح »النائب أسامة هيكل »القيادي بتحالف دعم مصر» وأحد مقدمي مشروع إلغاء التوقيت الصيفي أن العمل بالتوقيت الصيفي كان بحجة أنه يوفر الطاقة، لكن دراسة وزارة الكهرباء أثبتت أن هذا الكلام غير صحيح، مضيفاً أن المهندس إبراهيم محلب، مستشار الرئيس عبدالفتاح السيسي، ورئيس مجلس الوزراء السابق، أراد أن يتحايل علي الموضوع بعمل استفتاء علي عودة العمل بالقانون، وبدأت الحكومة الحالية بالعودة إليه مرة أخري، بسبب دفعنا 7 ملايين دولار لمنظمة »أياتا» للطيران المدني، واقترح أن يكون العاملون يذهبون إلي عملهم الساعة 7 صباحا بدلاً من 8 صباحا ومنوط بنواب الشعب أن يصححوا هذا الأمر. الحكومة المصرية طبقت التوقيت الصيفي لفترات كبيرة، حتي جاءت حكومة المهندس عصام شرف في أعقاب ثورة 25 يناير 2011 فألغته، لكن العمل عاد به في 2014 مع حكومة المهندس إبراهيم محلب، وفي عام 2015 أوقفت مصر العمل به من جديد، حتي عاد مرة أخري، حيث أعلنت الحكومة تطبيقه بعد شهر رمضان الجاري، لكن سرعان ما سبقها البرلمان وألغي عودة التوقيت الصيفي. وهناك ما يقرب من 87 دولة حول العالم تطبق التوقيت الصيفي، من بينها المغرب، التي يبدأ العمل بالتوقيت الصيفي فيها مطلع مايو، وينتهي منتصف أكتوبر، وكذلك سوريا التي يبدأ العمل بالتوقيت الصيفي بها نهاية مارس وينتهي نهاية أكتوبر، ودولة فلسطين والتي يبدأ فيها نهاية مارس ويمتد لنهاية سبتمبر، والأردن، التي يحدد فيها موعد العمل بالتوقيت الصيفي وفقًا لبيان من مجلس الوزراء، ولبنان التي تبدأه نهاية مارس حتي نهاية أكتوبر. قال مصدر مسئول بمجلس الوزراء إن الحكومة ستقدم لمجلس النواب تحفظاتها علي إلغاء التوقيت الصيفي نظراً للأعباء المالية التي ستترتب عليها في قطاع الكهرباء وحركة الطيران في حالة إلغاء التوقيت الصيفي. وأضاف المصدر أن الحكومة ستضع التحفظات أمام مجلس النواب ومجلس النواب سيد قراره فيما يتعلق باتخاذ القرار النهائي. وكانت الحكومة قد أعلنت مسبقاً أنه من منطلق العمل علي اتخاذ التوقيت العالمي المنسقGMT أساساً لتحديد التوقيت القانوني (الساعة القانونية) في جمهورية مصر العربية، وافق مجلس الوزراء علي مشروع قرار رئيس مجلس الوزراء والذي ينص علي تحديد التوقيت القانوني لمصر بإضافة ساعتين إلي التوقيت العالمي المنسق (GMT +2). كما ينص مشروع القرار علي أنه يجوز لمجلس الوزراء تعديل التوقيت القانوني المنصوص عليه بالمادة الأولي من هذا القانون خلال فترة أو فترات محددة من العام وفقاً للاعتبارات التي يقدرها. كما تضمن مشروع القرار أن يتم إضافة ساعة إلي التوقيت القانوني المحدد بالقرار الخاص بشأن التوقيت القانوني، وذلك اعتباراً من بداية يوم الجمعة الموافق 8 يوليو عام 2016 حتي نهاية يوم الخميس الموافق 27 أكتوبر من نفس العام. قال المهندس أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، إنه لا رجعة في إصدار البرلمان لقانون وقف العمل بنظام التوقيت الصيفي المعدل للقرار بقانون رقم 24 لسنة 2015، والذي ناقشته لجنة الإدارة المحلية ووافق عليه المجلس مبدئياً وأحاله إلي مجلس الدولة. وأضاف »السجيني» أن هناك اتفاقاً مع الحكومة علي هذا القانون وأن الإشكالية في توقيت سريانه ووقف العمل بالتوقيت الصيفي، وذلك لتفادي أي غرامات دولية قد تدفعها مصر علي حد قول الحكومة. وبالتالي فعندما يقوم قسم التشريع بمجلس الدولة برئاسة المستشار محمود رسلان نائب رئيس مجلس الدولة من الانتهاء من مراجعة قانون التوقيت الصيفي وإرسالة إلي البرلمان ستكون الحكومة طبقت التوقيت نظراً لأن المجلس أجازه حتي 17 يوليو المقبل. أي أنه من الممكن لو لم تستطع الحكومة إقناع البرلمان بالتنازل عن إلغاء التوقيت الصيفي فإن التوقيت الصيفي سيتم العمل به حوالي 11 يوماً حتي يوافق البرلمان نهائيا علي مشروع قانون إلغاء التوقيت الصيفي إلغاء عودة العمل بالتوقيت الصيفي أدي إلي ارتياح بين النواب، الذين عبروا عن سعادتهم بالقرار ورغبتهم في إلغاء التوقيت الصيفي، مرجعين ذلك إلي عدم جدوي الاستمرار في العمل به، خاصة أنه تسبب في العديد من المشاكل التي أثرت علي حركة الطيران وانضباط الساعة البيولوجية للمواطنين. ومن جانبه قال النائب سمير موسي عضو مجلس النواب إنه يرفض العمل بنظام التوقيت الصيفي، مشيرًا إلي أن ذلك يعد مطلبًا شعبيًا، كما أن التوقيت الحالي متماشٍ مع المصلحة العامة، مشيرًا إلي أنه تلقي اتصالًا هاتفيًا من عدد من النقابات العمالية ولجان البترول أخبروه فيها بعدم رغبتهم في عودة العمل بالتوقيت الصيفي. وأوضح موسي أن العمل بالتوقيت الصيفي يؤدي إلي العديد من المشكلات بسبب ارتفاع درجات الحرارة، فضلًا عن إرباك حركة النقل والمواصلات، وأضرار ضخمة علي المصانع والشركات، إلي جانب اعتياد المواطنين علي التوقيت الحالي، مؤكدًا أن الحكومة ستتراجع عن العمل بنظام التوقيت الصيفي إذا أصر النواب علي إلغائه. وقال أحمد إسماعيل، عضو مجلس النواب عن محافظة القاهرة، إنه يؤيد إلغاء العمل بالتوقيت الصيفي، مؤكدًا ضرورة استمرار العمل بنظام التوقيت الموحد، مشيراً إلي أن هناك العديد من الأمور الهامة التي يجب أن تولي الحكومة والمجلس اهتمامًا بها، علي رأسها الموازنة العامة للدولة التي تناقش الآن داخل المجلس. وأضاف إسماعيل، إن العمل بنظام التوقيت الصيفي، يؤدي إلي إرباك في الحركة الاقتصادية لأنه يؤثر علي مواعيد سير القطارات وحركة الطائرات، فضلًا عن البورصة ويؤدي إلي حدوث خلل وإرباك للمواطنين نتيجة التغير المفاجئ الذي يحدث في الوقت، مشيرًا إلي أنه لا وجود لأي منفعة اقتصادية من وراء العمل بنظام التوقيت الصيفي كما تعتقد الحكومة.