هدوء عجيب ساد جميع محافظات مصر بعد فتح باب الترشح لانتخابات مجلسي الشعب والشوري في اول انتخابات برلمانية تشهدها مصر عقب ثورة يناير التي انتزعت اعجاب واحترام العالم اجمع.. هذا الهدوء اثار دهشة الجميع داخل مصر وخارجها بعد ان توقعوا مشاحنات وضجيج واعتراضات بالجملة واتهامات متبادلة بين الجميع وهذا الهدوء ان دل علي شئ فإنما يدل علي رغبة الجميع في انهاء هذه الفترة الانتقالية التي تمر بها البلاد واقامة الانتخابات في موعدها.. ومع سعادتي الحقيقية بالصورة الحضارية التي كانت عليها مراكز تلقي طلبات الترشيح الا انني اخشي ان يكون هذا الهدوء هو الهدوء الذي يسبق العاصفة وان المعركة الانتخابية ستبدأ فعليا مع انطلاق حملات الدعاية للمرشحين وخاصة في ظل التباعد الفكري والمنهجي الذي عبرت عنه بوضوح الانقسامات والانشقاقات التي ضربت معظم التحالفات الحزبية في الساعات الاخيرة قبل بدء تقديم طلبات الترشيح .. وكانت اكثر الانقسامات وضوحا حالة النفور الواضحة من غالبية القوي السياسية تجاه حزب الحرية والعدالة الذي يمثل الذراع السياسية للاخوان المسلمين بعد ان لمس الجميع حالة الهيمنة والسيطرة التي حاول الاخوان فرضها علي حلفائهم وتعاملهم مع الجميع بمنطق الزعامة والريادة وكأن الانتخابات محسومة بالنسبة لهم في معظم الدوائر وما سيتركونه لمرشحي الاحزاب المتحالفة معهم هو مجرد منحة او هبة عليهم ان يقبلوها وهم صاغرين وهو الامر الذي لم يأت علي هوي معظم الاحزاب التي اصرت علي قطع ورقة الزواج العرفي الذي ربطهم بالاخوان وخرجوا من التحالف وهم يلومون انفسهم علي عدم استيعابهم لدروس التاريخ التي قالت في مواقف عديدة ومناسبات مختلفة ان "المتغطي بالاخوان عريان " وانهم لا يسعون الا لمصلحتهم فقط بغض النظر عن مصالح وحقوق الآخرين.. ولن يكون استباقا للاحداث او رجما بالغيب عندما اجزم من الآن ان الاخوان لن يحصدوا اكثر من 30٪ فقط من عدد المقاعد في البرلمان القادم لعدة اسباب اولها منطق الغطرسة الذي يتعاملون به مع الجميع وكأن الاغلبية البرلمانية محجوزة لهم بلا نقاش وهو الامر الذي استفز شريحة كبيرة لا يستهان بها ..وثاني الاسباب ان الاخوان فقدوا تعاطف شريحة اخري كانت تمنحهم اصواتها كيدا في النظام الحاكم الفاسد ولكن بعد سقوط النظام ليس هناك مبرر لهذا التعاطف .. وثالث الاسباب ان الاخوان فقدوا ايضا اصوات الاسلاميين السلفيين والجماعة الاسلامية بعد ان اصبحت لهم احزاب تمثلهم وستكون هذه الاحزاب اولي باصواتهم من الاخوان.ولنا فيما حدث في انتخابات نقابة الاطباء المثل الحي .. ولكن ألم اقل لكم ..لا احد يستفيد من دروس التاريخ ولا الجغرافيا!