مصطفي طالب الحقوق : أفتخر بأنني من سكان المقابر أحمد طالب الثانوية العامة يقهر المستحيل ليصير طبيبًا مسعد عمره 9 أعوام ويُطعم أهله من مال الموتى على طريقة فيلم "انا لا اكذب ولكنى اتجمل" للفنان الراحل احمد ذكى يعيش آلاف من البشر فى المقابر، وعلى الرغم من معيشتهم السيئة التى تكاد تكون موتا ، الا ان هناك نماذج مشرفة يفخر بها الوطن واذا اعطيت فرصة تكون من افضل من انجبت مصر ... تحركنا فى المقابر لنبرز هذه النماذج ليراها المجتمع ولا يكون الحكم على هذا المجتمع المهمش بدون ان نعرف الظروف التى تواجه افراده ومن خلال التحقيق التالى رصدنا مجموعة من النماذج المتميزة في مجتمع المقابر . احمد شاب بسيط يساعد والده العامل البسيط فى عمله وفى نفس الوقت يدرس فى الثانوية العامة فهو يذاكر دروسه جيدا ويطمح فى ان يصبح طبيبا حتى يساعد والده فى معيشته فوالده العامل البسيط لم يبخل على اولاده فى شئ وهو يصر على تعليم اطفاله وعدم اهانتهم فى اى عمل شاق حتى ينتهوا من دراستهم واحمد هو اكبر ابنائه وسنده فى الحياة لذلك احمد قطع على نفسه وعدا بالاجتهاد فى الدراسة تجار البرلمان ------------------ واثناء تجولنا فى المقابر كان هو دليلنا فهو يرى ان اهم شئ هو ان يغير الاعلام من المفاهيم الخاطئة التى اخذها الناس عن مجتمع المقابر بانهم كالموتى الاحياء بلامستقبل او طموح ولكن الحقيقة هى على العكس تماما كما يقول احمد فهناك الطلبة الذين يريدون ان يصبحوا دكاترة ومهندسين وحتى ضباط ولماذا لا؟! ألسنا بشر لنا حقوق مثل باقى المصريين؟! وهناك اشخاص يعملون بجد لكى يجد الاخرين احتياجاتهم وراحتهم فهناك سمكرية وعمال وصنايعيه ماهرين يعيشون فى المقابر بس مشكلتهم ان الفرصة مجتلهمش علشان يسيبوا المكان ويبدأوا حياة جديدة وكمان فين دور الدولة فى تنميتنا ومساعدتنا اننا نلاقى شقق ولو بسيطة لنقيم فيها الحكومة هى ليها نصيب الاسد فى معاناتنا الاسعار غالية والدنيا غالية واصحاب العمارات الخلوات بالالفات احنا نجيب منين ابويا الراجل البسيط اللى بيجرى على عليتنا ده كلها يجيب منين ويجيب لنا سكن ازاى من غير مساعدة الحكومة، ويضيف احمد ان والده كان بيكلمه كثيرا عن جمال عبد الناصر وانه كان نصير للفقراء علشان كده هما بيحبوه لكن من بعده الحكومات اللاحقة عليه ادارت ظهرها لنا نحن الفقراء وتم تهميشنا وكانوا مش بيذكرونا الا فى الانتخابات بتاعه مجلس الشعب زى ما والدى حكى لى فهم كانوا يأخذون اهالى المقابر علشان يصوتوا ويديوهم مبلغ وعلى وعد ان العضو لما ينجح فى مجلس الشعب يعمل على اثارة مشكلة المقابر والناس اللى ساكنه فيها قدام المسئولين لكن اللى بيحصل انه بينجح ومش بنشوفه الا فى الدورة اللى بعدها لكن انا واحد من الناس قررت اتعلم وانجح بتفوق علشان اساعد الناس ده ومش نكون فى حاجة لحد . رزق الموتى! ---------------- استمرت جولتنا داخل المقابر ، بحثنا عن نماذج نقدمها للمجتمع لنوصل كلمتهم لمن له الامر، التقينا بشاكر او قل هو التقى بنا فقد كان هناك احد الاطفال الذى شاهدنا ونحن ندخل الى المقابر ونسأل الناس عن احوالهم ومشاكلهم فتبعنا، كان يستمع الى اراء الناس ومناقشتنا معهم ويبتسم وقبل ان نهم بالرحيل تقدم الينا وقال انه يريد ان يتحدث معنا فى مشكلته ابتسمت واخبرته ان لسه صغير على ان يكون له مشكلة .. شعرت بعد كلمتى بالذنب فوجه الصغير تغير واكتست عيناه الحزن حتى انى اكاد اجزم ان هناك دمعة فى عينيه ارادت الافلات لتغرق وجهه لكن الصبى تمالك نفسه وكأنه شاب او رجل كبير وهى يهم بالرحيل فاوقفته واعتذرت من اسلوبى الذى تحدثت به معه فى بداية الامر واخبرته انها حرارة الشمس الملتهبة فانا فى المقابر منذ اكثر 5 ساعات كاملة لكن حتى عندما اعتذرت شعرت بالسوء فكيف تكون حرارة الشمس هى السبب وهؤلاء الناس يعيشون تحت هذه الحرارة كل يوم فى الصيف ولا وجود لتكييف لديهم او مروحة وفى الشتاء تهطل عليهم المطر دون ان يحميهم منها اى ساتر وهذا الطفل المسكين يعيش فى هذا العالم القاسى ... قالى بصوت واهن ضعيف منكسر ان اسمه مسعد وعنده حوالى 9 سنوات وانه يريد ان يرينى بيته ومكان معيشة اسرته ومشكلتهم لعلى اساعدهم فذهبت معه داخل المقابر حتى وصلنا الى احد الاحواش كان اقل من باقى المقابر من حيث الشكل والمساحة اخبرنى مسعد ان هذا هو بيته وان والده لايستطيع العمل بعد ان اصيب بالشلل منذ عدة سنوات وهو الذى يعمل ليصرف على اسرته المكونة من 5 بنات وهو ووالدته لذلك بدأ فى العمل مع التربى بتاع المنطقة وينتظر يوميا فى بداية المنطقة وبالقرب من التربى حتى يعلم ان هناك حالة وفاة عندها يبدأ عملة فى البداية قبل حضور اهالى الميت يبدأ فى مساعدة التربى فى فتح التربة ورش المياة وتجهيز المقبرة حتى يحضروا الميت وعندما يحضر اهالى الميت يقترب منهم ويبدأ فى الدعاء للميت حتى يعطف عليه احدهم ويعطيه مافيه النصيب وفى المناسبات يتجول على المقابر ليحصل على الصدقة والقرص والفاكهة اللى اهل الميت بيفرقوها فيه بعض الناس كما يقول مسعد ينظرون له بقرف وتعالى بل وهناك بعضهم مما يرفضون حتى ان يعطوه اى شئ على الرغم من ان مايتحصل عليه منهم هو مايعين اسرته على البقاء والاستمرار فى الحياة مع بعض من اهالى الخير الذين يساعدوهم كلما استطاعوا... استمعت للطفل وهو يحكى مأساته التى لايحتملها شاب كامل الرجولة فما بالك بطفل دون العاشرة كان الاسى والحزن يظهر فى كل خلجة من وجهه اثناء حديثه عن اسرته وكأنه يحدث الحكومة وهو يخبرها الى متى ستتركينا نقاسى الويلات من اجل لقمة نسد بها جوعنا ألسنا بعض من شعبك الذى ترعيه وتحافظى على حياته كريمة .. لماذا كل ذلك ولماذن نعيش نحن فى عالم الاموات الاننا لانصرخ ونعترض تهملوننا وتتركونا للموت ... كل هذه المعانى شعرت بها وان اتحدث مع الطفل الصغير الذى يرعى اسرته من لاشئ وكل مايتمناه كما اخبرنى فى نهاية حديثه هو شقة اوضة وصالة فى اى مكان غير القرافة لاسرته علشان يلم لحمه كما قال حتى لاينهشه احد ومعاش لوالده العاجز يصرف عليهم ... احلام بسيطة جدا بيحلم بيها هذا الطفل لاسرته البسيطة ... اخذت افكر فى كلام الصبى وانا ابتعد عنه لاستكمل هذا الموضوع ان كل احلامه لاتأخذ الكثير من الحكومة ممثلة فى المحافظة اذا ارادت ان تحفظ لهؤلاء الناس اداميتهم . انتقلنا الى مكان اخر داخل مقابر السيدة عائشة التقينا مع مصطفى حسن الطالب فى السنة الثالثة فى كلية الحقوق والذى لايجد اى مشقة فى اخبار زملائه فى الكلية بأنه يسكن فى مقابر السيدة عائشة فهذه المنطقة كما يقول ليست عارا عليه حتى يتجنبها ولايخبر بها زملائه وحتى عندما تغير تعامل البعض معه وتجنبه لم يتأثر فهو منذ كان صغيرا تعود على هذه النظرة من الناس عندما يعرفوا انه يعيش فى المقابر ففى المدرسة عندما علم الاستاذ صار هو مسخة الفصل كما يقول لكن ذلك زادنى اصرارا كبيرا فتفوقت حتى وصلت الى السنة الثالثة فى كلية الحقوق واحلم بأن احصل على فرصتى فى النيابة فأنا مواطن مصرى لى كافة الحقوق وعلى كافة الواجبات التى على اى شخص اخر ليحصل على هذا المنصب واضاف لن اجعل اى شئ يوقفنى من الحصول على حقى فهذه المقابر التى تربيت فيها علمتنى شئ واحد ان الجميل مساوى لافرق بينهم وفى النهاية يدفنون فى التراب سواء كان صاحب الجثة ملياردير او غفير لذلك لن اتنازل عن حقى . كلام جرايد! -------------- قبل انتهاء جولتنا فى المقابر تحدث معنا ماجد شاب فى العقد الثالث من عمره لم يجد اى عمل على الرغم من كبر سنه فهو لم يحظ بالتعليم واتجه كما يقول الى معرفة السوء فهو يقول اعيش فى تربة عايزنى اعرف مين يعنى كل اللى اعرفهم بيتعاطوا مخدرات اصل مفيش اكتر من المخدرات عندنا ده فيه ناس فتحة دولابات مخدرات كاملة فى الترب وبعلم الحكومة يابيه اصل مفيش حاجة بتحصل مش بعلم الحكومة يعنى الواحد مننا لو راح وبلغ عن المخدرات ده فى علمك كده هل هيحصل حاجة ولا حد هيعبرنا لا طبعا لاننا موتى ايوة احنا ميتين فى نظر الحكومة وفى نظر الناس اللى لما بتشوفنا اكنها شافت ميت يبقى احنا ايه مش ميتين كده ولا ايه .. يابيه احنا الموتى الاحياء بنخلص الكام يوم اللى احنا عايشينها ده حتى الواحد لما بيموت مش بيمشى من المكان لا ده بيدفن فيه ده حالنا يابيه واضاف ماجد انت والمتعلمين بتوع المدارس بتيجوا عندنا تسمعوا الكلمتين اللى بنقولهم وبتحطوهم فى جرايدكم والناس بتقرأ الكلام ده واللى يقولك حرام واللى نصعب عليه وبعد كده بيرمى الجورنال او بياكل عليه طب واحنا فين احنا خلاص صعبنا عليه شوية ونسى وده حال الحكومة كل مسئول يجى عندنا ده لو جه مسئول نصعب عليه ويقول هنطوركم وننقلكم من الاماكن ده وفى الاخر مفيش اى حاجة بتحصل ولا اى حد بيسأل فينا بجد .. انا سمعت ان الراجل اللى مسك البلد اللى اسمه السيسى هيعمل حاجة لينا انا مستنى بس مش حاطط امل كبير لان ذى ماقلتلك كتير بيقولوا كتير ومش بيفعلوا شئ لكن اذا عمل حاجة هيكون فى عنينا طول العمر .