مهما بلغت أحزانك واخفاقتك مع الحياة فيجب ألا تحزن أو تندب حظك ، ربما ما أنت فيه نوعاً من الابتلاء من الخالق سبحانه وتعالي .. فهو يضعك فى اختبار لقياس مدى ايمانك وصبرك الذى هو مفتاح كل كرب ، فان وجد منك الحمد والشكر عاد الحمد والشكر لك ، وإذا وجد منك الضجر وعدم الرضا بقضاء الله ارتد عليك عدم الشكر. مهما كان حجم البلاء الذى وقع عليك بمرض شفائك منه فى ايدى اختراعات العلماء أو فقد عزيز، أو ترك منصب، أو خسارة أموال طائلة ، فان هناك من هم أفضل منا عند الله سبحانه وتعالى تعرضوا للابتلاء هم رسل الله الذين أنزل الله عليهم كتبه وأحاديث قدسية لتصل إلى الناس من أجل الارتقاء بسلوكهم وعبادته فهو الاله الواحد . معظم الأنبياء تعرضوا للابتلاء الشديد ولكنهم صبروا وهم رسل الله ودعواتهم مستجابة ولكنهم وجدوا العلاج للابتلاء بالصبر والرضا . نبى الله يعقوب عليه السلام فقد بصره ولديه يوسف وبنيامين ولكنه لم يقفد ايمانه بالخالق وعندما أخبره أبناؤه بأن حاكم مصر احتجز ابنه الثانى لم يقل لهم شيئاً سوى صبرً جميل . وسيدنا موسى عليه السلام تعرض للأذى من قومه والابتلاء ولكنه صبر حتى تحقق له النصر على فرعون ، وعندما نتكلم عن الصبر دائماً نذكر قصة سيدنا أيوب الذى امتحنه الله كثيراً مع قومه وصحته ذلك لم يصدر منه سوى الشكر والحمد للخالق سبحانه وتعالى .. لأنه رضى بقضاء الله فاستجاب الله لدعائه وعاد له كل ما سلب منه . الرسول عليه الصلاة والسلام تعرض للابتلاء خرج رغم أنفه من مكة وهاجر إلى المدينة وهو حفيد عبد المطلب صاحب المقولة الشهيرة لأبرهة عندما أراد غزو مكة وهدم البيت الذى يحج له العالم .. قال له لن نقاوم للكعبة رب يحميها وهلك أبرهه واتباعه . وكذلك ابتلى الرسول فى وفاة ابنه الوحيد إبراهيم والذى للقنه كلمات يقولها عند دخوله للقبر والصحابة حوله يتلوون قال له يا ابراهيم إذا سألتك الملائكة فى القبر .. قل لهما الله ربى ورسول الله أبى والاسلام دينى .. ما صدر من الرسول كان درساً للصحابة فى الثبات والصبر . وأهل الجنة والمبشرين بها كان لهم نصيباً فى الابتلاء .. عمر بن الخطاب أول الناس بعد رسول الله قتل وهو ساجد فى صلاة الفجر .. وعثمان بن عفان قتل على أيدى الخوارج وهو نسيب رسول الله وكان ماله لفقراء المسلمين وكانت ملائكة الرحمن تستحى منه وذلك واضح فى كتب التراث عن رواية السيدة عائشة ان الرسول كان يجلس معه والدها وعمر بن الخطاب وكان نائماً على جنبه ملابسه تكشف عن جزء من ساقه .. عند دخول عثمان قام الرسول ورتب من ثيابه فاندهشت عائشة من سلوك الرسول فاجابها يا عائشة ألا أستحى من رجلٍ تستحى منه ملائكة الرحمن . وعلى بن أبى طالب تعرض للابتلاء فى فترة خلافته وكان فى زمنه بداية عصر الفتن . وما يفهم من سطورى السابقة أن نرضى بقضاء الله والحال الذى أصبحنا فيه ونشكر الله ونتحلى بالصبر مهما كان طعم الحزن وحجم البلاء ونثق أن الله لا يحمل لنا إلا الخير ولكن علينا أن نصبر ونشكر الخالق . ومصر خلال السنوات الثلاث الماضية مرت بأحزان وعدم استقرارلا نعتبرها مرحلة بلاء من الرحمن لوطن وصفه بالأمان فى كتابه الكريم . ومهما كانت أحزاننا علينا أن نرضى بما قسمه الله والفائدة اننا عرفنا نوايا العديد ممن كنا نعتقد أنهم يحملون الخير لمصر ، وأصبحت على يقين تام بأننا كشفنا من يريد الخير للوطن ومن يريد الدمار له ، عرفنا اننا لا نحتاج إلى مبشرين بالجنة لأن الدين فى كتاب الله وسنة الرسول ، من كتب التراث وحكايات صحابة الرسول نستطيع أن نعرف أن الدين يسر نجاح خلافة عمر بن الخطاب بسبب اقامته للعدل فهو طبقه على نفسه قبل أن يطبقه على الرعية . مصر منذ 1000 يوم فقدت شهداء بالجملة ويتم صغار ودخلت زوجات فى مقتبل العمر نادى الأرامل .. ومطلوب منهم جميعاً الرضا بقضاء الله حينها ستتبدل الأحزان إلى أفراح . وحتى يتحقق النهوض والرخاء لمصر مطلوب منا العمل فى منظومة متكاملة وننقى قلوبنا حتى ننجح فمستحيل أن ينجح القائد والمدير دون أن يكون داخلنا خوف عليه لأن نجاحه نجاحاً للمنظومة كلها واخفاقه دمار للجميع ، القائد وأى رئيس عمل لن ينجح فى تحقيق أحلامه وطموحاته إذا كان هناك حماس ممن يعملون معه يعادل حماسه والرغبة فى النجاح تزيد على رغبته فى حصد النجاح لأقصى قمة الهرم. وإذا كنا نتكلم عن تجارب شركات ناجحة ودول قهرت الفقر فان النجاح لم يكن بسبب مجهود فردى بل كانت هناك استجابة من كل فريق العمل ، وتتولد الأفكار الابداعية أمام المسئول الأول الذى ينتظر كل فكرة عبقرية من أجل تفعيلها حتى يكون النجاح الذى تكون فائدته للجميع . وإذا كنت تريد الاستقرار فى حياتك داخل المنزل والعمل لابد أن يكون قلبك عامراً بالحب لكل من حولك ، تمنى الخير ممن حولك حتى لو كان منافسك ، الرزق والعمر بيد الله وإذا أردت زرع الأشواك أمام منافسك فانك لن تعرقله بل سوف يسير وينجح لأن الله مع المجتهد ولا يضيع أجر . أقول لكل من دخل حزن فى قلبه عليك بالصبر واحمد الله مهما كان مرضك أو المحنة التى أنت فيها. كن مع الله فلن يخذلك حياتك سطورها كلها مكتوبة فى اللوح المحفوظ ، لا تحزن وارضى بما قسمه الله لك .