أعرف مرتضى منصور من أيام الجامعة.. زميلا ثم صديقا ثم أخا وهى أعلى مراتب الصداقة عندى.. والذين لا يعرفون المستشار مرتضى منصور يعتقدون أنه لمع واشتهر وبزغ نجمه حينما كان قاضيا قام بحبس أشهر ممثل كوميدى عربى فى هذا الوقت فى القضية المعروفة عن فيلم "حسن سبانخ" والتى اشتهرت اعلاميا بقضية "الأفوكاتو" وتعرض وقتها مرتضى منصور لظلم بين قدم على أثره استقالته من فوق منصة القضاء وقال فيها أن القانون فى مصر لا يطبق إلا على الفقراء.. وكانت ضجة ما بعدها ضجة وتناقلت وسائل الاعلام فى جميع الدول العربية خبر الاستقالة وحيثياتها.. ومع ذلك لست مع الذين ادعوا أن هذه القضية كانت بداية نجومية مرتضى!.. وهناك آخرون اعتقدوا أن نجوميته بدأت مع اشتغاله بالمحاماة وترافعه فى كبريات القضايا.. ولست معهم أيضا - ولا مع الذين اعتقدوا أن نجوميته ظهرت مع رئاسة نادى الزمالك أو عضويته مجلس الشعب.. لكنى ولقربى من مرتضى منذ أكثر من أربعين عاما أؤكد أن نجومية مرتضى بدأت منذ أن كان طالبا بكلية الحقوق فقد كان أبرز وأشهر طلاب الجامعة حتى أن الذين تخرجوا فيما بعد كانوا يطلقون على هذه الدفعة اسم دفعة "مرتضى منصور"؟.. وللحق والتاريخ أذكر وأسجل أن هذه الدفعة التى كنت أنا واحدا منها قدمت لمصر فيما بعد كبار المستشارين والمحامين وفى مقدمتهم المستشار الذى كنا نطلق عليه لقب العبقرى حمدى ياسين عكاشة نائب رئيس مجلس الدولة الحالى ورئيس النادي.. والأساتذة عصام الاسلامبولى الفقيه الدستورى حاليا وصابر عمار وسمير صبرى من كبار المحامين.. وأرجو ألا تخوننى الذاكرة أو تضطرنى فى صغر المساحة لنسيان نجوم آخرين، خاصة وكان ممن هم أقدم منى بالكلية الفنان محمود ياسين ومؤلف الأغانى الشهير مصطفى الضمراني.. كانت جامعة عين شمس وقتها مصنعا لتفريخ النجوم من خلال الأنشطة الطلابية فكانت مثلا الفنانة الكبيرة آثار الحكيم عضوا فى فريق التمثيل بالجامعة والفنان الكبير سامح الصريطى من كلية التجارة والراحل الكبير عمار الشريعى من كلية الآداب!. وفى عام 1972 كان مرتضى منصور أول طالب بجامعة عين شمس يتم القبض عليه لاعتراضه على خطاب الرئيس السادات الذى أعلن فيه تأجيل الحرب فى عام الضباب!!.. وخرج مرتضى من السجن أكثر شهرة بين طلاب الجامعة خاصة أنه لم يتب عن ممارسة السياسة تحت قبة الجامعة حتى تحقق نصر أكتوبر المجيد.. ولأن القدر كان يجمع بيننا فى أمور كثيرة دخلت أنا بعد مرتضى نفس السجن ولنفس السبب.. وما إن تخرج مرتضى حتى صار أشهر خريجى الجامعة حينما أصر على مقابلة الرئيس السادات فى حضور ضيفه ياسر عمار وحصل منه على موافقة الرئاسة بأن يلتحق خريجو حقوق القاهرة ونشرت الصحف فى اليوم التالى على صفحاتها الأولى صورة الرئيس السادات وهو يستقبل مرتضى منصور بعد تخرجه بأيام.. وتم تعيينه وكيلا للنيابة وبعدها انطلق بسرعة الصاروخ ليكمل دائرة شهرته التى تجاوزت الحدود المصرية وهو فى هذا السن المبكر!.. أما التوفيق غير العادى الذى حظى به مرتضى منصور فى حياته فربما أكون أنا الوحيد الذى أعرف سره الذى يكمن فى دعاء الوالدين وكون مرتضى ابنا بارا ومطيعا لوالديه وفائزا برضاهما حتى النفس الوحيد فى حياة كل منهما.. رحمهما الله.. لا نزكيه على الله ونحسبه كذلك. لماذا هذه المقدمة؟!.. سؤال قد يطرح نفسه على القاريء.. وأقول أن الذين لا يعرفون مرتضى منصور "الوجه الآخر" يخطئون دائما فى الحكم عليه.. ولا يعرفون أنه انسان يحمل قلب طفل.. رقيق المشاعر.. شهم الطباع.. أما الوجه الظاهر للناس أحيانا وتغلب عليه العصبية فلا يكون عند مرتضى إلا إذا واجه فسادا أو اعتدى أحد على مصر قولا أو فعلا أو أساء إلى شخص مرتضى، حينئذ قد ينفلت لسان مرتضى فى أية عواقب طالما كان فى حالة دفاع عن النفس أو الوطن.. ولهذا فإن أصدقاءه المقربين لا يستغربونه وهو معهم طيب القلب.. عاش لبيته وأسرته.. عف اللسان.. ولا يستغربون وهو ثائر يرفض الهزيمة ولو كان الثمن حياته.. وكم أشفقت عليه وهو يشهر سيفه فى وجه الحزب الوطنى ورموزه ونظام مبارك ويتم حبسه أكثر من مرة لقسوة معارضيه!.. لست أدافع عن مرتضى منصور فهو قادر على الدفاع عن نفسه.. لكنى أود أن أوضح جوانب عديدة من الصورة التى لا يعرفها عنه بعض الذين يمسكون بسلك الكهرباء العاري!! .. المهم اننى فوجئت ليلة الجمعة الماضية بالمستشار مرضى منصور عن احدى زوجات أحمد الريان رحمه الله والتى لم يدخل بها سوى ليلة واحدة ثم حدث الطلاق بعد ثلاثة أسابيع؟.. جاء ذكر هذه السيدة فى معرض حديث مرتضى عن أحد السياسيين المعروفين.. ووعد مرتضى بأن يكمل قصة هذه السيدة وعلاقتها بهذا السياسى اذا استمر الرجل على نهجه فى الدفاع عن بعض أعضاء الطابور الخامس.. وذكر المستشار مرتضى أن قضية السيدة يعرفها جيدا الأستاذ الكبير محمود صلاح وكاتب هذه السطور.. وتساءل الناس عن قصة هذه المرأة المجهولة.. ووجدت من واجبى أن أسجل للقراء حكاية هذه السيدة التى قفزت بسرعة الصاروخ من أحد الأحياء الشعبية الى حياة القصور!!.. وكانت الزوجة الوحيدة لأحمد الريان التى واكب زواجه منها انتهاء أسطورة شركات الريان لتوظيف الأموال! كانت فتاة متوسطة الجمال.. ومن أسرة متوسطة الحال.. تسكن فى شقة من حجرتين بأحد الأحياء الشعبية.. وشاء حظها العاثر أن تطلق من زوجها الذى يظل يطاردها بعد ذلك ويمنعها من مغادرة بيتها وإلا اعتدى عليها رجاله بالضرب والشتائم بالطريق العام.. وعاشت أياما عصيبة حتى وصلت شكواها الى اللواء منصور العيسوى وكان مديرا لأمن القاهرة فأمر قسم الشرطة التابع لسكن الشاكية بأخذ تعهد على طليقها بعدم التعرض لها!.. وكانت أمنيتها بعد أن تحررت من طليقها أن تتدرب بإحدى وسائل الاعلام ومن هنا تعرفت عليها وصار لها أصدقاء من الوسط الصحفي.. وشاء القدر فى هذا الوقت أن تضغط بعض الصحف على أحمد الريان بزعم انه عذب أستاذا جامعيا داخل شركته.. وكان لدى أحمد الريان احساسا بالمرارة وراح يؤكد براءته من هذه التهمة.. ونصحه أحد أصدقائه بأن يتزوج فى نفس التاريخ والساعة التى اتهموه فيها بتعذيب الأستاذ الجامعي.. لكن من تكون العروس التى توافق على زواج صورى مقابل مبلغ من المال؟!.. ووقع اختيار الريان على هذه الفتاة التى لم يكن أحد يعرف أنها مطلقة!.. وحينما ذهب لمقابلة أهلها ومصارحتهم بالأمر فوجيء الريان بالسيدة الشابة تسأله: * واذا ثبت لك خلال زواجنا اننى استحق الحياة معك مدى الحياة هل ستطلقنى أيضا؟! رق قلب الريان لها.. وطلب منها أن تترك الأيام تحكم عليه وعليها.. لأن كل ما يهمه الآن هو اثبات براءته ولا شيء آخر!.. وسأل الريان أسرتها عن المطلوب منه.. وجاء رد السيدة الشابة: * مهرى أن تحفظنى القرآن؟ لم يعلق الريان ودمعت عيناه ووعدها بأن يكافئها دون أن يطلبوا منه شيئا.. وما أن غادر الريان شقة العروس المرشحة حتى صارحنى بأنه لن يفرط أبدا فى هذه العروس التى طلبت منه مهرا عبارة عن تحفيظه القرآن لها!!.. كان نجم توظيف الأموال فى هذه اللحظات شديد الاعجاب بالأسرة التى لم تطمع فيه وتوقع أن تظل هذه العروس على ذمته وألا يكون الزواج صوريا طالما أن الفتاة "المطلقة" لا تتمنى أكثر من الستر!.. وكانت المفاجأة أن قبل ساعات من عقد القران جاء من يهمس فى أذنى الريان بأن الطالع يقول أنه سوف يحقق خسائر فادحة لشركته إذا تزوج هذه المرأة!!.. وسخر الريان من قاريء الطالع وطلب منه أن يغادر مجلسه فورا!!.. وكانت شبكة العروس كيلو من الذهب وعشرة آلاف جنيه.. أما عش الزوجية فكان قصرا استرده الريان من أحد دائنيه وكان من أملاك الريان الخاصة.. وأثناء عقد القران كرر الريان على عروسه وأسرتها بأن يظل الزواج سريا حتى لا يجرح مشاعر زوجته السيدة سهير والتى كان يحبها بجنون واذا تحدث عنها يردد دائما بأنه لا نساء بعد سهير!.. ووافقت العروس على سرية الزواج وهى تطير من الفرحة لحظة عقد قرانها على أحمد الريان.. انه الحلم الذى لم يخطر لها على بال!. هجرت العروس الحى الشعبي.. والشقة ذات الحجرتين.. وانتقلت الى القصر!!.. إنه واحد من أجمل القصور.. مكون من ثلاثة طوابق وسلم داخلى وحديقة.. وعن أفخم الأثاث حدث ولا حرج!.. ودخل الريان بعروسه فى ليلة من ليالى الربيع.. لكن ما أشرق صباح اليوم التالى حتى كانت السهام القاتلة تطلق عليه من وسائل الاعلام بزعم أن الشركة خسرت أموالها فى البورصة.. وتدافع المودعون لسحب أموالهم.. وانشغل الريان بمواجهة الأزمة العاصفة.. وكان يقضى ليله ونهاره داخل شركته.. ولم ترحمه العروس.. وطاردته بالتليفونات وراحت تشكو اليه فى كل مكالمة أنها محبوسة فى القصر!!.. ولا يمكن أن تتزوج رجلا لم يعش معها غير ليلة واحدة.. هى ليلة الزفاف!!.. وبعد أن ضاق الريان ذرعا بهذه المطاردات من عروسه رغم انشغاله بأحوال شركته طلق عروسه!.. واستطاع أن يسترد القصر ويعوضها بشقة تمليك.. لكن ساءت الأحوال بالشركة وانتهى الأمر بحبس الريان.. لكن فى الليلة السابقة على القبض عليه أخذته الصدفة الى قاريء الطالع الذى ذكره بما قاله له من نبوءة بانهيار الشركة.. وظل الريان شاردا حتى انصرف قارىء الطالع دون أن يتنبه الريان!.. وشاء القدر أن التقى بالريان فى نفس الليلة ولم يكن يتوقع أبدا أن المباحث ستلقى القبض عليه فى اليوم التالي.. وكان آخر ما قاله لى الريان أنه حاول جاهدا أن يوفق أوضاع، لكن يبدو أن الدولة لم تتركه إلا بعد أن تحبسه.. ثم همس لي: * عارف ايه أكبر غلطة أنا مسئول عنها شخصيا؟! ** لا أعرف؟! **زواجى من الست دي.. غلطة لن أغفرها لنفسي! ** ألم تكن تشكر فيها ليلة عقد قرانك لى أنا شخصيا!! * كان بيننا شرط.. أن يظل الزواج سريا.. وأرادت أن تضعنى أمام الأمر الواقع فى عز أمة الشركة فسربت خبر الزواج للصحافة.. ثم انهارت الشركة! ** لا تفكر فيها الآن.. * لا الآن.. ولا غدا.. لن أفكر فيها أبدا! *** بعد خمسة شهور من حبس الريان أعلنت المرأة التى كانت سيدة القصر زواجها الثالث ودخلت بعريسها الجديد بعد أن دخل الريان خلف القضبان! وسبحان الله!.