الضباع من أشرس، وأحقر، وأقذر مفترسات الغابة ، تنهش الفريسة ، تلتهمها امعاؤها وهي حية، علي عكس الأسد أوالنمر الذي يخنق فريسته أولا ثم يتغذي عليها ، والضباع من ألد اعداء ملك الغابة لما تتسم به من خسة ودناءة ، مثلها تماما، الضباع البشرية التي تنهش الآن في الوطن بلا رحمة لثقتها في غياب أسود الوطن . الضباع البشرية تنهش في شوارع القاهرة ، حولتها لعشوائيات فوضوية، عنوانها القبح وانعدام الأمن والآمان ، الضباع البشرية هي من احرقت المجمع العلمي ، هي من تشوه التاريخ وتتاجر في مقلوب الحقائق ، هي من تغتصب كل ما هو أثري وتضرب بالقانون عرض الحائط ، هي من تفرط وتبيع وتهدر كل قيم الجمال والخير والحق مستغلة في ذلك رخاوة الدولة ، أو فلنقل غياب الدولة ! الحسرة تتملكني كل يوم عندما تبصر عيني قاهرتي التي كانت من اجمل عواصم العالم في الخمسينيات والستينيات، اصبحت الآن شوارعها من اقذر وأقبح ما يمكن ان تراه العين المحبة للجمال ، الحسرة تعصر قلبي للجريمة البشعة النكراء التي لحقت بحديقة الأزبكية تحت سمع وبصر الجميع ، الضباع البشرية استولت عليها بالايجار من ضباع بشرية اخري في محافظة القاهرة فقدت الشرف والضمير، الحديقة تشوهت بمدينة ملاه ، أكشاك لبيع السندوتشات والوجبات السريعة تطل منها الثلاجات واجهزة البوتاجاز عبر الاسوار الحديدية التي تم قطع اجزاء منها في سور الحديقة ، جزء منها تحول لوكر للبلطجية ، اسوارها التي كانت تزينها مكتبات شعبية علمت عباقرة مصر في الفكر والادب ، اصبحت اسوارا حديدية لعرض الاحذية والملابس والبضائع الصينية الرديئة ، وكله وفق عقد موقع بتاريخ 9 يناير 2013 بين مدير عام الحدائق المتخصصة وسيدة رسا عليها المزاد الذي اعلن عنه في صحيفة قومية لتأجير الحديقة كمنفذ بيع مأكولات ومشروبات مقابل 1100 جنيه فقط لا غير شهريا ، وهي زوجة أحد الباعة الجائلين بمنطقة العتبة وعليه أحكام قضائية وفقا لمعلومات صرحت بها مصادر بالمحافظة تستنكر تأجير الحديقة ! حديقة الازبكية ياضباع بشرية، حديقة أثرية انشئت علي يد المهندس الفرنسي " باريل ديشان بك " علي مساحة 18 فدانا عام 1872 بأمر من الخديو اسماعيل ضمن تخطيط مدينة القاهرة ، وبقوة القانون يمنع منعا باتا العبث بالمباني والحدائق التي مر عليها مائة عام وتم تسجيلها اثريا ، ليس من حق احد ان يعدل فيها أو يؤجرها أو يضع بها مسمارا يغير من ملامحها التي سجلت عليها ، فكيف ترتكب هذه الجريمة بكل هذه البساطة من ضباع بشرية فقدت الشرف والضمير. المعلومات المتوفرة تقول ان كل ما فعله السيد محافظ القاهرة فور علمه بما جري انه عزل مديرعام الحدائق من منصبه واستبدله بآخر ! ، يا سلام ، كنت اتوقع ان يقدم من ارتكب الجرم لمحكمة جنائية فورا ، كنت اتوقع ان ينزل السيد المحافظ للمكان ترافقه قوة من شرطة المرافق لإزالة كل التعديات التي جرت داخل الحديقة الاثرية ، وتنظيفها واعادتها لسابق سيرتها الأولي ، لأن المزاد باطل والعقد باطل وما بني علي باطل فهو باطل ! لكن ما يجن الجن ، ان لا شيء من ذلك حدث ، الملاهي موجودة واكشاك بيع الطعام رديئة الشكل موجودة تخرج لسانها للجميع ، ومقهي علي مدخل باب دخول وخروج المواطنين من محطة مترو العتبة في الشارع المؤدي إلي شارع 26 يوليو ، والمعلومات تقول ان السيدة المستأجرة للحديقة بحق الانتفاع مقابل 1100 جنيه شهريا قامت بتأجير منافذ البيع بمبلغ 16 الف جنيه من الباطن ، وخالفت كل ما كان مطروحا بكراسة الشروط ومع ذلك فكل شيء كما هو ، وكأن محافظة القاهرة لا يعنيها ما تلاقيه الحديقة الاثرية من تدمير وتشويه ، وكأنها علي اتفاق لتدمير كل ما هو اثري من عهد الخديو اسماعيل، اين وزارة الآثار مما يجري؟ اين هيئة التنسيق الحضاري؟ اين الضمير الحي لدي جمعيات الدفاع عن البيئة؟ فالحديقة رئة بيئية لا يمكن القبول بالعبث بها بهذا الشكل المهين ، اللا أخلاقي واللاقانوني تحت اي ظرف من الظروف .