لست مندهشا من تعاطف البعض مع الرئيس المخلوع حسني مبارك عقب صدور قرار النيابة بحبسه 51 يوما. ولست مع قلق الثوار والشعب المصري من خروج عشرات الأشخاص في تظاهرات مطالبين بالاكتفاء بما جري من اذلال لرئيس مصر السابق وأفراد عائلته وحاشيته الذين نهبوا خيرات هذا البلد والقوا بمصر الي قاع الأمم غير عابئين بشعبها من أجل ان يحصدوا خير البلد في جيبوهم وبطونهم! هؤلاء المتعاطفون مع مبارك وعصابته بينهم الفقراء والمعدمون وضحايا النظام البائد وبينهم المنتفعون من استمرار الفساد والظلم ويريدون له البقاء لأطول فترة ممكنة لتنامي مصالحهم وزيادة اموالهم الحرام المسروقة من قوت الشعب المصري. اما المنتفعون واصحاب المصالح فمعروف سر تعاطفهم مع الرئيس الفاسد. اما الفقراء الذين شعروا بالتعاطف مع الطاغية فالعلم اكد اصابتهم بالمازوكية.. او حب الجلاد وهو مرض نفسي معروف وأشهر امثلته ماجري في ستوكهولم عام 3791 واطلق عليه علماء الطب النفسي متلازمة ستوكهولم. حيث اقتحمت مجموعة ملثمة احد البنوك السويدية واتخذوا كل من فيه رهائن.. وقامت الشرطة السويدية بمحاصرة البنك لمدة 6 ايام كاملة. وبالطبع شعر الرهائن بخوف شديد من خاطفيهم خاصة انهم هددوا بقتلهم جميعا.. بل وقتلوا بالفعل عددا من الرهائن امام اعين الآخرين. الغريب.. انه بعد مرور اربعة ايام حدث مالم يتوقعه احد.. حيث بدأ الرهائن الذين نجوا من الموت في الدفاع عن العصابة وبدأوا يفكرون لهم في طريقة للهروب من رجال الشرطة السويدية التي تحاصر البنك! من هنا عرف هؤلاء الضحايا باسم متلازمة ستوكهولم او حب الجلاد.. واعتقد ان العشرات الذين يتعاطفون مع الطاغية مبارك هم صورة طبق الأصل من هؤلاء الرهائن الذين احتجزوا في البنك السويدي عام 3791.. انهم يحبون الجلاد ويتعاطفون مع من قتلهم وافقرهم واذلهم. هؤلاء المتعاطفون مع مبارك الذي سجنهم واذلهم وعذبهم وان كانوا عشرات الا انهم يحاولون اقناع الباقين انهم الأغلبية من الشعب المصري ودائما ما يرددون ان الملايين التي خرجت الي ميادين مصر كلها في ثورة 52 يناير لايمثلون مصر! هؤلاء المتعاطفون مع الفرعون الأخير مكانهم الوحيد هو مستشفي الأمراض العقلية رغم كل ما يدعونه من انهم عقلاء واوفياء ولا يسمحون باهانة الكبار ويرفضون »قلة الأصل« وعدم الوفاء للقائد. هؤلاء المازوكيون.. ستسمع البعض منهم يردد انه مع الثورة ولكنه ضد اهانة الأب.. حتي لو كان هذا الأب لصا محترفا سرقه عيني عينك وعذبه وجعله يأكل من صفائح القمامة بينما هذا الأب يأكل من اشهر مطاعم باريس ويلقي بالطعام الي كلابه تاركا شعبه يموت من الجوع ويعيش في المقابر. هؤلاء المتعاطفون مع الطاغية مازالوا يرددون ان مبارك جزء من تاريخ مصر ونسوا انه الجزء الأسوأ في هذا التاريخ المجيد وانه الحاكم الوحيد الذي باع شعبه للعدو الاسرائيلي وحاصر اشقاءهم في غزة وساهم في إحتلال العراق . خطايا مبارك خلال 03 عاما لاتعد ولاتحصي. ولكن المتعاطفين معه رغم انهم يعرفون جيدا هذه الخطايا بل وكانوا اول ضحاياها سوف ينكرونها جميعا وسيتمسكون بجملة واحدة »انه الرمز«! وللحق فان كان الرئيس المخلوع هو الرمز.. فاسمحوا لي ان اقول لهؤلاء المتعاطفين ان الطاغية مبارك كان رمزا للآتي: كان رمزا للفساد وراعيا رسميا له. كان رمزا لانعدام الوفاء واسألوا أهل قريته كفر مصيلحة. كان رمزا للعار بخيانته لأمته العربية والإسلامية وارتمائه في احضان العدو الاسرائيلي. كان رمزا للانحطاط السياسي بتسليمه مصير الشعب كله لابنه وشلته الفاسدة. كان رمزا للتعذيب والقهر.. واسألوا آلاف السجناء في معتقلاته. كان رمزا للجبروت والطغيان بجمعه مليارات الدولارات بينما شعبه نصيب الفرد فيه اقل من دولار واحد يومياً! هذا هو مبارك الذي تتعاطفون معه. هذا هو الطاغية وانتم ضحاياه.. ألا تعقلون؟