أصبحت المعونة الامريكاني كما العصا تهددنا بقطعها كلما رأت كرامتنا تلسعنا بأي تصريحات واصبحت الدولة تتغني وتملأ المانشتات الحمراء واجهة الصحف تعلن عن الرضا السامي من الكونجرس الامريكي بقرار المعونة. وللاسف لا ينتبه الاعلام سواء المقروء او المسموع لهذا الاسلوب وتزغرد العناوين الحمراء لتعلن اننا تحت العناية الإلهية وسوف نأكل المهلبية الامريكاني.. وسألني شاب في السادسة عشرة من عمره: لماذا لا نرفض المعونة الامريكاني؟ قلت له: - المضطر يركب الصعاب ليس هناك بديل - لأ هناك بديل.. هو ان نبحث عن مورد آخر او نجرب الجوع. - أنت شاب صغير ولم تجرب زنقة الدول في الحوجة! قال: الامريكان أخذوا علي هذا الاسلوب واصبحوا يستعملون هذه الورقة دائما فلماذا لا نجرب الرفض! قلت: - قصدك تجرب الجوع! قال: - انهم يشعرون بهذا الجوع ويلوحون بهذه الورقة... وقد غيرنا الدولة وظللنا في حاجة دائمة لهم ووصلنا إلي التلويح بقطع المعونة اي التجويع. قلت: - عندما يصلون لقطع المعونة نصرخ ونعلن الولاء خوفا من قطع المعونة وهكذا اصبحت المعونة كأنها الحبل الذي نتعلق به من حين لآخر. عندك حل ثاني!! قال: - لأ مافيش غير تجربة الجوع. قلت: - لابد أن نفكر جيدا في عدم انتظار قطع المعونة. قال: - إننا لا نستطيع الاستغناء عن الطعام.. وفي نفس الوقت لابد ان نجرب تجربة »الرفض». قلت: - إذا استطعنا التحمل فلن يستطيع الصغار التحمل. قال: - لابد أن نفكر جيدا ولا ننتظر حتي لا يقطع الأمريكان المعونة التي يهددون بقطعها دائما وتصبح المعونة هي السيف المسلط علي رقابنا، انه مسلط علي رقبة الدولة. فلتجرب الدولة رفض المعونة ونقتسم مع الناس الأزمة... اننا لا نعلم القهر بالجوع فلابد ان نشارك الدولة في الازمة ولا ننتظر دائما ان تحل لنا الدولة كل ازمات الطعام. - لسنا وحدنا في هذه الازمة... - تجربة الهند رائعة.. فقد تخلصوا من الاستعمار الانجليزي بالتحمل! - ليست كل الشعوب قادرة علي تحمل الجوع! - انها تجربة لابد ان نجربها لو كنا جادين في الاعتماد علي انفسنا!! - اننا نعيش الانتظار فلو حاولنا ان نجرب تحويل طاقة الانتظار الي طاقة عمل فسوف نخرج من الازمة. - اننا لن نستطيع أن نجعل الشعب يجرب معنا تجربة الجوع لان الانتظار هو جوع والجوع كافر لا دين له. قال: - انت متشائمه بدرجة كبيرة!! قلت: إننا حينما نفكر نعتبر الانتظار تشاؤماً. قال: الانتظار نوع من النظام والنظام يوصل إلي بعض الحل. قلت: - المشكلة أننا ننتظر دائما الحل يجيئنا من الدولة. قال: - كان الله في عون الدول فهي تنتظر انتظارة كبيرة، وحينما تصل الي حافة اليأس يصل الحل او حتي نصف الحل، لا أحب إنصاف الحلول!! - ليس لك ان تحبي انصاف الحلول وإنما هو هبوط اضطراري مثل ما يحدث في الطائرات حينما تواجه مشكلة في الجو. - يا عزيزتي الجو ملغم بالمشاكل!! - إن أجمل شيء في الدنيا حينما يتخلص الانسان من مشكلة ما!! - اننا تعودنا ان نتخطي المشاكل. - إن تخطي المشاكل هو نوع من التغيير للأنفع. - والحياة جميلة إلي ان يصل الإنسان حتي إلي انصاف الحلول وليس الحلول فقط. وإلي مشكلة جديدة نفكر فيها.. لان عالماً بلا مشاكل.. عالم بلا روح.
