بعد عامين من عجز المجتمع الدولي عن اتخاذ موقف حاسم للأزمة السورية بسبب تعارض المواقف داخل مجلس الأمن بين الولاياتالمتحدةوروسيا بشكل رئيسي .. يبدو ان الازمة وجدت طريقا آخر للحل تمثل في اتفاق امريكي روسي تم التوصل اليه فجأة يوم الثلاثاء الماضي من خلال مفاوضات مكثفة بين جون كيري وزير الخارجية الامريكي و الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ووزير خارجيته سيرجي لافيروف . .الاتفاق لم يأت عرضا بل كان نتيجة لعدد من التطورات الاخيرة منها المخاوف من انتشار الحرب للدول الجارة، والهجمات الاسرائيلية الاخيرة، واستمرار تدفق اللاجئين.و التقدم الذي احرزته القوات الحكومية السورية مؤخراعلي مختلف الجبهات ..وهو ما زاد من الضغوط التي تتعرض لها واشنطن والخاصة بتقديم مساعدات عسكرية للمعارضة السورية او التدخل بشكل مباشر لتغيير موازيين القوي لصالح المعارضة في الوقت الذي اخفقت فيه المعارضة في تحقيق نتائج علي الارض وفي طرح نفسها كقوة متجانسة ،حيث لم تتمكن حتي الان من تشكيل حكومة انتقالية يمكن تقديمها لقيادة عملية التغيير في سوريا ..بالاضافة الي ظهور مخاوف لدي واشنطن من أن تسقط الأسلحة المقدمة إلي المعارضة السورية المقاتلة في أيدي المتشددين. والممثلين حاليا في جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة والتي تسيطر علي الاماكن التي تم تحريرها في سوريا. يقوم الاتفاق الذي يتضمن ست نقاط علي حث النظام السوري ومعارضيه علي إيجاد حل سياسي للنزاع المستمر منذ أكثر من سنتين علي أساس اتفاق جنيف الذي أقرته مجموعة العمل حول سوريا (الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن وتركيا والجامعة العربية) في يونيو الماضي. وينص اتفاق جنيف علي تشكيل حكومة انتقالية تضم أعضاء في الحكومة الحالية وآخرين من المعارضة بصلاحيات تنفيذية كاملة ، ويبدو ان الآلية التي تسير عليها المحادثات هي ان يكون رحيل الاسد جزءا من نتائج المحادثات وليس شرطا لبدئها، حيث سيتنحي الاسد عن السلطة عندما يتم الاتفاق علي حكومة انتقالية. فالروس الذين يدعمون الخطة علنا تعهدوا بتقديم شخصيات في الحكومة السورية كي يكونوا جزءا من الحكومة الانتقالية ورغم ان الاتفاق الروسي الأمريكي جاء عكس ما سعت اليه بعض اطراف المعارضة التي كانت تتشوق لحل عسكري الا ان الحكومة السورية رحبت به ووجد تأييدا من عدد كبير من الدول الاوربية وحتي الدول التي كانت تسعي لتسليح الإئتلاف السوري المعارض مثل فرنسا وبريطانيا و لهذايقوم حاليا فريقا عمل امريكي وروسي لاعداد وتنظيم مؤتمر دولي حول سورية نهاية هذا الشهر في جنيف، يضم المعارضة والحكومة..في نفس الوقت تمارس واشنطن ضغوطها علي المعارضة السورية المنقسمة داخلياً وخارجياً، وعسكرياً وسياسياً للجلوس مع السلطة علي مائدة واحدة، ولهذا تري صحيفة واشنطن بوست الامريكية ان الاتفاق ما هو إلا بداية ولكنها محفوفة بالمخاطر والمشاكل، و ان كلا من روسيا وامريكا توصلتا الي ان الاتفاق علي حل سياسي احسن من القتال حتي الموت وزعزعة استقرار المنطقة و لهذا اعتبره الأخضر الإبراهيمي موفد الأممالمتحدة والجامعة العربية إلي سوريا محاولة لايجاد حل سياسي للأزمة وأول خطوة إلي الأمام.