أخي.. ابني قريبي.. جاري صديقي.. رجل الشرطة المصرية قبل أن أكتب اليك هذه الرسالة دبت الحياة في ذكري ظننت أنها ابتعدت عن ذاكرتي مع زحام الحياة ومرور سنوات يطويها الزمن طيا بكل ما تحمله من حلو ومر! ذكري حوار قصير دار بين الأب وابنته الصغيرة مساء يوم عيد ميلادها السادس: بابا.. ما تتأخرش.. زمايلي في البيت وعاوزين يحتفلوا معايا بعيد ميلادي! خلاص يا حبيبتي.. كلها ساعة زمن وأكون في البيت.. أنا اشتريت لك أكبر تورتة، وكمان هدية هتكون مفاجأة جميلة علشان خاطر عيونك. خلاص يا بابا.. مستنياك. لم يكد الأب يعيد سماعة الهاتف الي مكانها حتي تلقي بلاغا بانهيار العمارة الشهيرة بمدينة نصر والتي تعلو محل شهير »للكشري«!.. نسي ضابط الحماية المدنية بالقاهرة كل شيء، وهب مع زملائه وجنوده واتجهوا علي الفور الي عنوان البلاغ.. كان جزءا من العمارة لم يسقط بعد.. دون أن يفكر الضابط اقتحم هذا الجزء لانقاذ ما يمكن انقاذه من الأرواح.. اختفي بين تلال الأتربة وألسنة الحريق، وفجأة سقط الجزء الأخير من العمارة فوق رأس الضابط ففارق الحياة في الحال! التورتة الكبيرة، والجاتوه، والهدية التي اشتراها الأب لازالت داخل مكتبه.. والطفلة وزميلاتها ينتظرون لحظة وصول الأب.. والأم تنظر الي الباب وأذنيها مع الجرس فقد اقترب وصول زوجها.. لكن الهاتف يدق والرنين لا يتوقف.. ترفع الزوجة السماعة لتسمع أصعب خبر في حياتها!! .. بعد ثلاث ساعات رأيت أرملة الضابط تقف أمام الأنقاض تمني النفس بأن تحدث المعجزة.. لعل وعسي يخرج زوجها حيا.. لكن يرتفع الهتاف »الله أكبر.. الله أكبر«.. تخرج جثامين شهداء الشرطة.. الضابط الأب وبعض زملائه الذين حاولوا أن ينقذوا أرواح الأبرياء فماتوا معهم! أخي.. ابني صديقي.. قريبي جاري.. رجل الشرطة المصرية لا أعرف لماذا بدأت رسالتي اليك بهذه الذكريات التي لا تغيب عن الخاطر.. ولا أعرف علي وجه التحديد اسمك أو عنوانك أو رتبتك لأن هذا كله ليس مهما لأنك أصبحت رمزا.. والرمز يعلو فوق التعريفات! ما يهمني انك واحد ممن تركنا لهم مسئولية حمايتنا من كافة الأخطار.. وانك تضحي من أجلنا براحتك وأعصابك وحياتك الخاصة دون ضجر أو ملل لأنك تحمل رسالة، ولا تمارس وظيفة فحسب! أكتب اليك.. واليوم عيدك.. لا أعرف كيف أشكرك أو كيف أهنئك إلا بأن أساعدك علي تطبيق القانون.. وألا أتركك وحدك في قلب العاصفة أو بين الأمواج!.. واجبي ألا أكون معوقا لك في أداء رسالتك، وأن تكون رؤيتي لك بعين المحب العاشق لتراب وطنه، لا بعين الحاقد، الناكر للجميل، الساعي الي احداث فتنة وقلاقل! واجبي ألا أخالف اشارة مرور ثم أشكو الزحام.. وألا أعتدي علي الآخرين ثم أحاول تبرئة نفسي.. وأن أحترم القانون وأن أمارس حريتي في انضباط وموضوعية واحترام الممتلكات العامة والخاصة..! .. وأرجو أن تعلم أن كل المصريين الشرفاء ينحنون لك اليوم اعترافا بجميل صنعك معهم.. وتقديرا لأرواح الشهداء الذين فارقوا الحياة تحت الأنقاض أو برصاصات الارهاب أو علي أيدي تجار السموم أو في مطاردات الخارجين علي القانون!
أخي.. ابني.. قريبي.. جاري.. رجل الشرطة المصرية.. المصريون الشرفاء يضعونك تاجا فوق رؤوسهم ولعل هذا يكفيك فخرا.. بل أنت في قلوبهم وفي أعينهم ولعل هذا يكفيك عزة!.. ولعل هذا أقل تقدير وتحية وتهنئة لك بيوم عيدك الرسمي الذي يحمل معه ذكريات الوطنية الخالصة لرجل الشرطة المصري من 52 يناير 1591 وحتي الآن.. ويوم عيدك الشعبي الذي نحتفل به مع كل ضربة قاصمة توجهها للارهاب وتجار السموم والخارجين عن القانون.. فالأمن هو الاحساس بالأمان وهو ما ينعم به ملايين المصريين في طول البلاد وعرضها، ومن الصباح الي الصباح مرورا بساعات الليل الذي يرتع في ظلامه المجرمون اذا لم تكن أنت موجودا! يا عزيزي.. سوف أطلب من كل مواطن عبر هذه السطور أن يعبر عن مشاعره نحوك يوم عيدك ولو بمكالمة تليفونية أو أن يقدم لك زهرة أو أن يصافحك ويشد علي يديك، ففي حياة كل مواطن سوف يجد رجلا من رجال الشرطة في البيت الذي يسكن فيه أو داخل عائلته أو عبر الطريق الذي يمر منه أو في المصلحة التي ينجز فيها عمله.. وعلينا جميعا أن ننتهز هذه الفرصة وأن نقدم لكم التهنئة في لحظة حب تستحقه أنت وزملاءك مع اختلاف الرتب والأسماء، والمواقع، نعم لحظة حب تعبر عن هذا الحب الكبير الذي ربما تشغلنا الحياة ومنغاصاتها طوال العام عن التعبير عنه بالشكل اللائق الذي يستحقه كل العاملين في المؤسسة الأمنية المصرية. تحية لقائدك الكبير السيد حبيب العادلي وزير الداخلية.. وتحية لفريق العلاقات العامة الذي يربط بينك وبين المواطنين وأجهزة الاعلام، هذا الفريق الذي يترأسه اللواء حمدي عبدالكريم مساعد أول الوزير والعميد هاني عبداللطيف دينامو الادارة والعقيد أيمن حلمي وكل أعضاء فريق وكتيبة العلاقات والاعلام.. أهنئك ياعزيزي.. وكل القيادات الشرطية والضباط من مختلف الرتب والأمناء والمساعدين والمندوبين والأفراد واعلموا جميعا أن شعب مصر يقولها لكم بصوت رجل واحد: كل سنة وأنتم طيبون..