من الأسباب الرئيسية التي جعلت كوكب الأرض ملائم لحياة الكائنات الحية بأشكالها المتعددة والمختلفة هو وجود الماء. وقد جعل الله سبحانه وتعالي الماء أصلا كل المخلوقات الحية حيث قال عز وجل "وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون" وفي آية أخري يقول تعالي "والله خلق كل دابة من ماء" ومعني ذلك أن الماء دلالة الحياة ومختصرها وهناك تلازم بشكل واضح بين الماء والحياة. وتقدر كمية المياه العذبة المتاحة في العالم بنحو 11 تريليون متر مكعب. وإذا ما وزعت هذه الكمية الكبيرة من المياه فإن نصيب كل فرد سيتجاوز خمسة آلاف متر مكعب سنوياً. إلا ان عدم توزيعها جغرافياً بشكل يتوازي مع التوزيع السكاني لدول العالم يؤدي إلي وجود الوفرة المائية عند البعض والندرة عند البعض الآخر حيث تعاني من ندرة المياه 43 دولة منها 35 دولة افريقية وتشير الدراسات إلي ان 1.2 مليار شخص يعيشون في أماكن لا تتوافر فيها مصادر كافية من المياه لتغطية احتياجاتهم أغلبهم في الدول النامية. ويمثل الوضع المائي لدول حوض النيل نموذجاً مثالياً لعوامل الندرة المائية الطبيعية والندرة الاقتصادية المتعلقة بغياب البنية الأساسية اللازمة لاستغلال المياه المتاحة. وتؤكد النتائج أننا وصلنا بالفعل إلي ما يسمي بنهاية عصر المياه الرخيصة وأن المتاح من المياه لا يكفي لاحتياجاتنا الفعلية منها. بالاضافة إلي تغير المناخ في الفترة الأخيرة والذي سيؤدي بدوره إلي زيادة حدة الأزمة المائية ويتجسد ذلك بصورة واضحة في القارة الافريقية وبالأخص دول حوض النيل والتي تتصف بالضغط السكاني الكبير علي موارد الحوض حيث يبلغ عدد سكان دول الحوض نحو 403 ملايين نسمة أي ما يمثل نحو 41% من جملة سكان القارة الافريقية. في حين تبلغ مساحة دول حوض النيل نحو 8.9 مليون كم2 أي ما يمثل 30% من جملة مساحة القارة وهو ما يعني ان التمثيل السكاني أكبر من تمثيل المساحة المشغولة.وبالنسبة لمصر والبالغ مساحتها مليون كم2 فهي تحتل المرتبة الأولي بين دول حوض النيل من حيث عدد السكان ومعدل التنمية البشرية ويمثل نهر النيل المصدر الأساسي والوحيد لمصر حيث تعتمد عليه بنسبة "97%" من احتياجاتها المائية في جميع المجالات المختلفة فالنيل هو شريان الحياة لمصر ويقترن اسم النيل دائماً بمصر بل يكون مرادفاً لها وتبلغ حصة مصر من مياه النيل نحو "55.5" مليار متر مكعب سنوياً ليلبي احتياجات "80" مليون نسمة مما يعني ان نصيب الفرد في مصر يبلغ نحو "767" مترا مكعبا سنوياً أي ان مصر تعاني من مشكلة ندرة المياه حيث ينخفض نصيب الفرد عن حد الفقر العالمي للمياه بنحو "- 233" مترا مكعبا سنوياً. وتزداد أهمية ودور النيل بزيادة عدد السكان في مصر والتي تتطلب مزيداً من الاحتياجات الغذائية.وقد اجتمعت دول المنبع في مدينة عنتيبي الأوغندية يوم 14 مايو 2010 ووقعت علي اتفاقية إطارية برعاية وتشجيع من أوغندا بدون دولتي المصب "مصر والسودان" حيث تطالب مجموعة المنبع من خلال هذه الاتفاقية بالتخلص من الاتفاقيات التاريخية الملزمة بشأن مياه نهر النيل وتبني نهج جديد يؤدي بالضرورة إلي التأثير سلباً علي الحقوق التاريخية لدولتي المصب. وقد وقع علي الاتفاقية وزراء خمس دول هي "أثيوبيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا وكينيا" ومن المفترض ان توقع كل من الكونغو الديمقراطية وبوروندي خلال عام من التاريخ المذكور وقد وجهت أيضاً الدعوة إلي دولتي المصب "مصر والسودان" بالتوقيع علي الاتفاقية الا انهما ترفضان ذلك وتتمسكان بمبادرة حوض النيل NBI والاتفاقيات السابقة. وللحديث بقية