على الرغم من أن 70% من الطاقة الكهربائية المستخدمة فى المانيا تنتج من المحطات النووية فلا يزال هاجس القنبلة النووية وتشرنوبل يسيطر على نسبة كبيرة من الشعب الألمانى. وكثيرا ما خرجت المظاهرات تطالب الحكومة بايقاف العمل بالمحطات النووية. وحصلت (الجمهورية) على فرصة لدخول أكبر محطة نووية ليس فى المانيا فقط ولكن ايضا على مستوى العالم وهى محطة ازار المقامة فى ولاية بافاريا بميونخ والتى تم انشاؤها عام 1985 فى اطار زيارة لوفد صحفى مصرى بدعوة من مؤسسة هانس زايدل الألمانية وبالتنسيق والتعاون مع مركز التدريب الصحفى بالمجلس الأعلى للصحافة.. وبرئاسة د. رضا شتا مسئول العلاقات الخارجية بالمجلس الأعلى للصحافة. وأجرى الوفد لقاء مع د. ماركوس تراوتما نهايمر مسئول الطاقة النووية والحماية من الاشعاع فى وزارة البيئة بولاية بافاريا.. حيث أكد ان تكنولوجيا الطاقة النووية بدأت فى المانيا الاتحادية منذ 40 عاما ويعمل حاليا فى المانيا 17 محطة نووية وتوجد بعض المحطات متوقفة عن العمل والبعض الآخر تمت ازالته واقامة حدائق فى مواقعها والبعض الآخر تم تحويله إلى متاحف. اضاف ان هناك مبادئ اساسية للحماية والأمان داخل المحطات يتم تنفيذها بدقة متناهية بحيث يتم تأمين الاشعة الموجودة داخل المحطة وضمان عدم تسريبها تحت أى ظروف. كما يتم تبريد المواد المستخدمة فى الاحتراق داخل المحطة بصفة دائمة حتى لا تنصهر وعندما يتم اغلاق المحطة تترك المواد الحارقة فى المياه لتبرد بالاضافة إلى متابعة دائمة لمستويات الضغط داخل الأنابيب المصنوعة من الصلب ومراقبتها بصفة مستمرة. أكد مسئول الطاقة النووية ان الأمان داخل المحطات النووية عالى جدا ويعمل وفق اجهزة متطورة بحيث إذا حدث خلل لأى سبب فإن هناك جهازا بديلا يعمل بشكل تلقائى والكترونى وان وزارة البيئة فى بافاريا لديها أجهزة للمراقبة لقياس مستويات الأمان داخل المحطة النووية على مدار ال 24 ساعة وكل ولاية فى ألمانيا مسئولة عن مراقبة المحطة النووية الموجودة بها. المخلفات النووية أضاف ماركوس ان المخلفات الناتجة عن المحطات النووية يتم ارسالها إلى فرنسا لاعادة تدويرها هناك ثم بعد ذلك يتم إعادة المخلفات المتبقية من إعادة التدوير إلى المانيا مرة أخرى لدفنها فى اراضيها وان هذا الإجراء يواجه رفضا شديدا من غالبية الشعب الألمانى وهى بالطبع مواد شديدة الانفجار وليس امامنا بديل عن دفنها فى الأراضى الألمانية والشعب الألمانى متخوف من تسرب هذه المخلفات إلى المياه الجوفية التى تعد من أهم مصادر مياه الشرب فى المانيا ويجرى حاليا إعداد مدفن متطور وقد تم رصد 1.5 مليار يورو لاقامة هذا المدفن فى شمال المانيا. مشيرا إلى أن هناك اتجاها بأن تتم اعادة تدوير المخلفات النووية على الأراضى الألمانية وجميع هذه الاتجاهات تحظى بمناقشات حامية سواء بين منظمات المجتمع المدنى أو الأحزاب أو من البرلمان الألمانى ولذلك فقد صدر القرار بمد العمل بالمحطات النووية فى المانيا حتى عام 2034 حتى تكون هناك فرصة للابحاث والدراسات العلمية والتى يمكن من خلالها الاعتماد على الطاقات الجديدة والمتجددة فى توليد الكهرباء اللازمة للحياة. ولدخول المحطة النووية إجراءات صارمة بدأت قبل سفرنا إلى ألمانيا بأسبوعين لاستخراج التصاريح الخاصة بالدخول وكان فى استقبالنا السيدة ماجدولين ريتر مسئولة العلاقات العامة والاعلام وصاحبتنا إلى داخل المحطة وكان عدد الوفد المصرى خمسة أفراد وقبل الدخول للمحطة قامت ماجدولين بالقاء عدة تعليمات علينا مثل عدم اصطحاب المحمول أو أى حقائب أو كاميرات وإلا يكون احدنا مصابا بجرح مفتوح او طفح جلدى وكذلك الالتزام بالقواعد والتعليمات اثناء التواجد بوحدة التحكم داخل المحطة وارتداء سترة الحماية وهى عبارة عن أوفرول مثل الذى يرتديه العمال فى المصانع والالتزام بعدم تخطى الحواجز وعدم لمس أى شىء ثم التوقيع على علمنا وموافقتنا على التعليمات. وفى بداية دخول المحطة على كل منا ان يقف على جهاز لقياس الاشعاع للتأكد من خلونا من أى اشعاعات قبل الدخول.. ثم الوقوف على جهاز آخر للتأكد من خلونا مرة أخرى من اشعاعات.. ثم قمنا بارتداء السترة الحامية التى تشبه الأوفرول وحذاء بالقدم وخوذة على الرأس للحماية من درجة الحرارة العالية والتى تصل إلى 330 درجة مئوية.. وداخل المحطة النووية صعدنا إلى البرج من خلال سلالم على ارتفاع 118 مترا.. وداخل المحطة النووية الحوائط مصنوعة من الصلب بسمك 2 متر وذلك لتأمينها من أى اعتداءات أو هجمات ارهابية.. وداخل الممرات توجد بين كل ممر وآخر حوائط عازلة ومحكمة تماما يتم فتحها واغلاقها الكترونيا وسمك الباب حوالى 2 متر فكما تقول مجدولين ليس لدينا أى فرصة للمجازفة أو التهاون فى التعامل داخل المحطة النووية كما انه ليس هناك أى فرصة لخطأ – أما المفاعل نفسه فقد تمت احاطته بطبقة عازلة من الخرسانة المسلحة بسمك متر. أكدت مسئولة العلاقات العامة بالمفاعل النووى الألمانى ان التكنولوجيا المستخدمة فى هذه المحطة لم تتغير من 25 عاما والتطور والتحديث الذى يطرأ على المفاعل يحدث فقط فى رفع درجات الأمان والحماية وليس فى طريقة التشغيل. صيانة سنوية أشارت مجادولين ان عمليات الصيانة داخل المحطة النووية تتم مرة كل عام فى فصل الصيف وتستغرق شهرا كاملا وقد تم اختيار فصل الصيف لأن استهلاك الكهرباء تقل فى ألمانيا وهذا لا يعنى أن البلاد لا تستهلك كهرباء خلال فصل الصيف ولكنه استهلاك أقل للكهرباء وعادة ما تقوم المحطة بتخزين طاقة الكهرباء لاستخدامها خلال فترة التوقف من أجل الصيانة. وعن رأيها فى استعداد مصر لبناء محطة نووية قالت إن مصر تستخدم تكنولوجيا فرنسية والمحطة المقرر اقامتها فى مصر متطورة وتتبع احدث التكنولوجيات العالمية أى انها متطورة اكثر من المحطة الألمانية. وبعد الانتهاء من الجولة الشاقة جدا داخل المحطة النووية نظرا لكثرة الصعود والهبوط من خلال سلالم حديدية قمنا مرة أخرى بالمرور على جهاز قياس الاشعاع للتأكد من اننا لم نتلق أى جرعات اشعاعية خلال الجولة وبالفعل تم قياس الاشعاع مرتين من خلال جهازين يتم الوقوف عليهما بالتتابع قبل الخروج من المحطة.. وعندما سألنا ماذا لو حدث وزاد معدل الاشعاع لدى أحدنا قالت مجدولين هذا لم يحدث من قبل وإذا حدث فهناك تعويض ضخم من المحطة.. وطبعا ضاع علينا التعويض لاننا خرجنا جميعا خاليين تماما من الاشعاع.