كشفت أزمة أيرلندا المالية وانهيار قطاع البنوك والعقارات عن أن الأزمة المالية العالمية التي بدأت بقوة عام 2008 لاتزال تداعياتها مفتوحة. ولا يمكن لأي بلد في العالم أن يشعر بالطمأنينة أو أن يكون لديه حصانة مطلقة من الهزات المالية طالما أن الأزمة لم تعالج بكفاءة وبتضامن دولي ولم يتم علاج أسبابها الحقيقية. ما حدث في أيرلندا.. وفي البرتغال وإسبانيا وفي اليونان أيضا من قبل يكشف عن أن هناك توابع خطيرة للأزمة المالية لاتزال تحت السطح.. وهي كما وصفها أحد الخبراء مثل اناء البخار الذي يغلي وفوقه غطاء.. حتي إذا زاد الغليان قذف بالغطاء فيمن حوله..! وبعدما جري في هذه الدول تشعر دول الاتحاد الأوروبي كلها بالفزع.. وهو ما يؤكد أن الأزمة تلقي بظلالها ليس فقط علي هذه الدول بل علي كل دول العالم. ويحاول الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مساندة خطة الإنقاذ في أيرلندا لتحصل بمقتضي هذه الخطة علي نحو 90 مليار يورو بشرط تنفيذ خطة تقشف صارمة. وخطة التقشف التي تلقي معارضة شديدة من رجل الشارع في أيرلندا الذي فوجئ بالأزمة وتداعياتها تتطلب أيضا برنامجا صارما للتقشف يقضي بزيادة في الضرائب واستقطاعات في الوظائف الحكومية وغيرها لتوفير 15 مليار يورو للخروج من هذه الأزمة علي مدي 4 سنوات وفي هذه الأزمة تعرضت أيرلندا لضغوط كبيرة من الاتحاد الأوروبي لتطلب الدعم والمساندة.. وذلك ليس مجرد مساندة أو مجاملة لدول أوروبية ولكن بهدف انقاذ منطقة اليورو وعلاج التدهور الذي لحق بالعملة الأوروبية أمام الدولار حيث بلغ أدني مستوياته خلال شهرين منذ الكشف عن هذه الأزمة وفقد 3 سنتات في أسبوع واحد. والمحاذير الأوروبية والتضامن لعلاج أزمة أيرلندا يهدفان أيضا إلي مواجهة مشكلات ديون وعجز مالي متزايد في دول أخري ربما تنضم لقائمة الدول التي تعاني من الأزمة وتداعياتها إذا لم تتم مواجهة أزمة أيرلندا وغيرها من الدول التي تعرضت لهزات مالية في أوروبا. والحقيقة أن مخاطر الأزمة المالية العالمية لاتزال قائمة. والانهيارات التي تحدث في أسواق العقارات والمصارف تقع فجأة بدون سابق انذار. وإذا كانت أي دولة أوروبية تقع في فخ الأزمة المالية العنيفة تجد الاتحاد الأوروبي يقف خلفها لمساندتها فإن هناك دولا أخري قد لا تجد مثل هذا الدعم من الأشقاء أو الأصدقاء. وما جري في البنوك باليونان أو أيرلندا أو دول أخري هو نفس السيناريو المؤلم الموجود في دول عديدة ولهذا ينبغي علي كل العقلاء في الإدارات الاقتصادية الحذر من خطر قادم سواء من داخل الحدود أو خارجها قد يضرب اقتصادات دول تقر أنها بعيدة عن هذه الأزمات ومخاطرها.. وقد يكون الفساد المصرفي والأخطاء والخطايا والمضاربات غير المشروعة في قطاع العقارات وارتباطها أيضا بالبنوك هو أسهل الطرق للسقوط في براثن أزمة مالية خانقة قد يصبح الخلاص منها عسيرا علي دول عديدة لا تملك القدرة علي احتوائها.. وقد لا تجد التضامن الدولي أو مساعدة الأشقاء للخروج منها. الحذر واجب.. والطمأنينة المطلقة مضرة في التعامل مع أزمات تحدث بلا توقع ودون سابق انذار بسبب تراكمات أخطاء سنوات طويلة وتعذر علاجها بكفاءة. كلمات لها معني الحظ يزور الغبي أحيانا لكنه لا يقيم عنده مثل ألماني [email protected]