من التجارب الناجحة في مجال اصلاح المدنيين ما قامت به إمارة "دبي" إحدي إمارات دولة الإمارات العربية المتحدة من تخفيف عقوبة السجن لمن يحفظ قدرا أو عددامن أجزائه وقد طبق هذا الأسلوب للاعفاء الجزئي أو الكلي من بعض عقوبات السجن واستفاد منه ما يزيد عن خمسة آلاف مذنب قامت السلطات المختصة بامتحانهم في حفظ القرآن الكريم ولما ثبت نجاحهم في القدر المخصص لهم تم اطلاق سراحهم. وتطبيق هذا الاعفاء وفقا لما نشر عنه.. مقتصر علي العقوبات المقررة علي الجرائم العادية أما الجرائم المشددة كالقتل أو السطو المسلح أو التخابر ضد مصلحة الدولة أو ما إلي ذلك من الجرائم الشنيعة فإن المحبوسين علي ذمتها لا يستفيدون من تلك الميزة وهو استثناء مقبول لإن الإعفاء من العقاب بعد ثبوت التهمة علي الجاني لا يصح أن يتقرر إلا علي الجناة من ذوي التوجه الإجرامي الذي يمكن اصلاح آثاره أو الذي لا يدل علي عمق السير في طريق الاجرام وهنا يكون إتاحة فرصة التوبة والعودة الي صفوف المجتمع من الأمور المندوب اليها شرعا والمستحبة قانونا. أما الجرائم الشديدة أو التي تطيح بمصلحة من المصالح الكبري كالحياة أو أمن البلاد.. فإنها تدل علي نفس إجرامية استحكم فيها الاجرام وأغلق باب التخفيف عليها بالضبة والمفتاح كما يقولون ولهذا لا يكون ثمة جدوي من تقرير مثل تلك الاجراءات المخففة ولأن القرآن الكريم نفسه هو الذي طلب تنفيذ العقوبة في جريمة القتل الكاملة إذا توافرت شروط الاسناد فيها وشروط التنفيذ. فقال الله تعالي "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون" فجعل تطبيق العقوبة سببا لاحياء نفوس كثيرة يمكن أن تزهق إذا لم تنفذ عقوبة القصاص ومن المعلوم ان جرائم التعدي علي مصالح العباد إذا كان مبناها علي التشفي والانتقام فإنها لا يصح فيها العفو أو التخفيف إلا إذا وافق أولياء الدم وبدون تلك الموافقة سوف يستمر مسلسل الدم وتراق دماء كثيرة وفي موضوعنا فإن التخفيف في عقوبات الاعدام المقررة للقتل اذا تم في ظل موافقة أولياء الدم فإنه يمكن أن يكون سائغا بأن يستشيرهم القاضي أو مسئول التنفيذ في السجون عن مدي موافقتهم علي تخفيف العقاب علي من قتل قريبهم إذا ما أتم حفظ القرآن الكريم فإن وافقوا يكون للتخفيف مبرر وإذا لم يوافقوا لا يكون للاعفاء أو التخفيف محل او سبيل. ان حفظ كتاب الله أو جزء منه يعد من أعظم الأسباب التي يجوز أن يقع تخفيف العقاب لها فقد قال الله الذي انزل القرآن الكريم عن كتابه الكريم "إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم" ومن يحفظ القرآن أو قدرا منه لابد أن يصيبه قدر من هداية القرآن الكريم فإذا أصابه ذلك القدر أصبح في غني عن اصلاح السجون الذي يراد به ارجاعه إلي حظيرة الهداية واحترام الحقوق الشرعية المقررة للناس وللمجتمع. ان الهدف من العقاب ليس هو الانتقام من الجناة أو التشفي فيهم وانما غاية العقاب أن يتم اصلاحهم وتقويمهم علي جادة الصراط المستقيم فإذا ظهرت عليهم أمارات الاصلاح والتقوي والخوف من الله سبحانه واقبلوا علي كتاب الله يحفظونه لا يكون لاستمرار العقاب مقتضي بعد ان تحقق في المذنبين المطلوب من العقاب وهو الاصلاح والتهذيب ومن الواجب علينا جميعا مسلمين وغير مسلمين أن نعيد الناس إلي حظيرة الدين حتي لا يفلتوا من مظلة الدين إلي حيث يريد الماديون والملحدون ومثل هذه الإجراءات العقابية البسيطة يمكن أن تحقق تلك الغاية النبيلة فعلينا أن نبادر إلي معاضدتها ونلتمس الخير الكاس فيها.