أجواء حماسية طلابية في الأنشطة المتنوعة باليوم الثاني لمهرجان استقبال الطلاب - (صور)    أنباء عن اغتيال مسئول ب حزب الله في الغارة على منطقة الكولا ببيروت (فيديو)    حزب الله: لم نصدر بيانًا رسميًا عن إجراءات تنظيمية داخل قيادة الحزب    "شعر ببعض الآلام".. مصدر ليلا كورة: كهربا يغادر المستشفى بعد استقرار حالته    يلا كورة يكشف مدة غياب محمد هاني المتوقعة بعد إصابته    طبيب الزمالك يكشف آخر تطورات علاج أحمد حمدي    سيناتور أمريكي: إدارة بايدن مشلولة خوفًا من إيران مع تصاعد الأحداث بالشرق الأوسط    جامعة المنيا تقرر عزل عضو هيئة تدريس لإخلاله بالواجبات الوظيفية    المثلوثي: عبدالله السعيد أسطورة مصرية.. وشيكابالا يعشق نادي الزمالك    أحمد محمود: سعيد بالعودة إلى بيتي من جديد.. وأتمني المزيد من البطولات مع الزمالك    عاجل.. الزمالك يعلن التعاقد مع الغيني جيفرسون كوستا لمدة 4 سنوات مقبلة    مقتل 3 أشخاص من عائلة واحدة في مشاجرة على ري أرض بأسيوط    ينتظرك الكثير من الرسائل والمكالمات.. توقعات برج الحمل اليوم 30 سبتمبر    «أمين البحوث الإسلامية» يقدم روشتة علاج للحماية من «خطر الإلحاد» (صور)    4 شهداء ومصابون في قصف للاحتلال وسط وجنوب قطاع غزة    حزب الله يشن 11 هجوماً على مستوطنات جيش الاحتلال    إسرائيل تقصف 120 موقعًا لحزب الله، ولبنان يعلن استشهاد 53 شخصًا    ماذا بعد اغتيال نصر الله؟.. تحديات يواجهها الأمين العام الجديد لحزب الله    رسميا بعد الارتفاع.. سعر الدولار أمام الجنيه اليوم الإثنين 30 سبتمبر 2024 (تحديث الآن)    أستاذ اقتصاد يوضح كيفية تطبيق الدعم النقدي ودور الجمعيات الاستهلاكية (فيديو)    السفيرة الأمريكية لدى مصر تشارك في فعاليات برنامج "هى الفنون" بالقاهرة    محافظ جنوب سيناء: 15% زيادة متوقعة بحجم الإقبال السياحي في أكتوبر ونوفمبر المقبلين    وزير الإسكان يطمئن على جودة مياه الشرب بمحطة بمدينة طيبة الجديدة    الأنبا باسيليوس يترأس قداس المناولة الاحتفالية بكاتدرائية يسوع الملك    نابولي يفوز على مونزا 0/2 ويتصدر الدوري الإيطالي مؤقتا    رضا شحاتة: منصب مدير الكرة مهم في الأهلي    الرئيس السيسي: ندعم استقرار الصومال ولا علاقة لهذا بإثيوبيا    أمواج بارتفاع 4 أمتار.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الاثنين بدرجات الحرارة    "الحماية المدنية" تسيطر على حريق هائل في سيارة تريلا محملة بالتبن بإسنا جنوب الأقصر    مصرع سائق إثر تصادم توكتوك بسيارة تريلا على طريق قويسنا بالمنوفية    العثور على جثة حارس خاص مهشمة في أرض زراعية بمحافظة البحيرة    جثة أسفل عقار مواجهة لسوبر ماركت شهير بالهرم    سقوط غامض لفتاة يثير لغزًا في أكتوبر    الفرح بقى جنازة، مصرع شاب وإصابة آخر في حادث تصادم جنوب الأقصر    «عيار 21 الآن يثير الجدل».. أسعار الذهب اليوم الإثنين بيع وشراء بعد آخر قفزة سعرية (تفاصيل)    فصائل عراقية مسلحة تعلن تنفيذ هجوم على هدفين في إسرائيل    برج القوس.. حظك اليوم الاثنين 30 سبتمبر: تشعر بطاقة إيجابية    د.حماد عبدالله يكتب: فى سبيلنا للتنمية المستدامة فى مصر !!    زوج أمام محكمة الأسرة: «كوافير مراتي سبب خراب البيت» (تفاصيل)    نسرين طافش أنيقة وفيفي عبده بملابس شعبية.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن| اعتذار شيرين لشقيقها وموعد عزاء زوجة فنان وانطلاق مهرجان الجونة السينمائي    تامر عبدالمنعم بعد رئاسة "الفنون الشعبية": طالما لدي شباك تذاكر فالمسرح يهدف للربح    عميد معهد القلب يكشف تفاصيل إنقاذ حياة شاب بعملية الأولى من نوعها    هل يؤثر شرب الماء البارد على القلب؟.. الدكتور محمد عبدالهادي يوضح    غدا.. قطع التيار الكهربائي عن 3 أحياء بمدينة طور سيناء    لأول مرة في السوق المصرية.. هواوي توقع شراكة مع «طلعت مصطفى» لتقديم خدمات التكنولوجيا السحابية للمدن الذكية    "مستقبل وطن" يستعرض ملامح مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد    وزير الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدمت أكثر من 93 مليون و822 ألف خدمة مجانية خلال 59 يوما    هل يجوز أن أترك عملي لأتابع مباراة أحبها؟.. رد صادم من أمين الفتوى لعشاق كرة القدم (فيديو)    السيسي: مصر من أوائل الدول التي تعالج المياه بأحدث وسائل التكنولوجيا    نائب محافظ دمياط تبحث عملية تطهير خزانات المياه بمبانى الجهات الحكومية    إبراهيم رضا: الزوج الذي لا يعول أولاده خان علاقته بالله.. فيديو    رمضان عبد المعز: الله سبحانه وتعالى يكره هذه التصرفات من عباده    مفاجأة حول المتسبب في واقعة سحر مؤمن زكريا.. عالم أزهري يوضح    دون جراحة، مستشفى ملوي تنجح في علاج حالة سرطانية نادرة (تفاصيل)    الأمانة العامة بالنواب تخطر الأعضاء بجدول الجلسات البرلمانية    متفوقة علميًا وطيبة السمعة، الإدارية العليا تلغي استبعاد فتاة من وظيفة قضائية    الموت يفجع الشيخ أحمد عمر هاشم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اخر الاسبوع -قضايا انتخابية البطالة .. عندنا .. وعند غيرنا - البطالة إحدي المشاكل الكبري في مصر.
نشر في الجمهورية يوم 25 - 11 - 2010

الحكومة تعترف بذلك. ولديها برنامج معلن لخلق وتوفير أكبر قدر ممكن من فرص العمل والتشغيل من خلال ما تقيمه أو يقيمه القطاع الخاص من مشروعات.
وقد أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تقريره الدوري هذا الأسبوع عن البطالة وما طرأ عليها من تغيرات خلال الربع الثالث من هذا العام.. أي شهور : يوليو أغسطس سبتمبر .2010
قال التقرير: إن معدل البطالة تراجع خلال هذه الفترة إلي 94.8% مقارنة بما كان عليه خلال الفترة المماثلة من العام الماضي وهو 36.9%.
ومعني ذلك أننا علي الطريق الصحيح في مواجهة هذه المشكلة التي تؤرق معظم الأسر المصرية التي لديها أبناء وبنات أنفقت علي تعليمهم وتأهيلهم الكثير. ولا يجدون عملاً.
وان الجهود التي تبذل لخفض معدلات البطالة قد بدأت تؤتي ثمارها.
قد يقول قائل إن التراجع الذي حدث طفيف. فهو لا يتعدي 42 من مائة.. ونحتاج إلي جهود واستثمارات أكبر.. وهذا وارد.
وقد يشكو من لم يصبهم الدور في فرص العمل التي أتيحت. من أن توزيع هذه الفرص لا يتم بصورة عادلة. ولا تذهب كثير منها لمستحقيها وفقا لمعايير الكفاءة. وإنما تتدخل فيها عوامل الوساطة والمحسوبية.
وهذا أيضا وارد.
لكن .. أن يتم تجاهل هذا البيان تماماً.. أو الالتفاف عليه. فهذا هو الأمر الغريب..
وهذا للأسف ما فعلته بعض الصحف الحزبية والخاصة لمجرد أنه إنجاز يحسب للحكومة. ويصب بالتالي في مصلحة الحزب الوطني وبرنامجه.
أي أنها تعاملت مع الأرقام بطريقة سياسية. علي حساب القواعد المهنية.
وهذه الصحف نفسها لا تترك سطراً ينشر في أي صحيفة أو مجلة أجنبية. فيه إساءة لمصر أو انتقاد لحكومتها. دون أن تنقله. وتحوله إلي مانشيتات تتصدر صفحاتها الأولي.
وهذا انتهاك تمارسه صحافتنا الحزبية والخاصة يومياً. لحق القاريء في المعرفة. وهذا الحق يلزمنا أن ننقل إليه الخبر كاملا بكل أبعاده. حتي لو اختلف مع رأينا أو موقعنا السياسي. ثم نترك له الحرية في تكوين رأيه أو وجهة نظره معنا أو علينا.
ودعونا نعد في قضية البطالة إلي الصحافة الأجنبية ذاتها. ونتابع ما نشرته عنا وعن غيرنا.
* * *
بالصدفة. وقبل يوم واحد من نشر تقريرالجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن البطالة في مصر يوم الأحد الماضي. نشرت مجلة "الايكونومست" البريطانية. وهي أعرق المجلات الاقتصادية المتخصصة في العالم كله. جدولاً يبين معدلات البطالة في 42 دولة مختلفة. كبري وصغري ومتوسطة.. من بينها مصر.
الجدول. ظهر في عدد المجلة الصادر يوم السبت 20 نوفمبر الحالي.
ومن الجدول يتبين الآتي :
1 معدل البطالة في مصر 9% . وللعلم. فإن "الايكونومست" لا تستقي أرقامها من المصادر الحكومية وحدها في كل دولة. وإنما تعود أيضاً إلي أرقام المنظمات الدولية المعنية مثل البنك الدولي. وصندوق النقد. ومنظمة العمل الدولية وغيرها وتقارن بينها لتصل إلي الأرقام الأكثر دقة.
2 ترتيب مصر وفق هذا المعدل. هو ال 13. أي أن هناك 12 دولة تعاني من معدلات بطالة أعلي منا. في إطار ال 42 دولة فقط التي تضمنها الجدول.
3 هذه الدول ال 12. ليست دولة جزر القمر. أو دولة بليز. أو جامايكا.. وإنما تضم دولاَ مصنفة اقتصاديا باعتبارها دولا متقدمة. وصاعدة.. فمثلاً:
أعلي معدل بطالة في العالم وهو 25.3%. أي ربع القوي العاملة. تنفرد به دولة جنوب افريقيا التي تصنف باعتبارها الاقتصاد رقم واحد في القارة الافريقية.
بقية الدول ال 12 ترتيبها كالتالي:
اسبانيا 20.8% وهو ثاني أعلي معدل بطالة. ويزيد علي خمس القوي العاملة بلجيكا في المركز الثالث بمعدل 12.7% تليها اليونان الرابع ب 12.2% ثم بولندا الخامس 11.5%. فتركيا في المركز السادس 11.4%. ثم المجر السابع 10.9% والهند الثامن 10.7% وكولومبيا التاسع 10.6% وفرنسا العاشر بمعدل 10% ثم الولايات المتحدة الحادي عشر 9.6% والصين 9.6%.. وبعدها مصر في المركز الثالث عشر بمعدل 9%.
هذا يعني اننا في قضية البطالة في وضع أفضل من أقرب منافسين لنا: جنوب افريقيا علي مستوي القارة الافريقية. وتركيا علي مستوي الشرق الأوسط.
لكنه يعني أيضاً اننا في حاجة إلي جهد أكبر في مكافحة البطالة حتي نصل إلي مستوي منافسنا الثالث وهو إسرائيل التي ينخفض فيها معدل البطالة إلي 6.2%.
وهو ما أعتقد انه أحد أهداف برنامجنا خلال السنوات القادمة.
.. والفساد .. تجربة هندية
الفساد وانتشاره.. مشكلة أخري.
وهو ككل الجرائم ظاهرة عالمية. وموجود في كل الدول.. متقدمة أو غير متقدمة.. ديمقراطية أو غير ديمقراطية.
اليابان مثلاً. إحدي أكثر دول العالم ديمقراطية وتقدما اقتصاديا. ثلث الحكومات التي تعاقبت عليها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتي الآن. سقطت نتيجة تورط رؤسائها أو بعض وزرائها في قضايا فساد.
لكن صحف المعارضة عندنا. حزبية أو خاصة. لا تتوقف أبداً عن العزف علي قضية الفساد كل يوم. حتي تعطي قارئها انطباعا بأن مصر هي بؤرة الفساد في العالم. وانه لا يوجد فيها شريف منزه عن الفساد. سوي محرر هذه الصحيفة أو تلك.
والمثير للانتباه. أن معظم قضايا أو حالات الفساد التي تنشرها هذه الصحف.. تنقلها عن مصادر حكومية. أي من تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات مثلاً. أو هيئة الرقابة الإدارية أو غيرها من الجهات الرقابية.
وهذا يعني ببساطة ان أجهزة الدولة ليست نائمة. وإنما هي في منتهي اليقظة. تكشف الفساد. وتتعقب مصادره. وتطارد مرتكبيه حتي تضعهم في يد العدالة.
وهو يعني أيضاً ان الدولة تتيح حرية تداول المعلومات فيما يتعلق بقضايا الفساد حتي يعرفها الرأي العام. ويشاركها في مكافحة هذا الفساد.
وتستطيع الدولة لو شاءت أن تصدر تعليماتها لأجهزتها الرقابية بأن تكون تقاريرها سرية. فلا تصل إلي الصحافة. ولا يعرف الرأي العام عنها شيئاً.. لكنها لا تفعل.
وقد يقول قائل: إن مواجهة الفساد لا تتم بالجدية أو السرعة اللازمة.
أو ان العقوبات في قضايا الفساد ليست رادعة بالقدر اللازم لوقف انتشاره.
وقد يصل البعض للقول إننا نتعامل مع قضايا الفساد بمنطق القوم الذين إذا سرق فيهم الشريف تركوه. وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد.
كل هذا وارد وقابل للمناقشة.
إذا كان هدفه الإصلاح. وحث الدولة علي بذل جهد أكبر وأكثر كفاءة للقضاء علي ظاهرة الفساد.. وأن نضع جميعاً أيدينا في يدها من أجل ذلك.
وتعالوا معي إلي الهند.. ففيها هذا الأسبوع أكبر فضيحة فساد تشهدها في تاريخها منذ إعلان استقلالها عام .1947
***
في الأسبوع الماضي. كان الرئيس الأمريكي أوباما في زيارة تاريخية للهند. ضمن جولة قام بها في آسيا. وشارك خلالها في قمة مجموعة دول العشرين والهند عضو فيها التي عقدت في سول عاصمة كوريا الجنوبية.
أخذ أوباما معه إلي الهند مائتين من أكبر رجال الأعمال ورؤساء الشركات في أمريكا للاطلاع علي السوق الهندي الذي يضم مليار نسمة. أي ثاني أكبر أسواق العالم بعد الصين. واستكشاف فرص الاستثمار فيه. من أجل تعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية بين أمريكا والهند.
وما أن انتهت زيارة أوباما. وغادر نيودلهي. حتي ضرب زلزال فساد الحكومة الهندية التي يقودها حزب المؤتمر الهندي ويرأسها "مانموهان سنج" الذي ينظرون إليه في الهند وفي العالم باعتباره مهندس تحرير الاقتصاد الهندي. وأحد أكثر رؤساء الحكومات الهندية نزاهة وطهارة.
وبالمناسبة. فإن الهند تعتبر أكبر ديمقراطية في العالم.. وحزب المؤتمر هو أكبر أحزابها وهو الذي قاد البلاد إلي الاستقلال عام 1947. ويحكمها من ذلك التاريخ حتي الآن من خلال صناديق الاقتراع فيما عدا فترات قليلة متقطعة لا يتجاوز مجموعها عشر سنوات من إجمالي 63 سنة.. وبسلالة متتابعة من الزعامات. بدأت بأول رئيس وزراء وهو جواهر لال نهرو. ثم ابنته أنديرا غاندي. وفي فترة تالية ابنها أي حفيده راجيف غاندي.. الذي تتولي أرملته الإيطالية الأصل سونيا غاندي زعامة الحزب الآن. وهي التي قادته للفوز في آخر دورتي انتخابات.
هذه مجرد فقرة اعتراضية من التاريخ الحديث والمعاصر للهند. نعود بعدها إلي السياق.
***
فقد تبين أن وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الحكومة واسمه "أندي موتو راجا" قد خالف قانون المزايدات عام 2008. عندما طرحت الحكومة 62 رخصة تشغيل للتليفون المحمول علي شركات اتصالات محلية وعالمية. جامل عدداً معيناً من هذه الشركات. ومنحها التراخيص. رغم أنها لم تكن صاحبة أعلي الأسعار.
وسوق الاتصالات الهندي هو ثاني أكبر سوق في العالم بعد الصين. ويبلغ حجم مستخدمي المحمول فيه الحاليين والمحتملين 700 مليون نسمة. أي ما يقرب من عشرة أمثال إجمالي تعداد مصر.
وهو لذلك. من أكثر أسواق الاتصالات جاذبية للمستثمرين في العالم.
وهؤلاء المستثمرون علي استعداد لأن يدفعوا ما يطلب منهم - من تحت الترابيزة أو من فوقها - ليفوزوا برخصة تشغيل. ويكون لهم موضع قدم في هذا السوق الكبير.
وهذا ما جري بالفعل في توزيع ال 63 رخصة مع الوزير "راجا".
ووفقاً لنتائج التحقيقات التي أجرتها أجهزة الرقابة المالية الهندية في الفضيحة. فإن الوزير "راجا" قد أضاع علي الخزانة العامة الهندية 40 مليار دولار "أي نحو 220 مليار جنيه مصري" كإيرادات محتملة فيما لو بيعت رخص التشغيل هذه بأسعارها الحقيقية في ذلك الوقت.
ما الذي فعلته أكبر ديمقراطية في العالم مع الوزير وفساده؟!
أرسلت المحكمة العليا خطاباً تلو خطاب إلي رئيس الوزراء تطلب منه التحقيق مع الوزير في هذه القضية. وذلك علي مدار سنة كاملة منذ اكتشاف الفضيحة.
فوفقاً للقانون الهندي "الديمقراطي" لا يجوز تقديم وزير للمحاكمة إلا بموافقة رئيس الوزراء. مهما كانت جريمة الوزير.
لكن رئيس الوزراء لم يرد علي طلبات المحكمة.
واضطرت المحكمة الأسبوع الماضي أن تصدر بياناً. في سابقة تعد الأولي من نوعها في تاريخها. تنتقد فيه علناً سلوك رئيس الوزراء وتستره علي وزيره.
عندها فقط. شعر رئيس الوزراء أنه شخصياً في موقف حرج. بعد أن استغلت المعارضة في البرلمان بيان المحكمة للهجوم عليه وعلي حكومته.
وعندها فقط. اضطر الوزير "راجا" إلي تقديم استقالته من منصبه يوم 14 الشهر الحالي. وكلف رئيس الوزراء وزير التعليم "كابيل سيبال" بتولي وزارة الاتصالات مؤقتاً بالإضافة إلي وزارة التعليم.
وقال وزير الاتصالات المستقيل إنه واثق من أنه لم يرتكب خطأ.
وقال رئيس الوزراء في بيان رسمي. إنه لا أحد فوق القانون. وأن من تثبت إدانته في هذه القضية أو في غيرها. فسوف يقدم للمحاكمة وينال جزاءه أياً كان منصبه.
وبالمناسبة - للمرة الثانية - فإن الوزير صاحب الفضيحة لا ينتمي لحزب المؤتمر. وإنما إلي حزب آخر هو حزب "التاميل" وهو أحد الأحزاب المحلية النشطة في جنوب الهند. وله 16 مقعداً في البرلمان ودخل في ائتلاف مع حزب المؤتمر مقابل الحصول علي بعض الحقائب الوزارية في الحكومة. ومن بينها حقيبة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التي يعتبرونها في الهند الدجاجة التي تبيض ذهباً.
وان هذا الوزير لا علاقة له أصلاً من الناحية العلمية أو المهنية بقطاع الاتصالات. وأن أحد أهم مؤهلاته التي ساهمت في تصعيده سياسياً داخل حزبه. وترشيحه للوزارة هو علاقته الوثيقة بابنة زعيم حزبه.
***
يتبقي من هذه الحكاية عندي ثلاث نقاط أراها غاية في الأهمية
* الأولي: أن هذه ثالث فضيحة فساد. وهذا ثالث مسئول هندي كبير يستقيل بسبب الفساد خلال شهر واحد.
فقبلها بأسبوعين. بدأت التحقيقات في فضيحتي فساد آخريين. إحداهما تتعلق بدورة الألعاب الأوليمبية الآسيوية التي استضافتها الهند الشهر الماضي وثبت إهدار عشرات المليارات من دولارات المال العام من الميزانية المخصصة لهذه الدورة في مشروعات ورشاوي وسرقات لا علاقة لها بالدورة.
أما القضية أو الفضيحة الأخري فتتعلق ببيع أراض مملوكة للدولة.
وفي كل من القضيتين. قدم المسئول الأول. أو المتهم الرئيسي استقالته من منصبه.
** الثانية : أنه في أعقاب تفجر فضيحة الاتصالات.. وخلال احتفال عام كبير أقامه حزب المؤتمر بمناسبة ذكري اغتيال رئيسة الوزراء السابقة "أنديرا غاندي" ألقت سونيا غاندي زعيمة الحزب خطابا تعرضت فيه لهذه الفضيحة ولغيرها بعبارات مهمة وذات مغزي.
قالت إن الفساد والتهرب الضريبي كلفا الاقتصاد الهندي 462 مليار دولار حتي الآن.
قالت : من حقنا أن نحتفل بتحقيق معدل نمو اقتصادي مرتفع وصل الي 5.8% لكن هذا ليس هدفا في حد ذاته.. وما يعنيني أكثر هو : بأي ثمن.. وأي نوع من المجتمعات يقودنا هذا النمو إليه.
قالت : نعم اقتصادنا يتقدم.. لكن قيمنا وأخلاقنا في المقابل تتراجع.. وكل المباديء التي قامت عليها الهند المستقلة وحارب من أجلها قادتنا العظام وضحوا من أجلها هي الآن في خطر.
وأعتقد أن هذه العبارات تحمل رسائل في منتهي الأهمية لكل مجتمع يطبق سياسات الاصلاح الاقتصادي. لكي يحيط سياساته بكل ما يلزم من ضوابط تشريعية وأخلاقية حتي يصبح الاصلاح "آمنا" ويصب في الاتجاه الصحيح.
** الثالثة : أن الشعب الهندي قرر ألا يترك الحكومة وحدها في مواجهة الفساد بعد أن استشري وتوحش. وخسر الاقتصاد الوطني ويخسر بسببه مئات المليارات من الدولارات.
وتقدم عدد من كبار الشخصيات والنشطاء الهنود بمبادرة ذاتية لمعاونة الحكومة في مكافحة الفساد.
أنشأوا موقعا علي الشبكة الدولية للمعلومات "الإنترنت" مخصصا لمكافحة الفساد ودعوا كل من لديه تجربة شخصية مع الفساد في عمله أو في حياته.. سواء رشوة بأنواعها. أو إهدار مال عام أو غيرها أن يضع تجربته علي هذا الموقع.
وفي أول أسبوع. بلغ عدد من استجابوا للدعوة وسجلوا تجاربهم 2000 شخص منهم رجال أعمال ومهنيون في مختلف المجالات.
قال "راتان تاتا" رئيس مجموعة "تاتا" الشهيرة وهي مجموعة تجارية ولها فروع في عديد من أكبر عواصم العالم : لقد طلب مني مسئول حكومي كبير رشوة ضخمة حين أردت أن أؤسس شركة طيران محلية.
وقال "سانجاي نايار" رئيس شركة كولبرج كرافيس روبرتس : الاستثمار في الهند أصبح مشكلة.. والفشل في إقامة مشروعات نتيجة الفساد يهدد صورة الهند كاقتصاد صاعد وسوق كبير في عيون المستثمرين المحليين والأجانب.
انتهت الحكاية.
الأحد القادم .. يوم الحسم

اقتربنا من يوم الحسم في واحدة من أهم الانتخابات البرلمانية وأكثرها سخونة في تاريخنا.
ويوم الحسم هو الأحد القادم 28 نوفمبر الذي يتوجه فيه الناخبون الي صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في مجلس الشعب الجديد. ولمدة خمس سنوات قادمة.
وهذا اليوم هو اختبار لكل عناصر العملية الانتخابية. وهو الذي يرسم صورة مستقبل الديمقراطية في مصر.
* هو اختبار للحكومة بأجهزتها الإدارية والأمنية.. ألا تتدخل إلا لإعمال نصوص القانون وفرض احترامه. ومواجهة كل من يحاول الخروج عليه أو إفساد العملية الانتخابية.
أي أن التدخل الإداري والأمني مطلوب فقط لضمان حسن سير العملية الانتخابية وتأمين كل عناصرها.. ولا شيء غير ذلك.
* هو اختبار للجنة العليا للانتخابات ولجانها العامة والفرعية وكل من يعمل تحت مظلتها من قضاة وإداريين.
إن سلامة إجراءات العملية الانتخابية وانضباطها. وبعدها عن الشبهات مسئولية يضعها الشعب. والتاريخ في عنق هذه اللجنة.
* الأحزاب المشاركة في الانتخابات والمرشحون المستقلون.. هذا يوم إثبات الوجود الفعلي لها في حياتنا السياسية. وقدرتها علي اقناع أعضائها وأنصارها بالتوجه الي صناديق الاقتراع لاختيار مرشحيها.
لقد حققت هذه الأحزاب خلال مرحلة الدعاية الانتخابية مكاسب سياسية واعلامية لاتقدر بثمن وربما لم تكن تحلم بها. بعد أن أتاح لها إعلام الدولة فرصا متكافئة للظهور وتقديم نفسها وبرامجها وزعمائها ومرشحيها للناخبين والرأي العام بصورة غير مسبوقة.
وبقي علي هذه الأحزاب أن تتوج ذلك بالعمل علي تحقيق أوسع مشاركة من الناخبين في التصويت وأن تثبت عمليا مدي شعبيتها التي تفخر بها في كل المناسبات.
* وهو اختبار للمرشحين أنفسهم.. فمقعد البرلمان ليس غاية في حد ذاته. وليس مكسبا سريعا يأخذه المرشح الفائز ويختفي من دائرته وعن ناخبيه من بعده.. كما أن خسارة هذا المقعد ليست نهاية العالم.
الانتخابات ساحة منافسة شريفة بالأفكار والبرامج والوعود. وليست ساحة اقتتال بالسنج والمطاوي والجنازير.. فمن يروّع شعب مصر.. لايمثل شعب مصر.
وهو أخيرا اختبار للناخبين.. فالتصويت حق واجب. وليس لمن يفرط في حقه أو يمتنع عن أداء واجبه أن يشكو بعد ذلك. إذا وصل الي مقاعد مجلس الشعب من لايمثله ولا يشعر بهمومه.. وإذا صدرت عن المجلس بعد ذلك قوانين لاتحل مشاكله ولاتخفف معاناته ولاتعبر عن طموحاته.
يوم الأحد القادم فرصتنا جميعا لكي نقرر مستقبلنا ومستقبل أولادنا بأيدينا.
E-mail: [email protected].


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.