في الستينيات من القرن الماضي. اعترض مهندس الآثار بالفيوم. علي قرار محافظها المرحوم المهندس عبدالخالق الشناوي. الذي يقضي بالسماح بإقامة مساكن شعبية علي مساحة صغيرة من منطقة "كيمان فارس" الأثرية. كان رأي المحافظ انه ليس من الحكمة ترك مئات الأفدنة غير مستغلة. بينما الفقراء لا يجدون مسكنا.. طالما لم يتم التأكد من ان هذه الأراضي لا يوجد بها آثار. وكانت الحجج التي قدمها مهندس الآثار الشاب. تتلخص في أن منطقة "كيمان فارس" الأثرية كانت موقع مدينة الفيوم القديمة.. التي أسست قبل الملك مينا.. آخر ملوك الأسرة "صفر" التي سبقت الأسرة الأولي. وكان آخر ملوكها والد الملك مينا. بعد مرور 40 عاما.. عاد إلي الفيوم مهندس آثار الفيوم د. علي رضوان .. بعد أن أصبح رئيس عام اتحاد الأثريين العرب.. ليشارك في ندوة بعنوان "حماية مواقع التراث الطبيعي والثقافي في الفيوم. وتوجه علي الفور إلي "كيمان فارس" التي اختلف يوما مع محافظ الفيوم.. عندما قرر اقتطاع مساحة محدودة لإقامة مساكن شعبية. وجد أن المنطقة الأثرية التي كانت مساحتها 200 فدان تقلصت إلي 200م2 فقط. وكانت الصدمة الأكبر أن اسم "كيمان فارس" لم يعد له وجود. وأصبح الجامعة.. بعد أن أقيمت به جامعة الفيوم.. وأقيم علي الأرض التي كان البناء عليها محرما. مئات العمارات.. حتي أصبح من أكثر أحياء المدينة من حيث الكثافة السكانية. لم تكن "كيمان فارس" وحدها التي تسببت في نشوب الخلافات بين الأثريين والمسئولين التنفيذيين الذين تناوبوا العمل بالمحافظة منذ الستينيات.. والذين اعترضوا علي تجميد مئات الأفدنة الصالحة للزراعة والاستثمار. بسبب تبعيتها لهيئة الآثار. وطالبوا الهيئة بالتنقيب في هذه الأراضي. واتخاذ قرارات واضحة بشأنها. فإذا ما كان هناك احتمالات لوجود آثار بها.. تتخذ إجراءات اكتشافها. وإذا تضاءلت الاحتمالات. فلا معني لعدم استغلال تلك المساحات الواسعة.. سواء في الزراعة أو الصناعة.. أو البناء. بينما تتمسك هيئة الآثار بتبعية هذه الأراضي لها.. وتمنع استثمارها. مما يعطل أهم مشروع استثماري بالمحافظة. وهو الخاص بتنمية الساحل الشمالي لبحيرة قارون. ويشمل إقامة مشروعات سياحية وصناعية متعددة. تستوعب أعدادا كبيرة من شباب المحافظة. يصطدم المشروع بعقبات عديدة تضعها هيئة الآثار. وإن كان الأمل أن يتم حسمها بعد أن أعلن رئيس الوزراء تشكيل لجنة من جميع الجهات المعنية.. برئاسة محافظ الفيوم.. لاتخاذ الخطوات العاجلة الخاصة بتنفيذ المشروع. ولم يخف الأثريون المشاركون في مؤتمر الفيوم. مخاوفهم من تأثير المشروعات السياحية والصناعية بالقرب من المواقع الأثرية. وجري النقاش الذي شارك فيه علماء المصريات والأثريون وخبراء في المحميات وعلوم البيئة. وعلوم المتحفيات والسياحة البيئية والتنمية المستدامة. حول اتخاذ الإجراءات العاجلة المتعلقة بإنقاذ وصيانة المواقع الأثرية والبيئات الطبيعية بالفيوم. أثار الأثريون مشكلة عدم توفير الحماية الكافية للمواقع الأثرية. وفي مقدمتها تعذر الوصول المريح إليها. أوضح محافظ الفيوم الدكتور جلال سعيد انه يتم حاليا تنفيذ طريق شمال البحيرة. لربط مناطق التراث العالمي والمناطق الأثرية بشبكة الطرق المحلية. وأشار المحافظ إلي انتهاء أعمال ترميم معبد مدينة ماضي. وجار إعداده لافتتاحية عالمية كبري بما يتناسب مع أهميته التاريخية. قائمة طويلة من المعوقات التي تحول دون الحفاظ علي المواقع الأثرية. نوقشت في المؤتمر.. الذي نظمه معهد الآثار الايطالي بالتعاون مع المجلس الأعلي للآثار ومفوضية اللجنة الاوروبية. في مقدمة المعوقات.. ما أثير حول التنقيب غير المسئول الذي يقوم به لصوص الآثار.. في غياب الحراسة الجدية. التي تقتصر علي حارسين لكل موقع. والحل يتمثل في توفير الحماية الكافية من عمليات النهب المنظم.. والزيارات العشوائية التي تنظمها وكالات السياحة. أبحاث عديدة ألقيت في المؤتمر. منها.. المواقع الأثرية بالفيوم. وما يتصل بها من مواقع أخري. والتاريخ الجيولوجي للفيوم خلال العشرة آلاف سنة الأخيرة. وأبرز الملامح الأثرية والتاريخية والدينية بالفيوم خلال الدولة القديمة. وصيانة التراث القبطي بالفيوم.. وغيرها. انقطعت صلة المحافظة بالمؤتمر.. عقب الجلسة الافتتاحية التي عقدت بمبني المحافظة.. وتواصلت جلساته ثلاثة أيام في أحد الفنادق علي ضفاف بحيرة قارون. والأغرب ان جامعة الفيوم التي يوجد بها كلية للآثار.. وأخري للسياحة كادت تكون غائبة تماما. إذا استثنينا أحد الأبحاث التي قدمها أحد أساتذتها. غياب الجامعة كان موضع تساؤل المشاركين في المؤتمر.. الذين طالبوا بأن تكون شريكا في الاكتشافات الأثرية.. ووصفوا طلاب كلية الآثار بالفيوم بأنهم وكلاء للدفلاع عن تراث الفيوم. والأمل أن تتعامل الجهات المعنية بحماية الآثار بجدية. مع مخاوف النخبة من الأثريين.. وان تتخذ الخطوات العملية التي تطمئنهم.