تفرض بطولة الأمم الأفريقية لكرة القدم علينا الاهتمام بكل ما يتعلق بالقارة السمراء في المرحلة الحالية خاصة في ضوء رئاسة مصر لدول الاتحاد الأفريقي حيث جاء اهتمام القيادة السياسية المصرية بتوطيد العلاقات مع دول القارة علي قائمة الاهتمامات لما لها من أهمية استراتيجية في مختلف المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية. نحن نعلم أن سبب انهيار أي دولة يأتي إذا توافرت ثلاثة أسباب رئيسية وهي الفقر والجهل والمرض. وحتي وقت قريب كانت معظم دول القارة تعاني من تلك الأسباب إما مجتمعة أو من خلال جزء أو اثنين منها. بطبيعة الحال فإن الفقر والجهل سوف يكونان مبرراً للقيام بأعمال غير مشروعة كالاتجار في المخدرات والسلاح وغسيل الأموال والهجرة غير الشرعية والقرصنة البحرية والفساد داخل العديد من دول القارة وهو الأمر الذي دفع مصر لعقد المنتدي الأول لمكافحة الفساد والذي شاركت فيه 51 دولة أفريقية لوضع آلية موحدة للتعاون ونقل الخبرة المصرية في مجال مكافحة الفساد سواء المالي أو الإداري إلي دول القارة للارتفاع بشأنها اقتصادياً ومن ثم أمنياً. يأتي هذا ايضا في الوقت الذي بدأت العديد من دول المنطقة التي كانت تعاني من تنظيم داعش ونجحت في طرد العديد من عناصره خارج أراضيها حيث اعادت أعداد كبيرة منهم إلي الدول الأفريقية التي يحملون جنسيتها وهو الأمر الذي يشكل أهمية كبيرة في ضرورة رصد تلك العناصر والتعامل معها بالشكل الذي لا يجعلهم مصدراً للتهديد أو للقيام بأعمال إرهابية هنا أو هناك. وعلي الرغم من أن القارة الأفريقية تمتلك 80% من احتياجات دول العالم من الغذاء والمعادن والبترول إلا أنها لا تنعم بهذه الخبرات لسيطرة العديد من الدول الأجنبية علي الاقتصاد غير الرسمي علي حساب الاقتصاد الرسمي وبالتالي إلي انخفاض معدلات النمو وزيادة معدلات الفقر والبطالة وتدهور الأوضاع الاقتصادية بصفة عامة في دول القارة... وسياسياً فغالباً ما نجد أن الصوت الأفريقي هو الأقل تأثيراً علي صنع واتخاذ القرار في المحافل الدولية بالرغم من أن معظم دول القارة ممثلة في المنظمات العالمية كمنظمة الأممالمتحدة واليونيسيف واليونسكو وغيرها.. وهو ما جعلها مطمعاً للعديد من الدول الإقليمية والأجنبية لكي تتوغل في أراضيها بل وتشارك في صنع سياساتها الخارجية وتؤثر ايضا علي علاقاتها مع دول القارة الأخري. وقد تنبهت مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي لتلك المخاطر التي من الممكن حدوثها فقام باتخاذ خطوات متسارعة وناجحة لإعادة القارة الأفريقية إلي حضن الدولة المصرية بالإضافة إلي زيارة ما يقارب من 25 دولة أفريقية بالإضافة إلي استضافة العديد من المؤتمرات والمنتديات مثل منتدي مكافحة الفساد والشباب الأفريقي وبناة مصر إلي أن توجت بتلك الاحتفالية والبطولة القارية الكبيرة المبهرة التي يشاهدها حالياً ما يقارب من مليار نسمة في دول وقارات العالم المختلفة. ونشير هنا إلي ضرورة مساندة القيادة السياسية علي كافة المستويات الثقافية والاجتماعية والصحية والدينية للانتشار داخل دول القارة وتشجيع الاستثمارات المصرية بها خاصة الزراعة والتعدين والإسراع في مشروعات ربط مصر بدول القارة عن طريق خطوط السكك الحديدية أو الملاحة النهرية والجوية. إنها مسئولية كبيرة يجب أن نتحملها جميعاً لكي تستعيد مصرنا الغالية دورها الريادي والقيادي في القارة الأفريقية تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي. وتحيا مصر.