«الأعلى لشؤون التعليم والطلاب» يوجه بضرورة الانتهاء من إعداد الجداول الدراسية    جراحة عاجلة للدعم فى «الحوار الوطنى»    زلزال جديد يضرب إثيوبيا.. وعباس شراقي يحذر: سد النهضة قنبلة مائية موقوتة    خاص| بعد إلغاء اشتراطات البناء.. ننشر عدد الأدوار المقررة في العقارات    عودة لقانون 2008.. إجراءات جديدة لتسهيل استخراج رخص البناء بدءًا من الغد    مواعيد صرف مرتبات العاملين بالدولة.. حتى نهاية 2024    مقتل قيادي بارز في حزب الله إمام بلدة بليدا جنوب لبنان    القاهرة الإخبارية: جيش الاحتلال يعلن بدء تنفيذ غارات جديدة على مواقع لحزب الله بجنوب لبنان    مفاجآت الساعات الأخيرة.. تشكيل الأهلي والزمالك المتوقع للسوبر الأفريقي    إبراهيم فايق يكشف سر ظهور شعار الأهلي بدون الزمالك باستوديو السوبر الإفريقي    "مقطع صوتي فضحهما".. القصة الكاملة للقبض على طيبين تحرشا بالمريضات في الأقصر    محمد علي رزق:"يارب ياعالي انصر الأهلي الغالي"    عدم انتظام ضربات القلب.. ما الاسباب والاكثر عرضة للمخاطر؟    مصرع 3 وإصابة 11 شخصًا.. روسيا تستهدف مدينة إزميل الأوكرانية    الجيش الإسرائيلي يعلن تجنيد لواءين في الاحتياط للحملة الشمالية    "الصناعات الهندسية" ووفود من مصنعي البوتاجاز يزورون أول مصنع لإنتاج محابس الأمان    «حياة كريمة» توزع 3 آلاف وجبة غذائية ضمن مبادرة «سبيل» بكفر الشيخ    سياسية المصرى الديمقراطى: نحن أمام حرب إبادة فى غزة والضفة    اتهام بسرقة ماشية.. حبس المتهم بقتل شاب خلال مشاجرة في الوراق    رئيس جامعة الأزهر يعلن جاهزية الكليات للعام الدراسي الجديد، غدا    وفاة بطلة سلسلة أفلام "Harry Potter" عن عمر يناهز 89 عامًا    مؤلفو "البحث عن علا 2" ل"مصراوي": شخصية البطلة تتغير وتواجه الكثير من التحديات    المنيا تحتفل غدا باليوم العالمي للسياحة على المسرح الروماني    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    نتنياهو: لا يوجد مكان في إيران لا تستطيع إسرائيل الوصول إليه    نائب وزير الصحة تتفقد وحدة أسرة سيدي بشر وتشيد بجهود الفريق الطبي    استشاري تغذية: الدهون الصحية تساعد الجسم على الاحتفاظ بدرجة حرارته في الشتاء    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    انتصارات أكتوبر.. "الأوقاف": "وما النصر إلا من عند الله" موضوع خطبة الجمعة المقبلة    آس: راموس لم يتلق أي عرض من الزمالك    محافظ أسوان يؤدي صلاة الغائب على شهيد الواجب معاون مباحث كوم أمبو    محافظ الفيوم يعلن نجاح أول عملية قلب مفتوح بمستشفى طامية المركزي    أنغام تتألق في «ليالي مصر» بالمتحف المصري الكبير    مصرع تلميذة سقطت من أعلى مرجيحة أثناء لهوها بقنا    بدء تطبيق المواعيد الشتوية لغلق المحلات.. الحد الأقصى العاشرة مساءً.. زيادة ساعة يومي الخميس والجمعة.. وهذه عقوبة المخالف    رئيس هيئة المحطات النووية يزور معرض إنجازات الصناعة الوطنية الروسية    انطلاق فعاليات ماراثون الجري بالزقازيق    النيابة تطلب التحريات حول فنى متهم بالنصب على مصطفى كامل    إطلاق حملة ترويجية دولية لمصر احتفالاً بيوم السياحة العالمي    أيمن بهجت قمر: «تامر حسني بيحب يغير في كلمات الأغاني» (فيديو)    تغييرات غريبة تنتظرك.. ماذا يحدث ل5 أبراج فلكية في آخر 3 شهور من 2024؟    توجيهات لوزير التعليم العالي بشأن العام الدراسي الجديد 2025    محافظ بني سويف يتابع الإجراءات والحلول المنفذة بشأن شكاوى ومطالب المواطنين    تين هاج يتحدث عن عدم تسجيل برونو حتى الآن    رئيس الرعاية الصحية والمدير الإقليمي للوكالة الفرنسية يبحثان مستجدات منحة دعم التأمين الشامل    باكستان تؤكد رغبتها في تعزيز التعاون الثنائي مع نيبال    شهيدان في قصف إسرائيلي استهدف سكان حي الشجاعية شرق غزة    بعد تداول مقطع صوتي.. الداخلية تضبط طبيبين تحرشا بالسيدات أثناء توقيع الكشف الطبي عليهن    مواعيد مباريات اليوم 27 سبتمبر.. القمة في السوبر الإفريقي ومونديال الأندية لليد    غلق الدائري من الاتجاه القادم من المنيب تجاه المريوطية 30 يوما    سيميوني: أتلتيكو مدريد يحتاج لهذا الشئ    موعد مباراة النصر والوحدة في الدوري السعودي والقناة الناقلة    ولي عهد الكويت يؤكد ضرورة وقف التصعيد المتزايد بالمنطقة وتعريضها لخطر اتساع رقعة الحرب    خالد الجندي: لهذه الأسباب حجب الله أسرار القرآن    فنربخشه يعبر سانت جيلواز بالدوري الأوروبي    حريق كشك ملاصق لسور مستشفى جامعة طنطا (تفاصيل)    أحمد الطلحي: سيدنا النبي له 10 خصال ليست مثل البشر (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلف الأبواب
يقدمها: صلاح حامد
نشر في الجمهورية يوم 13 - 12 - 2018

"الحب حديقة مُزهرة. والزواج حقل شائِك ".. هذه خلاصة تجربة "هناء ".. كانت تعشق بجنون. وقصتها هي وخطيبها علي كل لسان » فالحب والدخان شيئان. لا يمكن إخفاؤهما..لكنها هي وخطيبها كانا مختلفين في شيء واحد فقط . لكنه جوهري :
** هي : خبراتها العاطفية "صفر ".. رومانسية إلي أبعد الحدود. وتعتقد أن العِفّة. ستظل كذلك بعد الزواج !!
** هو : رجلى عادي.. يعرف أن الحب. لا يطيق الصبر. و"يزلزل الروح والكيان. ويفجر ثورة البركان ".
** فكيف كان لقاء البستاني. ب "ورد الجناين ". عندما أراد أن يقطفه ؟
***
تفاصيل پهذا اللقاء. وتوابعه. أرسلتها "هناء "ل "خلف الأبواب ". عبر الإيميل [email protected].. تقول : برغم المستوي المادي المرتفع. والرفاهية. التي تعيش فيها عائلتي.. وبرغم أنني تخرجت في جامعة أجنبية مرموقة. فقد كانت علاقاتي محدودة. وصداقاتي "محدّدة ". وتحت سيطرة الأسرة. التي تسير بحسب الأعراف والتقاليد الشرقية .
لم يكن ذلك يضايقني أبداً. فقد تقبّلته. واعتدت عليه. واقتنعت به.. فلا صداقات مع الشباب. ولا لقاءات خارج محيط الجامعة. ناهيك أن غالبية معارفي "من الجنس اللطيف. الظريف ".
باختصار : كنت "بنت خام ". و"يحْمَرّ "وجهي خجلاً. من مجرد نظرة إعجاب. أصادفها في عيون الرجال. وما أكثر تلك النظرات.. فما بالك لو كانت عبارات غزل جريئة ؟
الحب العفيف
تستطرد "هناء " والإسم مستعار : لا أقول أنني لم أقع في الحب. أو علي الأقل "الإعجاب ". بأحد الزملاء أو الجيران. لكنه كان علي شاكلة الحب العفيف. الذي لا أبوح به. إلا لنفسي في أحلام اليقظة.. فقد تعلمت أن حب الفتاة. لزوجها فقط.. أو كما كانت تقول بعض نساء العرب : "نحن رجالى مع الغرباء. نساءى مع أزواجنا ".
في السنة الجامعية النهائية. جاءني عريس "ابن حلال ". وافقت عليه الأسرة. ودق قلبي له. من أول نظرة.. كانت أيام الخطوبة. هي أجمل أيام حياتي. بعكس أيام الزواج القصيرة. التي هي أسوأ أيام "حياتي ".. ووراء ذلك قصة مثيرة .
في أيام الخطوبة.. كانت لقاءاتنا بصحبة الأسرة » لكن نظرات العيون. ولهفة اللقاء. ولوعة الفراق . كشفت كم أننا متحابان. بل قل : "عاشقان ".
الانفجار الكوني
بعد حفل الزفاف.. انصرف الأهل والمعازيم. وتركوني "علي انفراد ". مع زوجي.. كنت شابة يافعة. قليلة الخبرة في الأمور الزوجية.. أعرف أن هناك حقوقاً شرعية للزوجين. لكن صدقوني.. كنت خائفة جداً. وأتعذب أكثر. لو ظلت علاقتنا أنا وزوجي رومانسية. وحالمة فقط .
كان هذا وجه الاختلاف الوحيد بيننا.. هو "يهجم "ليحصل علي حقوقه الزوجية.. وأنا "أفرّ "من أمامه. فرار الغزلان من الأسود الجبّارة. الجائعة.. تحمّلني أياماً. كان خلالها "يتنطط "من قوة الرغبة. مثل سمكة وضعها الطاهي. علي صاج ساخن . ليشويها وهي مازالت حيّة !!
في اليوم العاشر.. تغيرت الأحوال.. لم يعد في جعبته. مزيداً من الصبر.. قال لي : "الحب المنقوص. أصعب من الحب المفقود ".. وقرر أن يجعل من هذه الليلة. هي ليلة الزفاف. وحصل علي حقه الشرعي. برغم محاولاتي الفكاك من قبضته.. وهو ما اعتبرته "اغتصاب"!!
ذكريات أليمة
غادرتني السعادة. في هذه الليلة. التي كان يجب أن تكون "سعيدة ".. صحيح أن ذكريات "ليلة الزفاف ". تبقي في الذاكرة للأبد. وقد بقيت بالفعل. ولكنها ذكريات "أليمة ".
في الصباح.. اتصلت بوالديّ. ليعيداني إلي بيت الأسرة.. لم يقتنع أبي بكلامي. فزوجي من وجهة نظره لم يتجاوز حقه الشرعي.. وقالت أمي أن الشاب لم يتزوجني. ليلعب معي "الإستغمّاية ".. ثم أضافت متهكمة "الغُمّيضة " كما في مسلسلات "الكرتون "التي تربيت عليها .
وبرغم هذه السخرية.. اصطحباني معهما كحل وسط . لعدة أيام. أو أسابيع. حتي تهدأ أعصابي. وأستعيد نفسي. وأعرف أن الحياة الزوجية. تسير علي هذا المنوال .
تنهي "هناء "قصتها قائلة : اعتبر زوجي ما حدث إهانة. فكيف لعروس. ان تتهم زوجها باغتصابها. وإلا لماذا تزوجت أصلاً .. ووافق علي الانفصال بهدوء.. وبدون "شوشرة ".. لكنني الآن أدركت أنني كنت المُخطئة.. ولو عادت بي الأيام. سأعُطيه حقه الشرعي. بدون مناورات. أو تمنّع وهروب.
يقول نزار قبّاني :
فليتني حين أتاني زائراًپ
.. بالورد قد طوقتَهُپ
.. وليتني حين أتاني باكياًپ
.. فتحت أبوابي لَهُ.. وبُسْتَهُپ
***
"خلف الأبواب ": القلب الذي وسع الحب الكبير . يسع الغفران الكبير .
حكاية حزينة
بعد أسابيع من المباحثات المكثفة. قال الأب ل "أولاد الحلال ": طيب.. ماشي.. علشان خاطركم عندي. سوف أعطيه مالاً ليشتري بلوفر وتي شيرت.. وأكمل وهو يهز إصبعه السبابة محذراً : "بس مش عاوز أشوف وشُّه مرة تانية ".
كان هذا الحوار. يدور حول ابنه الأكبر "أكرم ". الطالب الجامعي. الذي اتهمته زوجة أبيه. بأنه "قليل الأدب". وأقسمت أنها سوف "ترحل ". إن لم يطرده من البيت.
وقتها قال الأب باستكانة : "طيب.. هيروح فين "؟
قالت : كلمة واحدة.. "ياانا.. ياهوَّ ".
.. طبعاً اختارها !!
***
"فلاش باك "قبل هذا المشهد :
كانت الساعة تشير إلي الواحدة صباحاً. وتكاد الشوارع تخلو من المارة. اللهم من شاب نحيف. جسده يرتعد من البرد. ويحاول جاهداً الاحتماء من المطر. بينما قدماه تحملانه إلي المجهول .
كان "أكرم "يسير "والسلام ". بدون خطة أو هدف. كأنه ضل الطريق. ولا يعرف "منين يودي علي فين ". مثل "رجب "في فيلم "رجب فوق صفيح ساخن ".. لكن المسكين كان "يعرف كل حاجة ". ووالده طرده منذ لحظات. نزولاً علي رغبة زوجته "الثانية ". التي اتهمته ب "قلة الأدب ". بدون مزيد من الإيضاح. ليفهم زوجها الأمر علي زوايا أخري.
الحقيقة أن الشاب. لم يكن علي هذا النحو. كان فقط يحاول أن يحمي شقيقته. طالبة الإعدادي. التي تعاملها زوجة أبيهما. كأنها "خادمة ".
الحيطة المايلة
وحتي العمل كخادمة. لم يكن موضوع الخلاف. فهذا هو قدرها. بعد طلاق والديها. ولا سبيل أيضاً للفكاك منه. لأن أمها عجزت عن استضافتها. بسبب رفض زوجها. الإنفاق علي أولاد زوجته. بينما والدهم حيى يُرزق. و"زي الحيطة " بحسب وصفه.
لكن جبروت زوجة الأب. هذه المرة. كان أكبر من قدرة "أكرم ". علي الاحتمال.. في تلك الليلة. كانت شقيقته الصبية الصغيرة. تغطّ في النوم. بعد يوم عمل شاق في البيت. وإذا بزوجة أبيها. توقظها بغلظة. لتحمل ابنتها الرضيعة. وتهدهدها. حتي يتوقف صراخها.
غلب النعاس طالبة الإعدادي. برغم صرخات الرضيعة.. فجأة. اقتحمت زوجة أبيها الغرفة. وشدّت الصبية من شعرها بقوة. وألقت بها علي الأرض. لتستيقظ مفزوعة وتنهمر دموعها. في غزارة دموع "إيزيس ". وهي تبكي زوجها "أوزوريس ". في الأسطورة الفرعونية .
كلام "الست"
ومع ذلك.. اعتذرت الصبية لزوجة أبيها : معلش ياطنط.. النوم غلبني ".
هذا الاعتذار لم يشفع للصبية. وكان رد زوجة أبيها. "صفعة "مدوّية علي وجهها. مشفوعة بكلمات نابية : "يعني هجيب لكِ خدّامة.. مش كفاية إن أمك استراحت. وتركت لي بلاويها "
انفطر قلب "أكرم ". ورد للمرة الأولي : "إحنا مش بلاوي ياطنط.. مش ده بيت أبونا ؟ "
صرخت كالمجنونة. استدعت زوجها من المقهي.. قالت : الولد ده قليل الأدب. فالتفت إلي ابنه يزجره. ويطرده.. اغرورقت عينا الشاب بالدموع. فقد "فاق القهر المدي ".
خرج الشاب هائماً علي وجهه. فهو لا يستطيع أن يطرق باب أحد. في "انصاص الليالي ". ومحظور عليه الذهاب إلي أمه. فزوجها "زي الغولة ".. وجد المأوي في "البلاي ستيشن ". الذي يديره صديقه. وهناك قضي الليل نائماً علي كرسي .
طريق مسدود
في الصباح.. اتصل بوالده. لعله يكون قد توصل لحل للأزمة. لكن قلبه كان من "حجر صوان ".. وهكذا مضت أيام وليالي. و"أكرم "مشرد. بدون ملابس تحميه من برد الشتاء. وبرودة المشاعر الحزينة .
تدخل "أولاد الحلال ". لإنقاذ الشاب الذي عرف اليُتم. ووالداه علي "وش الدنيا ".. قال الأب : "يعني أخسر زوجتي وبناتي . علشان ولد قليل الأدب "؟
قالوا : "اللي يسمع كلام مراته. تكثر نكباته ".
رد : و"اللي عاوز يصون بناته. يتحمل نكد مراته ".
همس أحدهم للآخرين : مفيش فايدة.. "ده واحد رقبته طويلة ".
قالوا : يعني إيه ؟
قال : "اللي مراته تضربه علي قفاه . تطول رقبته".
بعد مفاوضات صعبة. وطويلة. نجحوا في إقناعه بشراء ملابس شتوية لابنه. لكنه رفض الانفاق عليه. بزعم أن ابنه "راجل ويقدر يتحمل مسئولية نفسه ". فتطوع أحد المحامين. برفع دعوي نفقة للابن .
***
قال الفلاسفة : " "إبتسام ".. كلمة أولها أب وآخرها أم ".. لكن ليس بينهم "والد أكرم وأمه ".
دمعة.. وابتسامة
ربما كان جميلاً. أن تحب بعقل ورويّة. ولكن من الممتع أكثر. أن تحب بجنون.. لكن من الصعب علي الفتاة. أن ترفض عريس "سوبر ". لأنها لم تسقط مغشياً عليها . في غرامه.. وهكذا كان حال "أروي ".. تقدم لها عريس. بمواصفات "السندباد البحري "» شهامة. ووسامة. وقيمة. وسيما.. ومع ذلك قالت لعائلتها. خلال فترة "التشاور "قبل الرد علي العريس : "مش لاقية نفسي معاه "!!
ساعتها.. انفجر الجميع في الضحك. حتي اغرورقت أعينهم بالدموع : إن شاالله ما تلاقيها .
ردت : "أنا بتكلم جد ".
ساد الوجوم علي الوجوه. كانوا يعتقدون أن رفضها. مجرد دلع بنات. وستوافق بالطبع في النهاية. وإلا ستكون "بغدَْدَة بالنعمة ". مثل اليهود. عندما خرجوا من مصر. مع نبي الله موسي. ووهبهم الله "المنْ والسلوي ".. فقالوا : لأ.. عاوزين العدس والفول والثوم والبصل.
***
كانت "أروي "فتاة مَرِحة. وَدُودَة. وقلبها طاهر. ونقي كثلوج القطب الجنوبي. البعيدة عن آثام مخلوقات الكرة الأرضية.. وكانت في بداية العشرينات من عمرها. في عز عنفوان الصبا والجمال. لذلك لم يكن غريباً. أن يقع في غرامها. شاب مثلها في عز عنفوان الشباب والوسامة. والثراء أيضاً.
كان يبحث عن شريكة العمر. بقلبه وعينيه هو. لا زواجاً تقليدياً.. رآها في النادي الشهير.. كانت بين صديقاتها. كالقمر ليلة البدر. تدور من حوله "كويكبات "معتمة. فوقع حبها في قلبه. وأدمن الذهاب للنادي. ليروي ظمأ الحب. ولو برؤيا الحبيب. من بعيد لبعيد. ثم حسم أمره. وقرر أن يتقدم لخطبتها .
عواطف جيّاشة
رحبت أسرة "أروي "بالعريس. الذي دخل البيت من بابه.. الكل انبهر به. إلا هيَ. لأنها ليست في عجلة من أمرها. كما أن صورتها. مطبوعة في كل العيون. من حولها. فلماذا الخوف والعَجَلة.. وكما يقول المثل الشعبي البرازيلي : "قد يملك الحسناء رجلى واحد.. لكنها تملك قلوب كثيرين".
قالت : أنتظر شاباً أحبه ويحبني. وليس زواجاً كل مواصفاته. أن العريس "ثري ويقدر يفتح بيت ".
قالوا : مش معقول.. رفضك ليس له أي مبرر. لا بالعقل ولا المنطق.. والحب كما قال نزار قباني : "ليس روايةً شرقيةً.. بختامها يتزوَّجُ الأبطالُ ".
كلامهم أقنعها. فالعريس فعلاً "حاجة تفْرِح ". ومشاعره تجاهها "جيّاشة ".. فتركت عواطفها "علي جنب ". واختارت بعقلها. فوجدت أنه شريك العمر.. المناسب.
النص الحلو
كان الزوج خلوقاً. هادئ الطباع. وكانت علاقتهما جيدة. لكن الحب فيها. كان من جانب الطرف الخشن. أمّا "النص الحلو". فقد كان قلبه خالياً من الشغف بالزوج.. اللهم إلا الاحترام والمودة.. ولأن ليس لها ذنب. أنها لم تحبه. فقد.
قررا تأجيل الإنجاب لبعض الوقت. حتي تتأكد أنها لم تُخطئ الاختيار.
مر الوقت.. ولم تتحرك مشاعرها نحوه. ولو بقدر خطوة نملة. فأعلنت رغبتها في الطلاق.. باحترام. وبدون مشاكل أو خلافات.. مبرراتها لم تلق آذاناً واعية. لا من القريب. ولا من البعيد.. لكن زوجها تفهّم الأمر. فالحب دمعة.. وابتسامة. لكنه أيضاً لم يفقد الأمل. فربما عندما تُراجع نفسها. بعيداً عن الضغوط في بيت الزوجية. قد تُحبّه. وإلا لماذا قال الحكماء : "ابعد حبّة. تزداد محبّة "
بعد الطلاق.. شعرت بالسعادة. لإحساسها أنها استرددت حريتها.. لذلك كانت تتقبل برضا. اتصالات مطلقها ليطمئن عليها. فلم يقع بينهما. ما يستوجب "قطع العلاقات ".. كان الزوج قد تلقي نصيحة. مفادها "الزن علي الودان. أمرّ من السحر ".. وأن "الحب يدخل قلب الرجل. عبر العينين.. ويدخل قلب المرأة عبر الأذنين".
وبالفعل.. فوجئت بمشاعرها تتحرك نحوه . وأنها أصبحت تُحبُّه بالفعل. فقررت العودة إليه .
***
عن الحب.. يقول الشاعر محمود درويش : أحبّيني.. بكل توحّش التّترِ.. بكلّ حرارة الأدغال.. وكلّ شراسةِ المطرِ .. ولا تبقي ولا تذري.. ولا تتحضّري أبداً..
فتاة.. "ماركة مسجلة "
حاولت "ثُريا "الاحتفاظ. بشعلة الحب في قلبها. لكن هيهات. فقد أطفأتها الرياح العاتية. والسيول الجارفة.. ولأن الحب "إشعال ذاتي ". لا يُباع ولا يُشتري . فلم تستطع المسكينة أن تحصل علي "قبس "منه. ليخفف عنها ثقل الأيام .
ووراء ذلك سنوات من العذاب.. لأنها واحدة من "مظاليم". هذه الدنيا .
***
تفاصيل پهذه القضية. أرسلتها "ثُريا "ل "خلف الأبواب ". عبر الإيميل [email protected].. تقول : طفولتي كانت نموذجاً للتعاسة والشقاء. بسبب الحياة "الخشنة". في كنف والدي. الذي يعتبره الناس خليفة "شُعيب ". صاحب قصص البخل. التي قد لا نصدقها. من فرط غرابتها. وقسوتها.. وبالكاد نجحت في استكمال دراستي الجامعية. برغم شظف العيش. وضآلة المصروف. الذي يقترب من الصفر. وملابسي التي تقريباً تشبه الزي الموّحد. حتي أصبحت "ماركة مسجلة ". بسبب هيئتي التي لا تتغيّر. في الصيف. ولا في الشتاء .
عشت أحلم بالفرار بجلدي. من هذه الحياة المُرّة. في مرارة العلقم. والقاسية كأحجار الجرانيت.. وتمسكت بأهداب الأمل. أن أحصل علي عمل. ولو براتب يسد رمقي. فذلك أفضل من النوم بدون عشاء.. ويا حبذا لو يأتيني فارس الأحلام. ولو راكب حمار "حصاوي ". فأي مكان خارج باب بيتي. سيكون أفضل .
فارس "أعرج "
ولأنني كنت أتعجّل الهرب. من التراجيديا السوداء. التي تتكرر مشاهدها كل يوم. بشكل رتيب. وكئيب. فقد أعلنت موافقتي. علي أول عريس طرق بابي. قبل أن اتبين. ما إذا كان راكباً حصاناً أبيض. أم أسود.. يكفي أنني سيكون لي بيتي الخاص. وكان أبي أكثر رغبة. في التخلص مني. حتي تنقص الأفواه المفتوحة. واحد هكذا كان يقول . فبارك هذا الزواج. ولم ينس ان يشترط. عدم مشاركته في تجهيز "شقة الزوجية ". إذ يكفيه أنه أنفق "دمْ قلبه "علي تعليمي .
تستطرد "ثُريا ": لكنني "متعوسة "في الأول والآخر. فقد كان الفرح "مسخرة ". يعني "حاجة ببلاش كده ". أو كما يقولون في المثل الشعبي : "فرح عَديلهْ. سيبُه بَلا نيلهپ". وكان ما ينتظرني. في بيت الزوجة. لا يخطر لي علي بال. فقد كان زوجي "أحمق وحِمَقي ".. شخص عندما يغضب. يُصبح "سُوقي ". ولا يتورع عن تأديبي بالضرب. و"يعايرني "بوالدي البخيل. الذي "رماني رمْية الكلاب ".
كانت أثار الضرب. تبقي علي وجهي لعدة أيام. كنت "أتقوقع "خلالها في البيت. حتي لا يراني الناس.. ومع ذلك وجدتني أضحك. من وصف شقيقتي الأصغر لحالتي. بأنني كمن هربت من الثلج. إلي النار.. مضيفة : "انت عاملة زي أعرج يسحب مكسّح . يقول له تعالي نتفسّحپ".
نهاية بالدم
تضيف "ثُريا ": ولأن نار زوجي. أرحم من جنة أبي. فقد استسلمت لقدري. مما جعله يتمادي في جبروته. ف "ضعف الحائط. يُغري اللصوص". ومع أن كراهيتي له. باتت بلا حدود. فقد كان لزاماً عليّ أن أتحمل. من أجل الجنين الذي يتحرك في أحشائي. أو هكذا كنت أقنع نفسي. حتي لا تخور قواي. وأهرب من بيت الزوجية. الذي لا أحمل فيه. إلا الذكريات المؤلمة. وزوج لا أكنّ له. سوي أسوأ المشاعر .
لكن جاءت النهاية مبكرة. ورغماً عني. فلم يُقّدر زوجي أنني حامل. وانتابه الغضب كالعادة من لا شيء واضح. فقام يؤدبني. حتي تهدأ أعصابه. لكنه تمادي في جبروته. فكسر أحد أضلاعي. وفقدت الطفل !!
لم يكن لي أي دور. في الأحداث التي تلت "عمليّة التأديب ". فقد استدعي سيارة الإسعاف. وأفقت في المستشفي. وأدليت بشهادتي في محضر الشرطة. لأقطع "خيط العنكبوت ". الذي يربطني بهذا الرجل.. "الفظيع ".
"دعوة وليّة"
خرجت من المستشفي. إلي بيت أبي. الذي لم يرحب بابنته المكلومة. المقهورة. وبدلاً من أن يواسيني. أخذ يسخر مني. قائلاً : "تيتي تيتي. زي ما رحتي. زي ما جيتيپ"!!
تنهي "ثُريا "رسالتها. بطريقة توحي بأنها "صابرة ".. وتبتسم رغم الألم. تقول : بعد أن تحسنت حالتي. رزقني الله بعمل. يخلصني من تأنيب أبي. الذي كان "يلوي بُوزه ". كلما "ضبطني "آكل عيش وفول.. وأمثاله وأمثال زوجي. الذي سأخلعه. لا يسعني إلا أن أوجه لهما : "دعوة وليّة. في عز الضهرية".
***
"خلف الأبواب ": لا تبحثي عن حلم خذلك. وحاولي أن تجعلي من حالة الانكسار. بداية حلم جديد.
سَطوة الأنُوثَة
في آخر حوار. بين "سها "وزوجها. قبل أن تطلب الخُلع. حاولت أن تستفزه. وتغيظه. لتقهره. وتتشفي فيه.. قالت له : انت حقير.. رد : مش مهم. تابعت : ووضيع "كمان".. رد. مش مهم "كمان ".
احمرّ وجهها من الغضب. فبدلاً من أن تُغيظه. "ولّع "هو فيها. وحرق دمّها.. قالت : أُمَّال إيه المهم عندك ؟
قال : الفلوس.. قالت : حتي ولو كانت مغموسة في الرذيلة. وشرف زوجتك ؟
عند هذه النقطة استشاط غضباً. ليس بسبب الشرف. ولكن لتمسكها بقناعات "بالية " من وجهة نظره .. قال : كفاية تخريف.. ده بيزنس يا جاهلة !!
.. ففي أي "سلعة ".. كان يتاجر ؟!!
***
امتلكت "سها "مواصفات الأنوثة الصارخة. لكنها لم تكتف ب "المواهب الطبيعية ". فكانت تهتم أيضاً. بكل ما يُضفي عليها. فتنة وإثارة : ملابس قصيرة "محزّقة ". اكسسوارات "مُبهرة ". وتصب علي ذلك. ما طاب لها من "الدلع ". وما شابه ذلك .
باختصار : "هناك نوعان من الجمال.. واحد يُنطقك . وواحد يُفقدك النطق".. ويبدو أنها قناطيرى مقنطرة من النوعين .
كانت وهي علي هذه الصورة. تبدو في أعين الناس "فتاة مُبتذلة".. في جلسة لا تنقصها الصراحة. قالت لها صديقتها تحذرها: ستصبحين مطمعاً للذئاب. وأصحاب النفوس الضعيفة !
ردت : ذلك دليل علي "سطوة أنوثتي ". التي تمكنني من "سحب "الواحد منهم خلفي. كما يسحب الإعرابي الجمل. في الصحراء !
قالت صديقتها : لكنك ستصبحين فتاة ل "الفُرجة "فقط. ولن يطرق بابك العرسان .
ردت : وهذا ما أريده. لأنني أنتظر "عريس" "من فوق". فأمثاله لا يفكرون علي طريقتكم.. المرأة الجميلة عندهم. وسيلة للتفاخر. مثل الفيلا والسيارة .
قالت صديقتها : صحيح.. "الجمال والحماقة.. أصدقاء قدماء ".
عريس الهنا
لم يمض وقت طويل علي هذه الجِلسة. حتي شاع خبر خطوبة "سها ". من رجل أعمال. شاب وثري.. بادرت صديقتها لتهنئتها.. ثم سألتها : خطيبك بيشتغل إيه ؟
* رجل أعمال .
أيوه.. قصدي يعمل في السيارات أو الاستيراد والتصدير. أو.....
* قاطعتها : لم أسأله. أو أشغل بالي.. المهم أنه ثري. وأحواله في الطالع .
بعد الزفاف. استبدلت "سها "نزهات الكورنيش والترمس والذرة المشوي. بالسهرات الضخمة. في المطاعم الفخمة.. وبعد شهر العسل. أصطحبها زوجها. إلي السهر في الفنادق الشهيرة. مع رجال الأعمال. الذين قال عنهم: أصدقائي.
جرأة
في البداية. كانت تري تلك السهرات "عادية ". فوجود المرأة الحسناء. أثناء عقد الصفقات التجارية. "يفتح الشهيّة ". لكن التطورات اللاحقة. كشفت أنها "الطُعم ". الذي يصطاد به زوجها "الحيتان "الكبيرة. ممن يفضلون العلاقات الحميمة. بطعم "الرذيلة ".
كانت خطة الزوج. تقضي بأن يضع زوجته الجميلة. في طريق أصحاب المغامرات العاطفية. الذين لن يصمدوا بالتأكيد أمام صاروخ الفتنة.. كانت كلمات الغزل. تُدير رأس "سها ". وتُبهرها. فهي دوماً تحب أن تكون. موضع إعجاب الجميع. لكن ليس أبعد من ذلك.. أمّا الرجال فقد فهموا أن الدلع.. "علامة الرضا ".
في سهرة.. لمست جرأة المُضيف . الذي يتعامل معها كفتاة ليل.. كان زوجها قد استأذن. وطال غيابه. فدعاها صاحب السهرة. للصعود إلي غرفته في الفندق. لتناول "كأس ".. لم تصدق نفسها. أدركت أن الرجل. يبدو كمشتري دفع ثمن السِلعة. ويريد أن يحصل عليها .
هرولت هرباً من الذئب الجائع. انتظرت زوجها في البيت. ليفسر لها ما حدث.. لكنه كان غاضباً. جداً. بزعم أنها أفسدت صفقة. كان سيجني من ورائها الملايين .
قالت : لعلك لم تعرف أنه دعاني لغرفته ؟
رد : عادي.. الناس المهمّون. يفضلون أن يبتعدوا عن العيون .
قالت : ألا تغار.. أو تتخيل ما قد يحدث. عندما "يستفرد "ذئب. بامرأة فاتنة. وثالثهما الشيطان ؟
رد : الغيرة "عدسة " تكبّر الأشياء الصغيرة. "التافهة ". للناس الخايبة.. وانا واثق في ذكائك. و....
قاطعته : مؤكد إنك "ديوث".. وتاجر رقيق. أعترف أنني "روشة ". وربما يظن الناس بي الظنون. لكنني لست فتاة ليل.
هجرته. وأعلنته أنها ستخلعه.. لكنه قبل أن يتسّلم الإنذار. من المُحضر. كان قد امتلك "صاروخاً" آخر. ليس عنده حساسية. من الاختلاء بالضيوف.. الأثرياء .
***
قال الحكماء : "الجمال والعفة . دوما في صراع ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.