فرص التوصل لاتفاق حول بريكست ازدادت في الأيام القليلة الماضية عقب أسابيع من تصاعد القلق إزاء احتمالات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق. بسبب تلك الاحتمالات يبدو أن بريطانيا بدأت السعي إلي عقد اتفاقات ثنائية مع الدول الأوروبية الرئيسية تضمن استمرار التعاون في المستقبل. يأتي التغير في الموقف بعد يومين علي توجيه رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إنذارا حازما للندن بأن الوقت يداهم التوصل لاتفاق قبل خروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية في نهاية مارس المقبل. معروف أن المهل في محادثات الاتحاد الأوروبي مرنة. وقال رئيس المفوضية الأوروبية جاد كلود يونكر إنه في حال عدم التوصل لاتفاق في قمة 17 و18 أكتوبر فهو متأكد من التوصل لذلك في نوفمبر. اتفاقية دفاعية بعنوان "الرؤية المشتركة" بين لندنوبرلين وقعها كلا من وزير الدفاع البريطاني جافين ويليامسون ونظيرته الألمانية أورسولا فون دير لاير في بلدة ميندن الصغيرة غرب ألمانيا لتعزيز التعاون بين البلدين في مجالات دفاعية مختلفة من محاربة الإرهاب إلي بناء القدرات العسكرية بحسب البيان الذي خرج بعد توقيع الاتفاقية. الوزير البريطاني أكد أنه علي الرغم من أن بلاده تستعد لمغادرة الاتحاد الأوروبي فإن التزامنا بالأمن الأوروبي ثابت. والاتفاق الجديد يعزز العلاقات البريطانية - الألمانية ويدعم الدفاع بين شريكين أساسيين في حلف شمالي الأطلنطي. أما الوزيرة الألمانية وصفت الاتفاقية بأنها إشارة رمزية للصداقة بين البلدين قائلة إن برلينولندن يسعيان لتعزيز التعاون الجيد أكثر في المستقبل في مجالات البحرية والقوات الجوية والقدرات الإلكترونية. الاتفاقية تحمل القليل من المنافع الدفاعية لبريطانيا التي تمتلك أفضل قدرات استخباراتية وعسكرية ضمن دول الاتحاد الأوروبي. لكن محللون سياسيون يرون أن بريطانيا تحاول كسب" ألمانيا إلي جانبها في مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي التي تلقي تشددا من قبل فرنسا. علي الجانب الآخر فان الاتفاقية الدفاعية تمثل أهمية أكبر بالنسبة لبرلين التي ما زال إنفاقها العسكري منخفضا نسبة لدخلها القومي. وجيشها وعتادها بحاجة لتأهيل كبيرين. قبل أن تقدم رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي خطة تشيكيرز للخروج من الاتحاد. التقت ثلاث مرات بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ويبدو أن ألمانيا التي تعد أكبر قوة اقتصادية في أوروبا أكثر ليونة في المفاوضات مع بريطانيا من فرنسا. يشكل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تحديات كثيرة خاصة في مجال مكافحة الإرهاب. ويتشارك الطرفان تبادل المعلومات الاستخباراتية وغيرها ويرتبطان عبر أكثر من منظمة مثل اليوروبول التي تتيح استخدام مذكرة الاعتقال الأوروبية بين دول الاتحاد. وبحسب دراسة لمؤسسة راند للدراسات العسكرية. فإن التعاون الدفاعي الدولي لبريطانيا يحصل ضمن أطر ثنائية أو ضمن حلف الناتو. وهذا ما سيبقي عليه الحال بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي". من هنا جاءت مساعي بريطانيا لتعزيز اتفاقاتها الدفاعية الثنائية مع دول الاتحاد الأوروبي. خاصة ألمانيا. وفرنسا التي تقارب بريطانيا باتفاقها العسكري. والاتفاقية التي تم التوقيع عليها في ألمانيا لم تكن وليدة اللحظة فقد بدأ العمل بعد وقت قصير من تصويت البريطانيين في الاستفتاء الشعبي للخروج من الاتحاد الأوروبي وفي صيف العام الماضي. نشرت وزارة الدفاع البريطانية بيانا حول التوصل إلي "رؤية مشتركة" مع ألمانيا. وأضافت أن الطرفين يبحثان عن فرصة لتوقيعها رسميا. وفي برلين قالت مصادر رسمية إن التأجيل حصل بسبب الانتخابات. ومن ثم كان انتظار تشكيل الحكومة الذي استغرق 5 أشهر. وتزداد أهمية الاتفاق أيضا مع تزايد الهجمات الإلكترونية الروسية علي دول أوروبية مختلفة. وقد حرص وزير الدفاع البريطاني علي التأكيد أن دول الناتو تقف سوية لإدانة هذه الهجمات في اجتماع في بروكسل قبل يومين. وفي الاجتماع نفسه أعلن أن بريطانيا ستسعي إلي تعميق علاقتها الدفاعية مع شركائها للتصدي للهجمات الالكترونية الروسية.