سألهم معلمهم عن أسمائهم وأعمارهم. وحرف آبائهم كنوع من التواصل والتعارف ومعرفة أحوالهم. وهو القادم من خارج محافظتهم. أثارت إحدي الإجابات دهشته. وتعجب من تطاول الابن علي ولي نعمته. وبعد تحري الأمر تأكد من صدقه وسلامة نيته. ولا بأس أن نمر علي نوادر المعلمين والمتعلمين ولا ننسي التذكرة ببعض الملاحظات من أجل مستقبلهم. والنصاب في المعني الشائع : هو المحتال الذي يخدع الآخرين ليستولي علي أموالهم. وممتلكاتهم.. وهي صيغة مبالغة من ناصب. ونصب الشيء أقامه. ونصب الخيمة : رفعها. والنصب بفتح النون والصاد : العناء والتعب. والنصاب القانوني : بالكسرة : الحد المطلوب من الحضور ليكون الاجتماع قانونياً. والنصب بالضم : الجنم أو شاهد القبر. وناقة نصباء : عالية الصدر وأيضاً نصيب : لعبة الحظ : أو أوراقها. والضلالي : نسبة إلي الضلال : وهو الشخص الذي انحرف عن الطريق القويم. والسلوك المستقيم جاء المعلم من بورسعيد. خلال سنوات الهجرة بعد الحرب "1967 1973" وعاش في قرية بمركز دكرنس محافظة الدقهلية وعمل بمدرستها الإعدادية بعد تخرجه. قال الطالب : أبي نصاب ضلالي. أبوك.. كما تقول. نعم.. ويؤدي عمله بمهارة واتقان بشهادة الجميع. أبي يعمل في الأسواق. يشيد محلاتنا ويبني مظلاتها لتحمي التجار من شمس الصيف الحارقة.و"الضلالي" بالعامية : جمع "ضليلة" وهي المكان الضليل أو المظلة. والظل نعمة من الله عز وجل لا يعرف قدرها إلا من مر بالصحراء أو الأماكن المكشوفة وفي أواخر الستينيات من القرن العشرين سافر طالب للدراسة بجامعة أسيوط كلية التربية. وعاش بها. طلب من زميله الصعيدي أن "يسرج" النور فغضب الزميل وقال كيف تطلب مني أن أسرج "أسرق" النور. وقال له زميله أريد منك أن تفتحه لا أن تسرقه. ويطلق علماء اللغة العربية علي الجيم التي ينطقها أهالي الوجه البحري الجيم القاهرية والصواب هي الجيم المعطشة كما ينطقها أهل الصعيد وسيناء والشرقية وغيرها من المناطق الحدودية والداخلية. وفي ليبيا كان المصريون ينادون موظف البنك بطريقتهم : واسمه عبدالجواد فيغضب ويصحح لهم. عبدالجواد بالجيم المعطشة يا أخي. ولكن دون جدوي. ومعلم مصري غضب من طالب عندما قال له انت "مغفل" يا شيخ. وظن أنه يتهمه بالغفلة أو السذاجة وقال الطالب إنه يقصد: "أنه "مش واخد باله"!! تقولون ومعلم آخر : طلب من عامل بالمعهد الذي يعمل به أن يأتيه بفرختين ويمر عليه بالمنزل وغضب الرجل وتعجب من المدرس المعروف بأدبه وحُسن خلقه. أنت يا شيخ تقول هذا الكلام. وماذا في ذلك. الفرخة هنا يا شيخ معناها الفتاة أما الذي تقصدها اسمها الدجاجة. وتعجب أحد المدرسين من عدم وجود رباط حذاء أسود في مدينته التي يعمل بها : وقال زميله اسمه هنا : خيط تنورة أكمل : وذهب إلي المحل وقال له صاحبه! تفضل يا شيخ يعني يا استاذ. وفي إحدي الدول الخليجية ذهب صحفي مصري يؤدي واجب العزاء وكرر العبارات التي تقال في هذا المقام ومنها "شد حيلك" وظهرت عليهم علامات الغضب والدهشة وعلم الزميل أن هذا المصطلح له معني مختلف تماماً وليس دعوة للصمود في مواجهة المصيبة كما هو معروف في مصر. وفي مستشفي قصر العيني التعليمي "الفرنساوي" بالقاهرة جاء مواطن يمني أوائل الألفية الجديدة ليجري عملية جراحية لابنته وظهرت عليه علامات الحيرة وهو يتحرك بين حجرات المستشفي. لا يستطيع التفاهم مع الأطباء والممرضات وناديت عليه. تحدثت معه بلغة عربية بسيطة وانتهت مشكلته.. ولم تفهم زوجته كلام الممرضة عندما طلبت منها : أن تستبدل زي العمليات لها بالهدوم العادية. والهدوم كلمة فصحي والمفرد هدمة وهي الثوب العادي أو القديم "غير الجديد" ومشاكل كثيرة سببها اختلاف اللهجات وغياب اللغة البسيطة التي يمكن التفاهم والتواصل بين أبناء الوطن العربي بها. ولا بأس أن نوجه عناية المعلمين في الجامعات والمدارس أن يتحدثوا بلغة عربية مبسطة خلال عملهم ونحن أول العام الدراسي الجديد واقناع طلابهم بالبعد عن استخدام الحروف اللاتينية في كتابة الكلمات العربية علي مواقع التواصل الاجتماعي.. لما لها من آثار سلبية علي لغتهم وهويتهم ومستقبل امتهم. حاول المستشرقون والمغرضون علي امتداد أكثر من قرن ونصف القرن ابعاد أبناء اللغة العربية عنها. واستخدام اللهجات المحلية بدلاً منها ويأتي اليوم الذي يحقق هدفهم بايدي أبنائنا. وفي العام الدراسي الجديد نتوجه بالدعاء إلي الله عز وجل أن يجعله عاماً ناجحاً مثمراً يفيض بالعمل والاخلاص والجدية والتوفيق وكل عام وأنتم بخير.