من المسلم به أن تنظيم الأسواق موضوع في غاية الأهمية لجذب الاستثمارات الأجنبية الضرورية لإقامة مشروعات جديدة تسهم في حل مشكلة مصر الاقتصادية وتفتح المجال لتشغيل الشباب. فمن الأهمية بمكان للمستثمر الجديد معرفة القوانين والضوابط التي تحكم حركة الإنتاج والاستثمار. وهو ما خلت منه أسواقنا تماماً. فمن يريد أن ينتج ينفرد بتحديد سعر منتجاته وبدون حتي أن يعلن عنها للمستهلك مسبقاً قبل شرائه لها. وكذلك المستورد. لذلك فقد كان قرار الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية والصادر في 31 يوليو الماضي. والذي ألزم فيه كل الجهات والشركات المنتجة والمستوردة لمنتجات تعبأ محلياً والمصنعة والمعبأة والموردة للسلع الغذائية بتدوين سعر البيع للمستهلك علي كل عبوة باللغة العربية وبخط واضح لا يقبل الإزالة والمحو.. يعد واحداً من أهم القرارات التي تستهدف ضبط إيقاع السوق المحلية التي تعيش الفوضي في كل مراحل تداول السلع. خاصة أن القرار يحظر علي كل الجهات التي تتعامل في تداول السلع الغذائية الإتجار والتوزيع والتخزين والعرض والبيع لعبوات هذه السلع بدون أن يكون مدوناً عليها سعر البيع للمستهلك. وقد منح الوزير مهلة حتي 31 ديسمبر المقبل لكل الجهات التي تتعامل في هذه السلع لتصريف منتجاتها غير المدون عليها سعر البيع للمستهلك ولكن في الوقت نفسه ألزمهم أيضاً بالإعلان للمواطنين عن أسعار بيع هذه السلع خلال فترة المهلة علي واجهة محالهم ومكان عرض السلعة بخط واضح وظاهر. إنها خطوة اتخذها الوزير علي المصيلحي من المؤكد أنها بداية الطريق لتنظيم الأسواق. وهي خطوة يجب أن يتبعها الكثير من القرارات.. فالأسواق المنضبطة ستخفف اعباء الإصلاحات الاقتصادية علي الناس. ولعل أهم تلك الخطوات المبتغاة هو تطبيق ما كان متبعا بمصر من نظام التسعيرة الجبرية علي السلع الأساسية والضرورية لحياة المواطن. وذلك بتقدير التكلفة الإجمالية بمعرفة الخبراء والمختصين لكل سلعة وتحديد هامش ربح معقول للتاجر والمستهلك. وإلزام التاجر بالبيع به وعدم تجاوزه. ومن يخالف تلك التسعيرة والتي كانت متغيرة ويتم تحديدها كل موسم إنتاجي أو استهلاكي. يتعرض للمسائلة القانونية ثم العقاب. رغم تقديرنا لصعوبة إصدار مثل تلك القرارات وتطبيقها. فدستورنا الحالي يسمح بحرية الأسواق وعدم تطبيق التسعيرة الجبرية علي السلع والأدوات المتداولة بالسوق أياً كانت أهميتها للمواطن العادي والبسيط. إلا أننا نعيش بالفعل أجواء حرب تستهدف النيل من أمن واستقرار مصر. بل تستهدف وجودها ذاته. وهذه الحرب تأخذ أوجه عدة منها تضييق الخناق علي المواطن بخلق أزمات اقتصادية. وندرة أو رفع مبالغ فيه لأسعار السلع والأدوات الأساسية لدفعه للتذمر المولد للإنفجار الهادم لأركان الدولة. فنحن حقيقة نعيش اقتصاد حالة الحرب. وهو ما يستلزم اتخاذ إجراءات استثنائية تتناسب وهذه المرحلة الهامة والخطيرة من تاريخنا. لذلك جاء قرار الدكتور علي المصيلحي هذا قطرة من غيث يجب أن يتحقق.