ما الذي ينبغي أن يفعله المسلم وهو يستقبل شهر رمضان المبارك؟ يقول فضيلة د. شوقي علام مفتي الجمهورية: واجب المسلم. بل واجب الأمة الإسلامية كلها ان تحتفي بهذا الشهر الكريم. لفضله وعظم منزلته. ففيه تفتح أبواب الخير. وتغلق أبواب الشر. لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين" فهو شهر خير وبركة ومغفرة ويتجاوز الله فيه عن الذنوب ويغفرها.. ونظرا لكثرة فضائل الشهر الكريم. وما تنزل فيه من رحمات الله علي عباده. فقد حثنا الإسلام علي الإكثار فيه من الطاعات. واجتناب المعاصي والذنوب. والمداومة علي قراءة القرآن والاستماع إليه وتدبر معانيه. والعمل بتوجيهاته المسلم مطالب شرعا بأن يعيش مع القرآن في رمضان آناء الليل وأطراف النهار. ومن فضائل رمضان أن صيامه يكفر الذنوب. فرسول الله صلي الله عليه يقول في الحديث الصحيح: "الصلوات الخمس. والجمعة إلي الجمعة. ورمضان إلي رمضان. مكفرات ما بينهم إذا اجتنبت الكبائر" وفي هذا رحمة من الله عز وجل بخلقه. حيث جعل رمضان فرصة لأصحاب المعاصي ليتخففوا من أحمالهم. وليضعوا أوزارهم عن ظهورهم. ففي الصيام نهارا. والقيام ليلا. وحفظ اللسان والجوارح عن الشهوات. يتوفر للمسلم المناخ الإيماني الذي يتطلع إليه. والذي يساعده علي التخلص من ذنوبه. ولا تقف فضائل هذا الشهر الكريم عند الفرد وإنما تمتد آثارها إلي المجتمع. لتحقق "اللحمة المجتمعية" التي أرادها النبي صلي الله عليه وسلم من الأمة. فتصبح الأمة في رمضان وكأنها جسد واحد. يشعر الغني بالفقير. ويدعو الفقير للغني.. تخرج الصدقات. وتكثر الدعوات. فتتحقق الألفة. والاعتصام والوحدة التي هي مقصد الإسلام.. وقد سئل بعض السلف: لم شرع الصيام؟ قال: ليذوق الغني طعم الجوع فلا ينسي الجائع. وأهم ما ننصح به المسلمين هو الاقتداء برسول الله صلي الله عليه وسلم. والعمل بما وجه إليه ونصح به. فقد كان المثل الأعلي للمسلمين في الاحتفاء برمضان. وكان هذا الشهر الفضيل يمثل حدثا عظيما في حياته. لأنه يعرف قيمته وفضله. وما يعود علي المسلم فيه من خير وفير. فهو سيد شهور السنة. وكان يستعد له بكثرة الصوم في الشهور السابقة عليه وخاصة في شهري رجب وشعبان. وكلما قرب هذا الشهر ابتهج الرسول وتأهل للاحتفاء به والاستفادة منه واستثماره علي افضل ما يكون الاستثمار.. وقد اتبع رسول الله صلي الله عليه وسلم كل وسائل الترغيب فأوضح للمسلمين فضائل هذه الفريضة واهدافها وأجر وثواب من يحرص علي آدابها وأخلاقياتها. ويخلص في آدائها.. واتخذ الرسول عليه الصلاة والسلام من هذه الأيام المباركة فرصة طيبة لنشر القيم والأخلاقيات الفاضلة بين المسلمين. ولذلك لم يترك هذه الفرصة تفوق دون ان يعلم المسلمين أن دين الله يسر لا عسر. وان العبادات لم تفرض عليهم لتعذيبهم. أو لحرمانهم من طيبات الحياة. لكنها فرضت عليهم لمصلحتهم. وكلها منافع لهم. فالصلاة كلها منافع للانسان قبل ان تكون طاعة لله. والزكاة بركة في الرزق والعمر. والصوم كله مكاسب روحية وبدنية للصائم الذي يحرص علي آدابه وأخلاقياته. والمتتبع لأقوال رسولنا الكريم عن رمضان يجد أنه حرص علي أن يكون هذا الشهر الكريم مدرسة للمسلمين يتعلمون فيها كل ما يصلح دنياهم وآخرتهم. فكان يحدد لصحابته الكرام سنن الصيام وآدابه وسنن الإفطار والسحور. وذلك بأفعاله وأقواله.. وأولي دروس التيسير والرحمة في شريعة الإسلام التي علمها رسول الله صلي الله عليه وسلم للصائمين تعجيل الفطر. حيث كان يتعجل الفطور فيفطر أولا ثم يصلي المغرب. وقد روي أنه صلي الله عليه وسلم كان يفطر علي رطبات قبل أن يصلي. فإن لم يكن فعلي تمرات. فإن لم يكن حسا حسوات من ماء. وورد في عدد التمرات أنها كانت ثلاث. ووافقت أفعال النبي صلي الله عليه وسلم في تعجيل الفطور أقواله فهو القائل: "لاتزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور". وكان صلي الله عليه وسلم يؤخر السحور ويحث عليه وقد قال: "تسحروا فإن في السحور بركة" وقال العلماء: البركة في السحور أنه يقوي الصائم علي مواصلة الصوم إلي الليل وينشطه ويمد الجسم بالطاقة الحرارية اللازمة لحيويته. ولفريضة الصوم أهداف نبيلة. ومقاصد سامية. يتباري العلماء والدعاة كل عام في تذكير الناس بها. والمسلم الذي يتطلع لكامل الأجر والثواب عليه أن يلتزم بآداب الصوم وأخلاقياته. ويصوم صوما صحيحا عن كل المفطرات. ويتجنب كل المعاصي والذنوب. فالصوم فريضة الالتزام فيها يصل بالإنسان إلي مرحلة التقوي. وهي الهدف الأسمي من الصوم. ولذلك يقول الحق في نهاية آية الصوم "لعلكم تتقون" فالتقوي هي هدف الصوم. ولكي تتحقق هذه الدرجة من صفاء القلب واستقامة الجوارح. علي المسلم ان يكون في رمضان نموذجا للطاعة والإخلاص. وأن تتعلق كل جوارحه بعمل الخير. وان يعلم ان الله يراقبه في كل تصرفاته. فيفعل ما يرضي الله ويجلب رضاه.. لابد أن يتقرب المسلم إلي ربه خلال هذا الشهر الكريم بكل الطاعات وأعمال الخير. ويكون مخلصا في كل ذلك. بمعني ألا يكون هدفه أن يتحدث الناس عنه وعن طاعاته وأعماله الخيرية. فالإخلاص في الطاعات والعبادات يضاعف الأجر والثواب عليها.