لو تابع كل وزير من الوزارات الخدمية ما يدور في إدارات وهيئات ومصالح وزارته لانصلح حال البلاد. وتحسنت أحوال العباد. من أراد معايشة كل أنواع وألوان البيروقراطية وتعطيل مصالح الناس وإهدار كرامة "البني آدمين" عليه أن يتعامل مع موظفي الحكومة في المصالح الحكومية الخدمية ليري العجب العجاب من وهن القيادة وضعف الإدارة وعدم محاسبة المقصرين وفوضي وإهمال ضربت جذورها في الأعماق. كل معاني البيروقراطية وصورها رأيتها بأم عيني وسمعتها بأذني أثناء زيارتي العاجلة لإدارة التأمينات الاجتماعية الخاصة بالتأمين علي العاملين بالقطاع الخاص فرع الهرم الكائنة بعقار جانبي "مدسوس" وسط منطقة سكنية شعبية في شارع جانبي صغير متفرع من شارع الملك فيصل بالهرم. وكأن بلدنا ضاقت ولم تجد هيئة التأمينات الاجتماعية بديلاً عن هذا المكان.. رغم تردد المئات عليه يومياً. *** وجدتني أدخل إلي المجهول وسط العشرات من المتعاملين مع الإدارة الباحثين عن شهادة تأمينات أو الراغبين في الحصول علي الرقم التأميني أو أرامل يبحثن عن تأمينات المرحوم.. الكل يقف في طابور طويل أمام موظف وحيد وكأن الهيئة لا تجد شباباً للعمل رغم آلاف الشباب العاطلين من العمل أو ربما لغياب بعض الموظفين دون رقابة أو محاسبة. الطابور محلك سر.. الموظف الوحيد لم أره يلبي طلباً لعميل.. يرفض طلب هذا ويحيل ذاك إلي إدارة أخري ويعنف هذه ويطلب من تلك انتظاره حتي آخر النهار في بيروقراطية رأيتها وآراها في كثير من المصالح الحكومية و"فوت علينا بكرة يا حضرة"!! رأيت في عيون الناس حزناً. وفي قلوبهم زفرات يعتصرون ألماً ولم أطق ما أراه وتحرك بداخلي فضولي الإنساني قبل الصحفي وظللت أرصد تصرفات الموظفين وأراقب الأداء التقطت ما استطعت التقاطه من صور ذهنية وفوتوغرافية وتوجهت إلي مدير الإدارة بالطابق الثاني بالمبني محاولاً الاستعانة به ليرحم قوماً أذلهم موظفوه. يري كيف يتعاملون مع عملاء الإدارة في بسطاء الناس الذين جاءوا لقضاء حوائجهم! *** لم يعبأ بكلامي وكان رده "أنا هنا في مكتبي وعارف اللي بيحصل في إدارتي". قلت: أبداً لا تعرف.. انزل الطابق الأرضي أو انظر إلي المكاتب المجاورة لمكتبك لتعرف كيف يعاني الناس مع موظفيك؟ طالبته بأن يتحرك من مكتبه كأي مسئول ذي ضمير يتابع مهام وظيفته بالمتابعة والمراقبة حتي يقضي حوائج الناس لكن البيه المدير وضع "أذناً من طين وأخري من عجين"!! كثير من المصالح الحكومية الخدمية تحتاج إلي استئصال مديريها ورؤسائها المتقاعسين تحتاج إلي تطهير موظفيها الفوضويين. مجرد كلام بقلم: نسرين صادق اصنعوا السعادة فجأة تحول كل شيء للنقيض.. مشاعر الحب أصبحت كراهية.. الصداقة تحولت إلي حالة عداء علانية.. العلاقات الإنسانية باتت نوعاً من التربص للإيقاع بالآخر حتي أن العيون نطقت بالغل والحقد في غياب تام للأخلاقيات. الغريب في الأمر أنه إزاء هذا المشهد القائم رفع الجميع شعار المظلوم وكأن الظالم "لهو خفي" لا وجود له.. الكل كشف شعره وتضرع بالدعاء علي الآخر داعياً المولي عز وجل أن يريه آية من آيات فيمن ظلمه دون أن يعترف أي شخص بأنه الظالم. لا أحد يعترف بخطئه فالكل يعتقد أنه علي صواب.. لا أحد يقول الحقيقة أو بمعني أصح الجميع يطوع الحقيقة كما يحلو له.. يتخذ من المواقف الأجزاء التي تدعم موقفه وتجعلك تصب لعناتك علي الآخر. أصبحنا نعيش في زمن يخلو من الأمان في علاقتنا بالبشر فالغدر والخيانة قد تكون حليفة أي علاقة تربطك بأي شخص.. الانعزال عن الآخر بات نصيحة غالية فهذا يحذرك من الحديث والفضفضة مع صديق عمرك وذاك ينصحك بألا تدخل بيتك شخصاً تراه كاتماً لأسرارك والجميع يؤكد لك أن معظمهم يضمر لك العداء في ظهرك وينفاقك في وجهك. المؤسف أنك قد تظن أن هذا الذي يحافظ علي صلاته ولا يتواني عن صيام السنة قبل الفرض بعيد كل البعد عن ألاعيب بعضهم لإلحاق الأذي بك لكن سرعان ما تكتشف أنه المخطط لها. الأسبوع الماضي كان الكل يتحدث عن ذلك الشاب الذي لم يكمل عقده الرابع وفاز في الانتخابات الرئاسية بفرنسا ليكتب تاريخاً جديداً لهذا البلد ولدينا إذا رأينا نموذج ً مشابهً لا نتواني عن تحطيمه بشتي الطرق وأبشعها فكيف لنا أن نكون مثلهم. تذكرت مقولة الإمام محمد عبده الشهيرة عندما زار أوروبا وعاد ليقول رأيت إسلاماً بلا مسلمين ولدينا مسلمون بلا إسلام.. نعم جميعنا ابتعد عن صحيح الدين ففسدت أخلاقنا وعلاقتنا بالآخر ونتناسي جميعاً أن الدين المعاملة. جميعنا نري أنفسنا مظ لومين ولكن في الحقيقة نحن ظالمون لأنفسنا لأننا غلبنا علاقتنا بالآخر عن علاقتنا برب السماوات والأرض.. جميعنا ابتعد عن صحيح الدين ففسدت علاقاتنا وساءت حياتنا. اصنعوا السعادة لأنفسكم بعلاقة ناجحة مع الله.. لا تعاملوا الأشخاص ولكن عاملوا من خلقهم ووقتها ستدركون أنكم أضعتم الكثير والكثير في أمور لا تستحق حتي التفكير فيها.. أعلنوا الثورة علي كل ما فات وأبدأوا علاقة ناجحة ستجنوا ثمارها في الدنيا والآخرة.