يعتبر مفهوم الذكاء الوجداني مفهوماً حديثاً علي التراث السيكولوجي إعمالاً بمبدأ أو شعار "أُفكر.. أَشعر.. أَفعل". ومازال يكتنفه بعض الغموض. حيث إنه في منطقة تفاعل بين النظام المعرفي والنظام الانفعالي.. يعرف الذكاء الوجداني بأنه القدرة علي فهم الانفعالات الذاتية والتحكم فيها وتنظيمها وفق فهم انفعالات الآخرين والتعامل في المواقف الحياتية وفق ذلك. فيعرف بأنه القدرة علي فهم الانفعالات الذاتية للآخرين وتنظيمها للرقي بكل من الانفعال والتفكير. فإن الذكاء الانفعالي يميز الأفراد الذين يحاولون التحكم في مشاعرهم ومراقبة مشاعر الآخرين وتنظيم انفعالاتهم وفهمها. ويمكنهم ذلك من استخدام استراتيجيات سلوكية للتحكم الذاتي في المشاعر والانفعالات ويشير سالوفي الي أن مرتفعي الذكاء الوجداني يحتمل أن يكون لديهم القدرة علي مراقبة انفعالاتهم ومشاعرهم والتحكم فيها والحساسية لها وتنظيم تلك الانفعالات وفق انفعالاتهم ومشاعر الآخرين. هذا وقد عرف بأنه: "القدرة علي فهم الانفعالات. ومعرفتها. والتمييز بينها. والقدرة علي ضبطها والتعامل معها بإيجابية". يعني ذلك أن تأثير الوجدان علي السلوك والتعلم يفوق كثيراً تأثير العمليات المنطقية علي السلوك والتعلم.. إذن الوجدان والتفكير متداخلان تداخلاً وثيقاً. وحتي يتمكن الطفل من اكتساب معلومة ما أو خبرة من الخبرات فلابد أن تتوافر له الظروف الآمنة البعيدة عن التهديد والقلق حتي يزداد تركيزه وتزداد قدرته علي استدعاء الخبرات السابقة. وبالتالي فهم الموقف والتعامل معه عقلياً ومنطقياً. وعندما تكون الخبرة مصحوبة بانفعال إيجابي كالفرح أو الإنجاز مثلاً يزداد اتقان المعلومة وحفظها وتخزينها في صورة واضحة يسهل استدعاؤها والاستفادة منها. وذلك لأن الناقلات العصبية في الدماغ البشري تفرز مواد كيميائية تعطي شعوراً بالراحة والمرح. وذلك مع الخبرة التي تعطي هذه الأحاسيس الإيجابية. فيسجل الدماغ هذه المعلومة. وكأنه يقول لنفسه: هذه المعلومة هامة احفظها وتذكرها واستخدمها مستقبلاً. وتعتبر هذه المشاعر الإيجابية التي ترافق الخبرة بمثابة مكافأة ذاتية للدماغ. وهي التي تدعو العقل مستقبلاً لممارسة أشكال التفكير المختلفة كالابتكار والاستكشاف والإنجاز. لأن المخ في هذه الحالة يكون آمناً: إذا كانت الانفعالات المصاحبة للخبرة سلبية ومؤلمة كالتهديد والقلق والخوف. فإن المادة الكيميائية التي يفرزها الدماغ تجعل الفرد متحفزاً للرد بالمقاومة "مقاومة دخول المعلومة أو تعلم المهارة"» وذلك للمحافظة علي نفسه. ويؤدي ذلك إلي مزيد من التوتر والقلق. وبالتالي يتدني الانتباه والتركيز والتعليم.. ومن هنا كان الذكاء الوجداني هو أساس التنمية العقلية والاجتماعية والمعرفية للطفل.. فالذكاء الوجداني مهم للنجاح في الحياة. والمهنة. والصحة النفسية.