لا يشك أي متابع للرياضة أو حتي أي مواطن عادي غير محب أو متابع للرياضة أن الأهلي والزمالك قلعتان كبيرتان من قلاع الرياضة ويتابعهما مئات الملايين ليس في مصر فقط ولكن في كل أرجاء الوطن العربي.. بل والعالم. ولكن هاتين القلعتين تسببتا في العديد من الأزمات والمشاكل علي مدي الأعوام الماضية دون قصد من داخل الناديين بسبب التعصب الأعمي في هذا العصر لإعلام العار. التعصب انتقل من مقاعد المشجعين. حتي في ظل غياب الجماهير عن المدرجات.. إلي كراسي وصفحات وشاشات الإعلام وأصبح الإعلام أكثر تعصبا من الجماهير.. بل ونقل ونشر وأشعل فتيل الفتنة بين الجماهير. ففي الماضي لم يكن أحد يستطيع أن يعرف انتماء الصحفي أو الإعلامي أو المذيع أو المعلق لأن كل هؤلاء كانوا يتحرون الموضوعية والحيادية عند عرض أي قضية بعيدا عن انتمائهم لأن أساتذتنا الكبار كانوا يرسخون مبدأ الحيادية في العمل الإعلامي. كل هذه القيم انهارت تماما في عصر "إعلام العار" الذي نعيشه الآن. وأصبح من يغطي الناديين الكبيرين يتعرض لاختبارات شخصية ليس في قدراته الإعلامية أو مهاراته الخاصة أو موهبته وإنما اختبار صريح في الانتماء لأن الأهلاوي أصبح من المستحيل الآن أن يقوم بتغطية الزمالك والزملكاوي من المحال أن يغطي أخبار الأهلي ومن لا يتبع ذلك يصبح كما لو كان جاسوسا تم زرعه في النادي المنافس. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد.. بل امتد إلي اعتبار أن من يغطي الأهلي أو الزمالك وينتمي إليه عليه أن يساند النادي أكثر من مجلس إدارته نفسه ويدافع عنه في الخير والشر أي أن يكون الإعلامي "ملكيا أكثر من الملك". الإعلام المتعصب للناديين الكبيرين فتح المجال للكثير من القرارات السلبية أمام اتحادات تظهر دائما بشكل أضعف كثيرا من الأهلي والزمالك وبالتالي لا يجرؤ أي اتحاد علي اتخاذ أي قرار ضد الكبيرين. في الوقت الذي تطبق فيه اللوائح والقوانين علي الصغار فقط والذين لا يملكون تلك الآلة الإعلامية الغاشمة. وعلي جانب آخر أفقد هذا التعصب الإعلامي المهنية المعهودة وأصبح من يهاجم الأهلي لقرار خاطئ زملكاويا متعصبا وعليه أن يتلقي السباب والشتائم من جمهور المنافس. ومن يخرج منه انتقاد لنادي الزمالك حتي لو كان محقا فهو أهلاوي متعصب وعليه أن يتحمل جزاء نقده بالمنع من دخول النادي أو تلقي أغلظ أنواع الألفاظ الخارجة. التعصب للأهلي والزمالك أفقد الإعلام هيبته وأضاع كل القضايا ولم يعد الإعلام مصدقا لأنه متحيز أكثر من الجماهير وضاعت الكلمة الصادقة والنقد البناء في عصر "إعلام العار".