محمود صادق فضلا عن كونها البقعة الأكثر دفئا وهدوءا في الشتاء فإنها المنتجع الصحي الأكثر شهرة في الصيف. انها واحة سيوة في قلب صحراء مصر الغربية. حيث رمال "جبال الدكرور" الساخنة التي تمتلك قدرات كبيرة في شفاء أمراض عدة وبأسلوب عرف قديما وحديثا "العلاج بالدفن والردم". وهو موسم يبدأ من منتصف يونيو حتي منتصف سبتمبر وعلي الرغم من شهرتها العالمية فإنها لم تستغل حتي الآن بالشكل الذي يمكن ان يدر دخلا جيدا من العملات الأجنبية لمصر. "الجمهورية" حطت رحالها في صحراء سيوة قال الباحث التاريخي في تراث الواحة "خالد شعيب" أنه يوجد "5" أشخاص يتبعون هذا الأسلوب في علاج بعض الأمراض المستعصية. مضيفاً: أن عملية الردم قديمة. لا يعرف القائمون عليها تاريخا محددا وان كان العاملون في هذا المجال يجمعون علي أن الدكتور "سطوحي" هو صاحب الريادة حيث مارس هذه المهنة قبل 30 عاما. وكانت البداية حين أشار في 1977 علي سائح دنماركي بأن يدفن ابنته القعيدة ذات الأعوام التسعة في رمال جبل الدكرور. وبالفعل شفيت الطفلة وتمكنت من السير علي قدميها. وارتفعت اسهم الدكتور سطوحي حتي توفي عام 1999 وأعتلي الهرم العلاجي بعده الحاج أبوالقاسم الشرايك..أما المعالج "سيد هارون أحمد" فقال: بدأت العمل في مجال العلاج بالردم منذ كان عمري 6 سنوات مع الدكتور سطوحي. ثم انتقلت إلي العمل مع المرحوم محمد الواحي ودامت خدمتي معه واكتسبت منه خبرات كثيرة. ثم حط بي الرحال عند معلم المهنة الرائد "أبوالقاسم الشرايك" ومكثت مع نحو 14 عاما مضيفا: انه علم من الدكتور سطوحي أن الردم بدأ منذ عصر الفراعنة خاصة من قدم منهم إلي الواحة. وعن أسلوب العلاج قال: حين يأتي المريض إلي المعالج يطلب منه نتيجة الفحص الطبي الذي أجراه أو يتوجه إلي مستشفي سيوة المركزي لتحديد نوع المرض وعلي ضوء هذه النتائج يوافق المعالج الشعبي علي اجراء عملية الردم في الرمال الساخنة. وهو الذي يشرف ويتابع العملية العلاجية تعاونه مجموعة من صبيان المهنة. والبرنامج العلاجي يبدأ باستضافة المريض ببيت المعالج الليلة الأولي. وفي الصباح الباكر عند بزوغ الشمس تحفر حفرة للمريض وتظل الشمس مسلطة علي تلك الحفرة منذ بزوغها إلي الساعة الثانية والنصف ظهرا ثم يدخل المريض الحفرة مدة لا تقل عن 10 دقائق ولا تزيد علي 15 دقيقة. بعدها ينقل إلي خيمة مغلقة لمدة لا تقل عن ساعتين ولا تزيد علي 3 ساعات وفي هذه الاثناء لا يتعرض المريض للهواء ولا يشرب ماء باردا. ولا يأكل الا ما أمر به المعالج ويداوم أحد المساعدين في تقديم أكواب الحليب الدافئة حتي يخرج المريض من خيمته ملفوفا في غطاء ثقيل حتي يصل إلي غرفة مغلقة ليرتاح فيها بقية اليوم وقد يحتاج إلي تدليك بالخل وزيت الزيتون الدافئ. ويتناول وجبته الرئيسية "نصف دجاجة وشوربة خضار دافئ". ويذكر المعالج السيوي أن البرنامج الغذائي طوال اليوم يتضمن تناول "روح النخلة" علي الريق ثم عسل نحل وزبادي في الافطار وعددا من التمرات ثم يتوقف حتي موعد الردم ونصف دجاجة أو ربع كيلو لحم ضاني أو ماعز مع أرز وشوربة خضار. وتعد وجبة العشاء هي الرئيسية والغداء يبدأ مبكرا بعدها يتوقف المريض عن الطعام من الساعة 11 صباحا حتي 2.30 ظهرا لأن المريض عندما يدخل حفرة الردم تكون مسام جسمه مفتوحة وبعد خروجه من الخيمة يتناول ماء ليمون بنزهير وحلبة دافئة وقليلا من الشوربة. ثم يتناول وجبة العشاء ويحرم علي المريض أثناء مدة الردم التي تتراوح بين "3" و"15" يوما احتساء أي مشروب بارد أو التعرض للتيارات الهوائية والاستحمام والجماع. وتخفيف الملابس حتي تتحسن حالة جسم المريض. ويفضل عدم مغادرة واحة سيوة مباشرة بعد الردم والمكوث فيها مدة لا تقل عن "3" أيام. وألا يكون الراغب في العلاج مريضا بالقلب أو الضغط أو السكر. وعن الموعد الأمثل لعملية الردم التي تعطي نتائج طيبة قال شعيب: من منتصف يونيو حتي منتصف سبتمبر والأفضل دائما ومن خلال التجارب من منتصف يوليو حتي منتصف أغسطس. حيث الشمس أقوي ونتائج العلاج بالردم تظهر بسرعة أفضل. مؤكدا ان ثمة دستوراً بين المعالجين ينص علي أن كل المرضي لا يمكنهم اجراء عملية الردم. ويجب ان تتم تحت اشراف طبي. أي أن الطبيب الرسمي هو الذي يقرر اذا ما كانت حالة الشخص الصحية تحتمل الردم أم لا ويتابع بعد ذلك المعالج الشعبي حالة المريض وهذا يرجع إلي خبرته أي أن التلاقي موجود بين الطب الرسمي والعلاج الشعبي.