يحتفل المسيحيون في هذا الأحد ب "عيد القيامة" وفي القيامة عرف الإنسان معني الفرح الحقيقي لذلك كثير منا نسمع تعبير "أفراح القيامة" ومنها نجد فرح التلاميذ بقيامة السيد المسيح عندما نالوا فرحا عظيما مصحوبا بالسلام الداخلي لرؤية سيدهم وقد سبق السيد المسيح فأخبرهم بذلك حين قال لهم: "أنتم ستحزنون ولكن حزنكم يتحول إلي فرح.. عندكم الآن حزن ولكني سأراكم أيضا فتفرح قلوبكم ولا ينزع أحد فرحكم منكم" "يو 16: 19-22" لقد تكلم السيد المسيح مع تلاميذه مرارا كثيرة عن آلامه وصلبه وقيامته. الا انهم لم يدركوا الأحداث إلي أن جرت وفي ذلك الحديث معه أخبرهم بأنهم "لن يونه" إذ كان يقصد الصلب والموت إلا انهم "بعد قليل سيرونه" إذ سيقوم ناقضا الموت ومع تلك الأحداث سيتحولون مع الحزن إلي الفرح الذي لا يستطيع العالم أن ينزعه منهم. لقد أدرك التلاميذ سر الفرح الحقيقي بقيامة السيد المسيح لرؤيتهم معلمهم حيا ثم ادركوا سر الفرح الحقيقي بالخلاص الذي نالته الإنسانية وفي هذا يقول القديس اغريغوريوس الكبير: "قام وظهر لابسا ثيابا بيضاء ليعلن افراح عيدنا". تلك الأفراح النابعة من الخلاص العظيم الذي قدم لنا. أيضا وهبت رسالة القيامة الفرح للنساء اللاتي كان الحزن قد ملأ قلوبهن فقد ذهبت مريم المجدلية ومريم الأخري إلي القبر عن الفجر فالتقاهما الملاك وقال لهما: "ليس هو هنا لأنه قام كما قال" "مت 28-6" فخرجت سريعا من القبر بخوف وفرح عظيم راكضتين لتخبرا التلاميذ. ايضا كان فرحا بالقيامة لجميع أنفس الأبرا الذين ماتوا علي رجاء الخلاص والقيامة وحين جاء ملء الزمان تحررت تلك الأنفس من الموت فكسرت شكوته كما يقول الكتاب المقدس "أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟" "1 كو 15-55" وهكذا صارت القيامة رسالة فرح للجميع إذ صارت تحمل نسيم الحياة الأبدية وصار الموت - ان لم نهمل خلاصا هذا مقداره - جسرا نعبر به إلي السعادة الأبدية. باكورة الراقدين بقلم:القمص سرجيوس سيرجيوس وكيل عام البطريركية كان الموت دخيلا علي الطبيعة البشرية التي خلقها للحياة لذلك أراد الله بمحبته ان يرجعنا إلي الحياة مرة أخري لذلك كما سمح للموت ان يدخل إلي طبيعتنا سمح ايضا ان تدخل القيامة إلي طبيعتنا فنعود إلي الحياة وقد اعطانا الرب أمثلة للقيامة من الموت في العهد القديم بواسطة ايليا النبي "1 مل" واليشع النبي "2 مل" وفي العهد الجديد أقام الرب ابنة يايرس "مت 9: 25" وابن أرملة نايين "لو 7- 14" وقبل صلبه بأقل من أسبوع أقام لعازر من الموت حتي يؤمن تلاميذه بأنه اقام شخصا بعد موته بأربعة أيام فانه يمكنه هو ايضا ان يقوم وقد قام المسيح وقيل انه صار باكورة للراقدين "1 كو 15-5". فما معني انه باكورة للراقدين مع ان كثيرين قاموا قبله؟ ان عبارة "باكورة الراقدين" التي قيلت عن المسيح تعني أمرين: أولا: انه قام قيامة لا موت بعدها لأن الذين قاموا من الموت من قبل عادوا وماتوا مرة أخري وينتظرون القيامة العامة. ثانيا: انه قام بجسد ممجد أمكنه ان يدخل العلية والأبواب مغلقة ولقد اعطانا ايضا ان نقوم علي شبه قيامته الممجدة ولذا قال القديس بولس الرسول "الرب يسوع المسيح سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون علي صورة جسد ممجد" "في 3- 21" بهذه القيامة المجيدة التي سنقوم بها سنصبح في حالة أفضل من الإنسان الأول قبل السقوط فكيف ذلك: 1- كان آدم وحواء بجسد مادي يحيا حياة مادية. أما نحن فسوف نقوم كما قال بولس الرسول "في جسد روحاني سنقوم في مجد وفي قوة" "1 كو 15- 42- 44" 2- كان آدم وحواء في جسد قابل للموت وفعلا مات كلاهما وكل نسلهما لكننا سنقوم في جسد لن يموت بعد ذلك لأنه الله قد أعده للحياة الأبدية. 3- كان آدم وحواء عند خلقهما في جسد طاهر وبسيط لا يعرف الخطية لكن من الممكن ان يسقطا في الخطية وقد سقطا فعلا وجلبا لنفسيهما العقوبة أما نحن فسنقوم في أجساد لا تعرف الخطية. 4- كان آدم وحواء يعيشان في جنة مادية. يأكلان ويشربان بطريقة مادية ويتمتعان بأشجار الجنة المادية أما نحن في القيامة فسوف نتمتع بما لم تره عين ولم تسمه به أذن ولم يخطر علي قلب بشر "1 كو 2-9". 5- كان آدم وحواء يعيشان علي الأرض في جنة تحيط بها أربعة انهار "تك 2" أما نحن بعد القيامة فسوف نعيش في ملكوت السماء في أورشليم السمائية "رؤ 22". 6- بعد القيامة سوف نرتقي إلي الحالة التي قال عنها الرب: "يكونون كملائكة الله في السماء" "مت 22: 30" 7- بعد القيامة سوف نحيا مع الله وملائكته ومجمع القديسين حسب سفر الرؤيا "مسكن الله مع الناس" "رؤ 21: 3" أما آدم وحواء فلن يكن معهما سوي حيوانات البرية التي كانوا يأتنسون بها. 8- في القيامة سوف يعطينا الله ان نأكل بين شجرة الحياة "رؤ 2:6" الأمر الذي لم يكن متاحا لآدم وحواء لهذا كان الآباء يفرحون بالقيامة وبالحياة التي بعدها ويشتهون تلك الحياة وينتظرون إلي المدينة التي لها الأساسات التي صانعها وبارئها الله "عب 11-10".