كلنا يتمني عودة الجماهير الي الملاعب اليوم قبل الغد خاصة بعد أن لعبت دورا كبيرا في فوز منتخب اليد ببطولة امم افريقيا والتأهل لأولمبياد ريودي جانيرو وايضا كونها الضلع الوحيد في لعبة كرة القدم التي تقوم بدورها باحترافية كاملة خاصة عندما تضع مصر وأمنها وسلامتها نصب أعينها.. فيما الباقون لايزالون يمارسون ادوارهم باسلوب الهواة سواء علي مستوي الادارة أو التدريب وحتي اللاعبين.. فالمتابع للدوريات الاوروبية لابد له ان يشعر بالفارق الكبير في كل شيء بداية من شكل الملعب الذي تقام عليه المباريات وطريقة التنظيم خاصة في الملاعب الانجليزية.. ومرورا باسلوب اداء اللاعبين وتعاملهم بكل جدية مع اللعبة الامر الذي يكشف عن ارتفاع معدلات اللياقة البدنية والتي تفوق مثيلتها عندنا ربما بخمسة اضعاف ناهيك عن الانضباط التكتيكي في الملعب من قبل اللاعبين كل علي حدة ومرورا بخطوط الفريق.. فليس هناك مجال للصدفة في أي عمل وهناك فارق كبير بين الصدفة والالتزام والانضباط وايضا الابداع. فمن تابع لقاء برشلونة وسيلتافيجو سيشعر ان هؤلاء اللاعبين من كوكب آخر بما يمتلكون من امكانات كروية تم تقديمها للجماهير في صورة وجبة عشاء تشتمل علي كل مكونات الصحة الكروية. يا سادة يا كرام هل منكم أحد سأل نفسه لماذا يفشل اغلب المدربين الاجانب هنا وينجح مدربونا؟ في رأيي الشخصي الذي أتمني الا يغضب أحدا ان السبب يعود لعدم قدرة التوصل الي تناغم وحل وسط بين ثقافة الاحتراف القادمة الينا مع المدربين الاجانب وبين الهواية التي "تعشعش" داخل عقول اللاعبين ومعهم العمل الاداري! فالمدرب الذي يسعي لتطبيق فكره الاحترافي سواء المتعلق بالجوانب الفنية او الادارية نجده يصطدم بالافكار المنغمسة في الهواية ونجد من هم لايعرفون الكثير عن عالم التدريب يتبرعون بتقييم المدربين الاجانب الذين يحظون بسمعة عالمية هي نتاج عملهم وتاريخهم الكروي.. وبكل سهولة يقولون ان هذا المدرب فاشل لمجرد انه تعادل في لقاء أو خسر في آخر ويتناسون ان اغلب اللاعبين لم يتم تأسيسهم كرويا بداية من المراحل السنية حتي وصلوا الي الدرجة الاولي.. فليس من المعقول ان يقوم مدرب لفريق الدرجة الاولي بتعليم لاعبين كبار المهارات والتي يفتقد اغلب اللاعبين اساسياتها.. كما انه يصطدم بأسلوب حياة اللاعبين والذي يتنافس مع الوصول الي أعلي معدلات اللياقة البدنية والمحافظة عليها! فأبجديات لعبة كرة القدم خاصة للمحترفين تتنافي تماما مع السهر والاكل بطريقة عشوائية وامور اخري كثيرة يعرفها اللاعبون جيدا لكن اغلبهم لا ينفذونها.. وبالتالي علينا بذل كل الجهد لاعادة بناء المنظومة الكروية من جديد كل من موقعه ولنتحول تدريجيا لكن بسرعة كبيرة الي ثقافة الاحتراف وتحويله الي اسلوب حياة.. اذا كنا جادين في إحداث نقلة نوعية للعبة الشعبية الاولي في مصر والعالم. فكرة اليد نجحت في ذلك منذ التسعينيات عندما استعان اتحاد اللعبة بالمدرب الالماني الناجح تيدمان والذي أعاد صياغة اللعبة بشكل كامل ونجح حسن مصطفي رئيس الاتحاد الدولي ورئيس الاتحاد المصري وقتها في اصلاح المنظومة الادارية فتلاقي الاثنان وبدأت اليد المصرية تجني ثمار النجاحات ولم يستفد اتحاد الكرة والاندية من تلك التجربة الثرية لان كرة القدم هي اللعبة الوحيدة التي "يغني" فيها التسعون مليون مصري! لذلك علينا البدء في وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وعمل الندوات والدورات التأهيلية التي تدفع بكرة القدم الي وضع اقدامها علي طريق الاحتراف الحقيقي لعلها تكون البداية لانطلاق بقية مؤسسات الدولة. والله من وراء القصد