في مصر ما يزيد علي 20 كلية هندسة تابعة للجامعات الحكومية بالإضافة لعشرات الكليات والمعاهد العليا للهندسة التابعة للجامعات الخاصة التي انتشرت مؤخراً في البلاد. هذه كلية هندسة طيران وهذه إليكترونيات والأخري معماري ومدني وسيارات وغيرها وغيرها من الأسماء التي تصيب الإنسان بالغرور والفخر لأن لدينا في مصر كل هذه التخصصات العلمية والهندسية النادرة ولدينا نقابة للمهندسين تعتبر من أقوي وأعرق النقابات المهنية في مصر والشرق الأوسط بل وافريقيا. لكن تعالوا بنا نري نتاج كل هذه الكليات الحكومية والخاصة والنقابة علي أرض الواقع.. في الأحياء والطرق والكباري والأنفاق والصناعة المصرية. الواقع ان حال الأحياء والطرق وكل ما ذكرته سابقاً لا يبشر بخير بل يجزم انه ليس لدينا هندسة في مصر. قد يقول قائل ان حال الهندسة مثله مثل حال العديد من المهن التي ضربها الفساد ولم تعد تؤدي دورها علي أكمل وجه.. لكن الأمور في الهندسة تختلف كثيراً عن بقية المجالات. الهندسة هي التي تجعل دولة ما متقدمة أو متخلفة والمشاريع الهندسية من منشآت وكباري وأنفاق تبقي لعشرات السنين وتبتلع مبالغ هائلة من ميزانية الدولة.. ولذلك فإن أثرها يبقي طويلاً والخل فيها يضرب اقتصاد البلاد في مقتل. ولو ألقينا نظرة علي بعض المباني والأنفاق التي تكلفت الملايين وكذلك الكباري لوجدنا انه كان بالإمكان تصميمها بشكل أفضل وتكاليف أقل وتنفيذها بجودة أعلي. ويظهر بقوة سؤال من هو المهندس الذي خطط ومن هو المهندس الذي أشرف وتسلم هذا الكوبري أو النفق.. وكيف تسلمه وهو بهذا السوء والخلل. ألم ير ما به أم انه تقاضي بعض الأموال كرشوة مقابل استلام المشروع..؟! انظر إلي حال شوارعنا وطرقنا التي يشرف عليها مهندسون؟! وفي الحقيقة لا أعرف أين تذهب كل هذه الأعداد من المهندسين الذين يتخرجون في كل هذه الكليات..؟ انظر إلي حال الصناعة المصرية والفشل الذي حل بها.. أصبحنا نستورد كل شيء تقريباً من الابرة إلي المشبك والدبوس.. صناعات بسيطة وغير معقدة لكن نستوردها من الخارج وندفع فيها ملايين الدولارات.. لماذا لا يصنعها المهندسون في مصر..؟! وأين دور نقابة المهندسين العريقة من محاسبة أبنائها المقصرين والمهملين والكسالي.. لماذا لم نسمعها تحاسب أي مهندس يشرف علي مبني منهار أو كوبري أو طريق سييء التصميم والتجهيز..؟! وعلي الدولة إذا كانت جادة في النهوض بمصر أن تجعل الصناعة علي رأس أولوياتها وتبادر بإعطاء قروض للمشروعات الصناعية الصغيرة التي يمكن أن يقوم بها مهندس أو اثنان وتوفر علي الدولة ملايين الدولارات.