تجمع «بريكس» يدعم إنشاء تحالف للطاقة النووية    فلسطين.. قصف مدفعي عنيف على مخيم جباليا شمال قطاع غزة    عبد الحفيظ يتوقع مركز جديد ل إمام عاشور مع الأهلي أمام سيراميكا    كان يلهو.. دفن جثة طفل لقي مصرعه تحت عجلات القطار بالحوامدية    الاستعلام عن صحة شخص سقط من قطار بالبدرشين    الساعة ب 1000 جنيه.. ضبط 5 متهمين داخل نادي صحي شهير بتهمة أعمال منافية للآداب    أحمد سليمان: طريق الأهلي أفضل.. ولكننا نحب التحديات    توقعات أسعار الذهب عالميا.. هل يكسر حاجز ال3000 دولار للأوقية؟    التقديم في سند محمد بن سلمان بالسعودية 1446    تشكيل آرسنال ضد بورنموث في الدوري الإنجليزي    ب 50 جنيها.. كيف تحولت المراهنات الإلكترونية لجريمة «غسيل أموال»؟    بسبب الأجرة.. ضبط سائق تاكسي استولى على هاتف سيدة في القاهرة (تفاصيل)    أفضل 7 أدعية قبل النوم    بلومبيرج: توقعات بارتفاع ناتج حصاد الكاكاو في كوت ديفوار بنسبة 10%    بعد إرتفاع سعر أنبوبة البوتاجاز.. حيل لتوفر50% من استهلاك الغاز في مطبخك    الإغماء المفاجئ.. حسام موافي يحذر من علامات تدل على مشاكل صحية خطيرة    موسكو: خسائر القوات الأوكرانية على محور كورسك تبلغ 505 عسكريين خلال 24 ساعة    وزير الخارجية اللبناني: استمرار إسرائيل في سياسة المجارز سيؤدي إلى مزيد من التطرف    تعليم الجيزة تعلن موعد التدريب التأهيلي لمسابقة 30 ألف معلم الذين لم يحضروا    اتحاد عمال مصر: قانون العمل الجديد يحدد ضوابط إنهاء الخدمة ويحمي الحقوق    رسميا.. الموعد النهائي لبدء إجازة نصف العام بالجامعات    دورتموند يعود لطريق الانتصارات بفوز على سانت باولي في الدوري    كيف تطور عمر مرموش مع آينتراخت فرانكفورت؟.. المدير الرياضي للنادي الألماني يوضح    عاجل - مباراة النصر ضد الشباب: فوز صعب وتعزيز للموقع في دوري روشن السعودي    باريس سان جيرمان المستفيد.. موناكو المنقوص يتعثر ضد ليل    هانى سعيد: بيراميدز أفضل نسبيا من الزمالك وعامل الجمهور "مؤثر"    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    اللواء نصر موسى يتذكر لحظات النكسة: درست 50 ساعة طيران    ننشر تعريفة الركوب الجديدة لسيارات السرفيس بمدينة الشيخ زايد    إسكان النواب تكشف موعد إصدار قانون البناء الموحد الجديد    ستاندرد آند بورز تعلن أسباب الإبقاء على نظرة مستقبلية إيجابية لمصر    ضبط مسجل خطر بحوزته 10.2 كيلو حشيش بالشروق    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم السبت 19 - 10 - 2024    حضور كبير في حفل تامر عاشور بمهرجان الموسيقى العربية.. كامل العدد    مدحت العدل: هناك فرق بين الموهوب والموهوم.. وهذه مواصفات النجم    الصور الأولى من حفل خطوبة منة عدلي القيعي    عودة قوية ل آسر ياسين في السينما بعد شماريخ    عمرو أديب عن واقعة الكلب على قمة الهرم: نازل كإنه بيتحرك في حقل برسيم    المخرجة شيرين عادل: مسلسل تيتا زوزو مكتوب بمصداقية ويناقش مشكلات حقيقية    حالات إغماء في حفل تامر حسني بالإسكندرية والفنان يعلق    برج القوس حظك اليوم السبت 19 أكتوبر 2024.. حافظ على صحتك    نصر موسى يكشف مفاجآة: كانت هناك ضربة جوية ثانية في حرب أكتوبر وتم إلغاؤها    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    30 شهيدا بينهم 20 طفلا وامرأة في قصف مخيم جباليا في غزة    إسرائيل تعلن اعتراض 20 صاروخًا من لبنان وبيان عاجل من حزب الله    وزير الخارجية التركي يعزي حركة حماس في استشهاد السنوار    رهاب الطيران..6 طرق للتغلب عليها    الصحة تنصح هؤلاء بضرورة تلقي تطعيم الإنفلونزا قبل الشتاء    جميل عفيفي: تطابق بين وجهات النظر المصرية والسعودية في كل قضايا المنطقة    القاهرة الإخبارية: حراك سياسي ومساعِِ لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي في لبنان    ارتفاع سعر الحديد وتراجع الأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 19 أكتوبر 2024    تراجع سعر الفراخ البيضاء والساسو وثبات كرتونة البيض في الأسواق اليوم السبت 19 أكتوبر 2024    أشرف عبد الغني: الرؤية العبقرية للرئيس السيسي حاضرة وقوية وتدرك المتغيرات    تطابق ال«DNA» لجثة مجهول مع شقيقه بعد 30 يومًا من العثور عليها بالتبين    أسعار التفاح والموز والفاكهة في الأسواق اليوم السبت 19 أكتوبر 2024    ماذا نصنع إذا عميت أبصاركم؟.. خطيب الجامع الأزهر: تحريم الخمر ثابت في القرآن والسنة    عالم أزهري: الإسلام تصدى لظاهرة التنمر في الكتاب والسنة    بث مباشر.. نقل شعائر صلاة الجمعة من الحرمين الشريفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آخر الأسبوع
E-mail: [email protected]
نشر في الجمهورية يوم 12 - 11 - 2015

في حادث الطائرة الروسية. علي المستوي الإنساني. ما يثير الكثير من الحزن والألم.. فالضحايا من دولة صديقة هي روسيا التي تجمعنا بها شعبا وقيادة شراكة استراتيجية قوية تنمو وتتعزز كل يوم علي كل المستويات ومن مصلحة الطرفين: مصر وروسيا الحفاظ عليها وعلي قوة الدفع فيها في مواجهة ما تتعرض له من تحديات.
وقد جاء هؤلاء إلي مصر بحب. وبإقبال علي الحياة ليستمتعوا باجازاتهم في شرم الشيخ التي يعشقونها كغيرهم من سائحي بلدان العالم المختلفة وخرجوا منها سعداء.. لكنهم ما ان حلقت بهم طائرتهم في الجو حتي سقطت بعد أقل من نصف ساعة في شمال سيناء. ليتحولوا إلي أشلاء.
للحادث مساراته المختلفة.. فنية أو سياسية أو إعلامية. سواء ما يتعلق بالتحقيقات التي تجري لاستجلاء أسباب الحادث. أو ما يتعلق بجبر الأضرار السياسية التي صاحبته أو ما يتعلق بالتصدي للحملة الإعلامية الغربية التي تحاول استغلال الحادث لتحقيق اهداف أخري.
وأري ان هذه المسارات قد شغلتنا عن الجانب الإنساني رغم أهميته البالغة في العلاقات بين الشعوب. ولذلك أبدأ به. وأقول انه أيا كانت النتيجة التي ستتوصل إليها التحقيقات الجارية الآن في الحادث. فلابد ان نفعل شيئا ما علي الجانب الإنساني. يحمل إلي الشعب الروسي وقيادته رسالة من الشعب والقيادة في مصر تتوافق مع العلاقة الخاصة التي تربط بين البلدين وتصب في مصلحة تعزيزها.
ان مبادرة مثل إقامة نصب تذكاري للضحايا في موقع الحادث بسيناء أو دعوة عائلاتهم في أقرب مناسبة قادمة مثل أعياد الميلاد لزيارة مصر علي نفقة الدولة المصرية يمكن - في رأيي - ان يكون لها تأثير السحر علي الشعب والدولة الروسية وأن يساهم هذا التأثير في اختصار الفترة الزمنية اللازمة لعودة الأمور إلي طبيعتها خاصة ونحن نفعل ذلك ليس من موقع الشعور بالذنب. أو كنوع من الاعتذار. وإنما كتقدير لشراكة وصداقة استراتيجية تستحق الحفاظ عليها.
أقول ذلك مع ثقتي الكاملة في ان الرئيسين السيسي وبوتين. لديهما من الوعي الكامل بأبعاد ما يحاك لكل من روسيا ومصر علي حده. وللشراكة بينهما من مؤامرات.. ومن الحكمة وبعد النظر ما يدفعهما إلي تحويل الكارثة المشتركة إلي قوة دفع جديدة لتعزيز هذه الشراكة.
انتقل إلي الجانبين السياسي والإعلامي من الحادث واقول انني لا أجد في الجانبين ما يثير الهلع أو حتي الدهشة لدي كل من يعرف كيف تدار السياسة الدولية والعلاقات بين الدول.
فالسياسة الدولية لا تدار بمنطق العواطف أو الانفعالات وإنما بحساب المصالح البارد.
والعلاقات بين الدول لا تؤخذ كحزمة واحدة.. وإنما فيها مساحات للاتفاق ومساحات للاختلاف ويجري التعامل أحيانا ب "القطعة" فلا يؤثر موقف علي آخر وإنما تجري معالجة كل موقف في إطاره وظروفه دون تأثير علي مسار العلاقات بين البلدين.
في هذا الإطار يمكن رؤية ردود الفعل الدولية المختلفة علي حادث الطائرة الروسية وبالتالي تحديد كيفية مواجهتنا لها.. فمثلا:
* لا مفاجأة في قرار الرئيس بوتين تعليق الرحلات السياحية الروسية إلي مصر أو إلي شرم الشيخ أو إجلاء السائحين الموجودين بالفعل.. فأي قائد مكانه لابد أن يكون هذا القرار من بين الخيارات المطروحة عليه وهو قرار ليس موجها ضد مصر أو مقصودا به الاضرار بمصالحها. أو يشي بادانة مسبقة لها في الحادث بقدر ما هو قرار يخاطب به الرئيس الروسي الرأي العام المحلي لديه ويعكس قراءة - من وجهة النظر الأمنية والاستراتيجية الروسية - لما يمكن أن تتعرض له روسيا ومواطنوها في المستقبل من تداعيات يجب التحسب لها.
ان ضحايا الطائرة وعددهم 224 هم مواطنو الرئيس بوتين وكذلك عائلاتهم.. وقد تعرض الرئيس بوتين لإلحاح غربي ضاغط بأن وراء الحادث عمل إرهابي. وهو احتمال لم يستبعده أحد بما في ذلك لجنة التحقيق المصرية الدولية في الحادث وزاد علي ذلك تسريب معلومات استخبارية بذلك علنا لإحراج الرئيس الروسي أمام شعبه في ظل الضربة العسكرية الروسية القوية لتنظيم داعش في سوريا والتي أحرج بوتين بها الولايات المتحدة والتحالف الدولي الذي تقوده ضد داعش هناك.
أي أن المواطنين الروس مستهدفون وان مصر احدي ساحات استهدافهم وبالتالي لابد من اتخاذ إجراء لمواجهة ذلك.
وعلينا أن نلاحظ انه في ذروة أزمة الطائرة لم ينقطع التواصل بين القيادتين المصرية والروسية وان الحادث وتداعياته تجري معالجته في إطاره. وأنه تم الاعلان في ذات الوقت عن قرار روسيا بتزويد مصر بأنظمة دفاع جوي متطورة.
* لا مفاجأة في أن تقوم بريطانيا بتسريب معلومات قالت انها استخبارية عن احتمال سقوط الطائرة الروسية نتيجة عمل إرهابي وألا تنقل هذه المعلومات إلي مصر قبل وقوع الحادث وأن تنقلها بعده إلي القيادة الروسية فقط ولا أن تتفق معها الولايات المتحدة في ذلك ولا أن تنطلق من البلدين حملة إعلامية ممنهجة وفورية ضد مصر وكأن الأمر كله "مخطط سابق التجهيز" علي وقوع الحادث نفسه بما يدفعنا إلي أن نضع بين احتمالات الحادث تورط أو تواطؤ أجهزة احدي الدولتين بريطانيا وأمريكا أو كلتيهما في الحادث.
كذلك ان يعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون خلال وجود الرئيس السيسي في أول زيارة لبريطانيا عن قرار تعليق الرحلات السياحية البريطانية إلي مصر.
ان بريطانيا هي معقل التنظيم الدولي للإخوان والملاذ الآمن حاليا لقيادات الإرهاب من كل مكان.. ولا يمكن أن تتكفل باستضافتهم أوحمايتهم دون ان تكون علي علم كامل بما يخططون له أو يرتبونه في أي وقت وضد من.. بل ودون ان تستخدمهم لتحقيق اهدافها. هذا قانون يحكم الصفقات السياسية في أي مكان.
ولقد أرادت بريطانيا - كما اعتادت دائما - ان تلعب علي الحبلين.. تستضيف رئيس مصر ثم توجه لمصر ضربة ترضي بها الإرهابيين الذين تستضيفهم لاستمرار الحصول علي خدماتهم.
حسنا.. بريطانيا ليست حليفا لمصر ولم تكن كذلك في يوم من الأيام.. وقد لا تكون في المستقبل وبالتالي ليس لنا أن نفاجأ بما فعلته. ولا أن نضع الأمر في حجم أكبر من حجمه الطبيعي وان نعالجه في هذا الاطار بمعزل عن مسار العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات.
تلك هي السياسة الدولية وادارة العلاقات بين الدول وعلينا ان نتذكر فقط ان المانيا اكتشفت في الشهور القليلة الماضية ان أمريكا - أقرب حلفائها - تتجسس عليها وان المخابرات الأمريكية تتنصت علي المكالمات الهاتفية للمستشارة الألمانية انجيلا ميركل التي حين عرفت بذلك لم تعتبره نهاية العالم وعالجت الأمر في إطاره.
لقد حجبت بريطانيا عنا معلومات استخبارية ربما لو كانت صحيحة وتم إبلاغنا بها في توقيت مناسب لكان للأمر مسار آخر.. حسنا لدينا أجهزتنا الاستخبارية القادرة علي الرد علي ذلك في أقرب فرصة والبادي أظلم.
* لقد كشف لنا الحادث علي المستوي المحلي عن عنصر ايجابي وهو الحضور القوي للجنة التحقيقات المصرية ولرئيسها الذي أثبت في أول مؤتمر صحفي يعقده هذا الاسبوع قدرة ملحوظة علي مخاطبة الرأي العام المصري والعالمي بحكمة ورصانة مشهودين.
لكن الحادث كشف لنا عن جوانب سلبية عديدة.. فقد أثار سؤالا مهما: أين الهيئة العامة للاستعلامات في مواجهة الحملة الإعلامية الغربية الضارية ضد مصر وإذا لم يظهر دورها في مثل هذا الظرف.. فمتي يظهر؟
ان الهيئة العامة للاستعلامات كانت تصول وتجول في الماضي في مثل هذه المواقف سواء من خلال تواصلها المستمر وعلاقاتها الوثيقة بالمراسلين الأجانب في مصر أو بدوائر الاعلام وصنع القرار في الدول المهمة من خلال مكاتبها الإعلامية في الخارج.
للأسف يبدو دور الهيئة الآن غائبا أو مغيبا وقد قرأت تصريحا منسوبا إلي رئيسها السفير صلاح عبدالصادق بأن مهمة الهيئة تنحصر في "الترويج" لما تعلن عنه السلطات وهو فهم ضيق لطبيعة دور الهيئة وما يجب ان تقوم به خاصة في ظل غياب وزارة أو وزير للاعلام وهذا الفهم يدين الطرفين معا.. السلطات التي لا تحاول الاستفادة من الهيئة.. والهيئة التي لا تسعي لأن تكون لديها مبادرات تنبه الدولة إلي قدراتها وما يمكن ان تقوم به في هذا المجال.
لكن السلبية الكبري والمتكررة في كل أزمة أو موقف عصيب نواجهه هي غياب الثقة بالنفس لدي الكثيرين بما يدفعهم إلي الجزع في أي موقف ويشل قدرتهم علي التفكير السليم والتصرف الصحيح.
مصر دولة كبيرة وقوية لا تهزها عاصفة ولا تعصف بها أزمة.. قادرة علي المواجهة ومستعدة لها وتعرف جيدا ما يراد بها وتتحسب لمواضع خطواتها.. فقط عليها ان تتحد.. فهذا مفتاح انتصارها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.