أستأذن القارئ في الانتقال به اليوم من سلسلة مقالات ¢لماذا لا يصنع العرب سلاحهم بأيديهم؟¢ التي بدأتها قبل خمسة أسابيع.. للكتابة عن حدث دولي هام. هو انعقاد المؤتمر العالمي الخامس لزعماء الأديان العالمية والتقليدية في مدينة ¢أستانا¢ عاصمة كازاخستان يومي 10و11 يونيو الجاري.. الذي أحسب أنه يمثل أهمية خاصة لمصر. لعدة أسباب.. هي : 1- يأتي انعقاد المؤتمر بعد مرور شهر واحد علي القمة التاريخية التي عقدت بين الرئيس عبد الفتاح السيسي. والرئيس الكازاخستاني نور سلطان نزارباييف في موسكو - يوم السبت 9/5/2015 - علي هامش إحتفالات روسيا بالذكري السبعين للانتصار علي النازية في الحرب العالمية الثانية.. في هذه القمة أتفق الزعيمان علي ضرورة تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين. وفتح آفاق جديدة للتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.. كما جدد الرئيس نزارباييف الدعوة للرئيس السيسي لزيارة كازاخستان. التي سبق أن وجهها خلال الاتصال التليفوني بين الزعيمين - يوم الثلاثاء 5/5/2015 - الذي أجراه الرئيس السيسي. لتقديم التهنئة للرئيس نزارباييف بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.. وقال السفير علاء يوسف. المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية في تصريحاته لوسائل الإعلام عن هذا الاتصال : إن الرئيس نزارباييف وجه شكره للرئيس السيسي علي الإتصال به. مؤكدًا أن ذلك يعكس قوة العلاقات بين البلدين. كما وجه الرئيس نزارباييف الدعوة للرئيس السيسي لزيارة كازاخستان وأوضح أن بلاده ستستضيف المؤتمر العالمي الخامس لزعماء الأديان. مشيرًا إلي توجيه الدعوة لكل من فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف ووزير الأوقاف للحضور والمشاركة في هذا المؤتمر. وقد أشاد الرئيس السيسي بذلك. وأكد أهمية تضافر جهود الدول الإسلامية من أجل تقديم صحيح الدين. والعمل علي نشر تعاليمه السمحة ومواجهة الأفكار المتطرفة والمغلوطة.. - يجب الإشارة هنا إلي أن لقاء الزعيمين السيسي ونزارباييف علي الهاتف. ثم في قمة موسكو.. سبقته اتصالات دبلوماسية مكثفة علي مستوي المسئولين في وزارتي الخارجية بالبلدين.. ففي فبراير الماضي عقدت في القاهرة الجولة السادسة للمشاورات السياسية المصرية الكازاخية بمقر وزارة الخارجية. برئاسة السفير ياسر مراد مساعد وزير الخارجية المصري والسفير أسكار موسينوف نائب وزير خارجية كازاخستان. وذكر بيان صادر من وزارة الخارجية يوم 5/2/2015. أنه تم في هذه الجولة استعراض مختلف أوجه التعاون بين البلدين. ومراجعة مواقفهما بشأن القضايا الدولية والإقليمية.. حيث أكد الجانب الكازاخي تأييده للجهود المصرية في مواجهة ظاهرة الإرهاب. كما اتفق الجانبان علي أن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتجديد الخطاب الإسلامي تأتي ردا علي التهديدات التي تنسب زورا للدين الإسلامي الحنيف. وأكد الجانبان أهمية تعزيز الحوار بين الأديان والحضارات الذي دعا إليه الرئيس نور سلطان نزارباييف من خلال مبادرته بتأسيس منتدي الأديان العالمية والتقليدية.. كما أكدا دعمهما للجهود المبذولة لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.. وإصلاح مجلس الأمن الدولي - والتأييد المتبادل للحصول علي عضويته غير الدائمة. حيث إن مصر مرشحة لعضويته لعامي 2016 و2017. وكازاخستان مرشحة لعضويته لعامي 2017 و 2018- وأكد الطرفان أهمية استكمال أعمال الترميم في مسجد السلطان بيبرس الذي تمثل شخصيته حلقة وصل تاريخية هامة تربط الشعبين المصري والكازاخي.پ - كما استمر التواصل بين القاهرة وأستانا عقب قمة الزعيمين السيسي ونزارباييف في موسكو.. حيث زار القاهرة بعد 10 أيام فقط من هذه القمة مبعوث رئيس كازاخستان للشرق الأوسط ¢بغداد أميرييف¢. فالتقي مع سامح شكري وزير الخارجية. وبحث معه سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وكازاخستان علي ضوء ما تم الإتفاق عليه بين زعيمي البلدين في قمة موسكو. وكذلك تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط.. *** 2- إن انعقاد المؤتمر العالمي الخامس لزعماء الأديان العالمية والتقليدية في أستانا.. يأتي في توقيت تتبني فيه القيادة المصرية فكرة تجديد الخطاب الإسلامي. التي كلف بها الرئيس عبد الفتاح السيسي علماء الأزهر الشريف. من أجل تصحيح المفاهيم المغلوطة التي يحاول المتطرفون إلصاقها بالإسلام.. بالتالي فإن هذا المؤتمر يوفر ¢فرصة ذهبية¢ للخروج بفكرة القيادة المصرية من نطاق المحلية إلي نطاق العالمية.. وبما أن الفكرة خرجت من مصر. بلد الأزهر الشريف.. فإن مشاركة مصر بوفد كبير برئاسة فضيلة شيخ الأزهر في هذا المؤتمر. من شأنها أن تنقل إلي زعماء الأديان الأخري رؤية القيادة المصرية لتجديد الخطاب الإسلامي. وإبراز ما فيه من تسامح وتكافل ونبذ للعنف وتعاون من أجل خير الإنسانية. فضلا عن أنه يؤكد ¢الريادة¢ المصرية لعملية تجديد الخطاب الإسلامي. عندما تتحول الي مشروع عالمي.. 3- إن انعقاد هذا المؤتمرالعالمي.. يأتي أيضا في وقت تسعي فيه مصر إلي استعادة المكانة اللائقة بها علي الساحة الدولية.. كدولة رائدة علي مستوي العالم الإسلامي.. ودولة محورية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.. ودولة قائدة للعالم العربي.. وصاحبة دور تاريخي في العالم الثالث.. بالتالي فإن الحضور المصري في هذا المؤتمر. لابد أن يكون بوفد عالي المستوي من علماء الأزهر الشريف برئاسة فضيلة الإمام الأكبر فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر.. حتي يكون مستوي التمثيل المصري في هذا المؤتمر العالمي الهام متسقا مع المساعي المصرية للعودة بقوة الي لعب دور نشط علي الساحة الدولية.. دور يتناسب مع طموح مصر وتطلعاتها.. 4- يجب أيضا ملاحظة أن مصر غابت كثيرا عن معظم المؤتمرات الدولية في ال 20 سنة الأخيرة.. وهي الآن بحاجة إلي تعويض هذا الغياب.. ليس فقط بملء المقعد المصري في قاعة المؤتمر.. إنما بمستوي تمثيل عال. يضمن لمصر المشاركة الفاعلة في صياغة ما يصدر عن المؤتمرات الدولية من قرارات وتوصيات.. بذلك تستعيد مصر دورها في صنع الأحداث العالمية.. وتستعيد مكانتها كقوة إقليمية صاحبة تأثير في كل ما يجري علي الساحة الدولية.. أقول ذلك لأنه عندما ينعقد مؤتمر لزعماء الأديان العالمية.. فيجب أن يتصدر فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر المشهد في قاعة المؤتمر.. لسبب بسيط هو أن مؤسسة الأزهر الشريف ليست مجرد مؤسسة مصرية. إنما هي قبل ذلك مؤسسة عالمية يعود تاريخها إلي أكثر من ألف عام.. ظلت طوال هذه الفترة أعلي منابر التنوير الإسلامي في العالم كله بلا منافس.. فكانت ديوانا للعلماء. وجامعة للفقهاء. وقبلة للباحثين من كل أرجاء العالم الذين أتوا إليها طلبا للعلم تحت أعمدة الأزهر الشريف.. فأصبح بذلك شيخ الجامع الأزهر هو إمام المسلمين في العالم كله علي مدي أكثر من ألف عام مضي.. من هنا جاءت تسميته ب ¢الإمام الأكبر¢.. وعلي قدر المكانة تترتب المسئوليات.. 5- أن المؤتمر ينعقد في دولة صديقة لمصر.. هي كازاخستان التي وجهت الدعوة إلي الرئيس عبدالفتاح السيسي لزيارتها.. الرئيسان السيسي ونزارباييف تربطهما صداقة مشتركة. هي انعكاس للعلاقات الوثيقة التي تربط الشعبين المصري والكازاخي.. فضلا عن أن كازاخستان تقدر لمصر الدور الكبير الذي قامت به منذ أطلق الرئيس نور سلطان نزارباييف مبادرته لتأسيس منتدي الأديان العالمية.. كازاخستان تقول: ¢إن مصر قدمت مساهمة هائلة في عملية تطوير المؤتمر وحصوله علي الإعتراف الدولي. فقد أيدت مصر منذ الأيام الأولي مبادرة زعيم الأمة الكازاخستانية. وشارك الوفد المصري برئاسة فضيلة شيخ الأزهر السابق الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي ووزير الأوقاف الأسبق الأستاذ الدكتور محمود حمدي زقزوق بانتظام في أعمال المؤتمرات العالمية الثلاثة الأولي التي عقدت أعوام 2003 و2006 و2009 بكازاخستان. كما قام علماء الأزهر الشريف بدور رئيسي في صياغة التوصيات النهائية الصادرة عن هذه المؤتمرات. باعتبار مصر عضوا أساسيا في الأمانة العامة لمنتدي الأديان العالمية¢.. 6- بقي أن أشير إلي أن مصر قد غابت عن المؤتمر العالمي الرابع لزعماء الأديان العالمية. الذي عقد في العاصمة الكازاخية أستانا يومي 30 و 31 مايو عام 2012 بسبب الأحداث الداخلية التي كانت تشهدها مصر في تلك الفترة.. وأن كازاخستان تعلق آمالا كبيرة علي مشاركة وفد من علماء الأزهر الشريف برئاسة فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر في المؤتمر القادم الذي ينعقد يومي 11 و12 يونيو الجاري. لتعويض الغياب المصري عن المؤتمر السابق.. 7 - لابد أن أشير أيضا إلي أنه قد أتيحت لي المشاركة في اجتماع الأمانة العامة لمؤتمر زعماء الأديان العالمية الذي عقد في أستانا يوم 18/9/2014 من أجل الإعداد للمؤتمر العالمي القادم.. لقد شارك في هذا الاجتماع علماء من كل الأديان. وفوجئت بأن أقوي العبارات التي صدرت في الاجتماع لتبرئة الإسلام من أعمال العنف التي تمارسها الجماعات المتطرفة.. صدرت من غير المسلمين.. مازلت أذكر عبارة قالها ¢رومان بوجداساروف¢ نائب رئيس البطريركية الروسية.. قال : ¢التطرف ليس من الإسلام.. كل من خرج في سبيل العنف والإرهاب هو متطرف خرج من أمته ومن دينه¢.. لقد أدرك المشاركون في هذا الاجتماع أن رجال الدين لا يستطيعون وحدهم القضاء علي ظاهرة الإرهاب التي انتشرت في العالم خلال السنوات الأخيرة.. فقرروا أن يشترك معهم رجال السياسة في أعمال المؤتمر العالمي الخامس لزعماء الأديان الذي يبدأ بعد أيام.. واتفقوا علي أن يعقد تحت عنوان : ¢حوار زعماء الأديان والشخصيات السياسية من أجل السلام والتنمية¢.. 8 - من بين الشخصيات السياسية التي ستشارك في أعمال هذا المؤتمر. أمين عام الأممالمتحدة بان كي مون. وعدد من الزعماء السياسيين في كل من روسيا ودول الاتحاد الأوروبي. ورؤساء المنظمات الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب.. لذلك فإن مسلمي العالم يتطلعون إلي مشاركة فضيلة شيخ الأزهر الشريف الأستاذ الدكتور أحمد الطيب في مثل هذا المؤتمر العالمي الهام.. باعتباره : الإمام الأكبر لكل المسلمين في العالم..