الجميع يعرف أن مصر بها أكبر عدد من الموظفين نسبة إلي تعداد سكانها ربما في العالم أجمع. ونعرف أيضاً أن الموظف المصري لا يعمل بجد أكثر من ساعة في اليوم. حسبما تقول الإحصائيات والدراسات. وهناك دول تماثلنا في تعداد السكان. لكن ليس فيها نصف عدد الموظفين في مصر. وزيادة عدد الموظفين وتضخمه ربما تتبعه زيادة في عدد المناصب العليا من وكلاء وزارات ورؤساء قطاعات. ومدراء عموم. وغيرهم. ومن المؤكد أنه كلما ترقي الموظف في عمله حتي يصل إلي أحد المناصب السابق ذكرها. كلما زاد مرتبه وبدلاته. وكلف الدولة أضعاف أضعاف مرتب الموظف الصغير والمتوسط. أغلب الوزارات والهيئات توفر لهؤلاء الموظفين الكبار من رؤساء القطاعات والوكلاء وأعضاء مجالس الإدارات سيارات وسائقين. أو بدل انتقال ضخما. إضافة لبدلات أخري متعددة. ليتعدي دخله الشهري عشرات الآلاف. يحصل عليها بطريقة أو بأخري. ورغم أن رئيس الدولة ضرب المثل والقدوة وطبق علي نفسه الحد الأعلي للأجور. ثم تنازل عن نصف راتبه إلا أن عدة جهات في الدولة ترفض الاقتداء به. هذه الحقائق قالها أكثر من مرة المستشار الجليل هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات. وأتمني أن يقوم مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء بعمل إحصائية لنعرف كم عدد هؤلاء الموظفين الكبار الذين توفر لهم أماكن عملهم سيارات وسائقين. أو يحصلون علي بدلات ضخمة. وحتي حراسات خاصة بهم علي حساب الدولة. وإذا أرادت الحكومة أن يصدقها الناس. ويتجاوبوا معها. ولا يتذمروا من ارتفاع الأسعار. ورفع الدعم علي مراحل. عليها أن تعمل باستمرار وبصدق علي خفض نفقاتها. وعلي رأس هذه النفقات تكلفة السيارات التي يستغلها كبار الموظفين.. وعليهم أن يتحملوا تكاليف انتقالهم من مرتباتهم المرتفعة. وفي هذا الإطار أزعجتني الأخبار التي تناثرت هنا وهناك. ومفادها أن لجنة تعديل تقسيم الدوائر الانتخابية تفكر في زيادة أعضاء مجلس النواب إلي 600 عضو. هذه الزيادة سوف تجعل مجلس النواب مثل "المعدة الثقيلة" وتستغرق مناقشة أي مشروع قانون وقتاً أطول. ناهيك عن التكاليف التي سوف تتحملها الدولة لهذا العدد الكبير الذي لا أري له داعياً. فهناك دول تعدت المليار نسمة ولم ترفع عدد مقاعد برلماناتها. كما أن الملاحظ للأوضاع الانتخابية يجد أن غالبية المرشحين للبرلمان. يحملون نفس عقلية الماضي وثقافة ما قبل ثورة يناير التي أدت لفساد هائل واستغلال نفوذ واسع مكَّن بعضهم من الحصول علي أراضي الدولة. ورأينا نواب الكيف والتأشيرات واستغلال العلاج علي نفقة الدولة. كما ساهم نواب هذه العصور السابقة في زيادة الرشاوي وانتشار الواسطة والمحسوبية. في دوائر الدولة. نريد فكراً جديداً. وثقافة انتخابية تناسب المرحلة.