تعددت المبادرات واللجان والمجالس لتشجيع ودعم البحث العلمي والابتكار في مصر. وبعد عقود من الاهمال المتعمد زاد اهتمام الدولة بأهمية البحث العلمي بعد أن أدركت أن مستقبل أي أمة أوشعب مرتبط بمدي اهتمامه وتقديره للعلم والبحث والابتكار والاستماع لرأي الباحثين ومنحهم المكانة اللائقة بهم والتي يستحقونها في المجتمع بعد أن سلبها منهم نجوم الرقص والخلاعة والتفاهة. وكانت أولي خطوات الدولة في الاهتمام بالبحث العلمي هي زيادة نسبة الانفاق التي نص عليها الدستور ثم تشكيل مجلس علماء مصر الذي ضم كبار علماء مصر في الداخل والخارج ومهمته ان يقدم المقترحات والأفكار لتطوير البحث العلمي لرئيس الجمهورية كل 6 أشهر. وأطلقت أكاديمية البحث العلمي برنامجها التليفزيوني "القاهرة تبتكر" للاهتمام بشباب الباحثين وتشجيعهم علي الابتكار ثم قررت جامعة القاهرة تشكيل لجنة من علماء مصر بالداخل والخارج لدفع استراتيجية البحث العلمي بالجامعة ويضم في عضويته د.فاروق الباز ود.مصطفي السيد وآخرين. ثم عادت أكاديمية البحث العلمي واطلقت "نداء لعلماء مصر" للمشاركة بمقترحات مبتكرة لحل المشاكل الملحة التي تواجه الشعب المصري وخاصة في مجالات الطاقة والمياه والصناعة والزراعة. وفي مصر عشرات من مراكز الأبحاث العلمية التي تتبع وزارات وجهات مختلفة بالاضافة للمعاهد والمراكز التي تتبع وزارة البحث العلمي. وكثرة المبادرات واللجان والمراكز البحثية لن ينتج شيئا ولن يدفع البحث العلمي في مصر وإن دل علي شيء فإنما يدل علي تخبط وعدم تنسيق ويوضح أن كل جهة ووزارة وجامعة تعمل بمفردها وتعزف لحنا مختلفا ولا علاقة له بمعزوفات الآخرين. والدليل علي ذلك أننا نقرأ بين الحين والآخر نجاح هذا المركز أو ذاك في التوصل لاختراع معين ثم ينتهي الأمر عند مجرد الاختراع. وقد تجاوزت الاختراعات التي أعلن عنها العام الماضي 180 اختراعا في مختلف المراكز والجامعات ومن شباب يعملون لحسابهم الخاص ولم ينفذ من هذه الاختراعات شيء.. أي لم يتم إنتاج شيء بشكل تجاري تراه في أيدي الناس. والجميع يعرف ان علماء مصر في المركز القومي للبحوث وهو الجهة الأكبر في مصر المتخصصة في البحث العلمي والعديد من المراكز الأخري والجامعات توصلت لعشرات المخترعات لكن لم يتم الاستفادة منها. ومازال تسجيل براءة الاختراع في مصر من سابع المستحيلات ويرهق الباحث حتي ينسي اختراعه أو يتوجه به لجهة خارجية. وحتي نستفيد فعلا من تعدد المراكز البحثية في مصر لابد من إيجاد رابطة أو همزة وصل بين هذه المراكز حتي تتكامل ولا يعمل أكثر من مركز علي فكرة واحدة وتكليف هيئة صناعية بتبني وتنفيذ الاختراعات الجيدة وتصنيعها علي نطاق واسع لتري منتجا مصريا في أيدي الناس بدون ذلك فاننا لن نري سوي جعجعة بلا طحن وتستمر مأساة البحث العلمي.