الحضارة إنتاج إنساني منه ما هو مكتوب وعلم ينتفع به علي مر العصور وما هو سلوك بشري.. ولما كانت الحضارة إنتاجاً إنسانياً يتمثل في الحضارة المصرية القديمة وما وصلنا منها كالآثار مثلا بمختلف مستوياتها البنائية محاولين فيها تسجيل حياتهم ونشاطاتهم المعمارية والإنسانية وقد بهرت العالم وشكلت نحو ثلث آثار الدنيا. فضلا عن المأثورات المكتوبة والتي تم ترجمتها إلي لغات عدة في قطاعات متنوعة كالهندسة والعلوم والفلك والصناعات الحربية وغيرها من المنتج العلمي الإنساني. هناك أيضا حضارات متنوعة كالحضارة الصينية واليونانية والهندية وغيرها من الحضارات. وإذا تتبعنا مثلا الحضارة الصينية نجد اليوم الدولة الصينية الحديثة تبهر العالم في صناعتها وقد غزت كل الاسواق قاطبة بجانب اقتصاد يحقق نموا وازدهاراً يقف أمامه العقلاء والمراقبون مشدودين مندهشين علي مدي الرغبة والإرادة للإدارة الصينية والشعب الصيني. مصر الحديثة اين هي من مجمل كل هذه الحضارات الإنسانية القديمة والحديثة فإذا كانت حضارة مصر القديمة أبهرت العالم ولا تزال اكتشافاتها بين الحين والحين تضيف إلي قوة هذه الحضارة ومدي رغبة وإرادة الإنسان المصري القديم في بناء حضارة تعيش بين الأمم ويتعلم منها كافة الشعوب الإنسانية. إذا كانت هذه الحضارة التي تمثل ثلث حضارات العالم من حيث الاثار.. فلماذا لا تكون لدي المصري الحديث الرغبة والإرادة والآلية التي ينطلق منها كمنظوة نجاح لتحقيق حضارة إنسانية جديدة للمصري الحديث. الهندسة المعمارية هي جزء ممتد من حضارة مصر القديمة في البناء.. وكان من الأولي أن نجد في مباني وعمارة مصر الحديثة ما يبهر العالم وما تفرضه من احترام.. لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.. فإذا بالعشوائية المعمارية هي التي تغلب علي عمارتنا ومن ثم انتجنا عمارة مشوهة قبيحة تعبر عن إنسان عشوائي الفكر قبيح السلوك لا يغار علي بلده ولا عن تخصصه الذي درسه في كليات الهندسة البالغة نحو 20 كلية هندسة. سلالم المترو وكل السلالم التي تعبر بالإنسان من مكان لآخر في كل دول العالم المتحضر تترجم عن حضارة وفكر معماري راق مدروس وهندسة تجميلية تعبر عن شعوب هذه الدول وهي تخدم كافة فئات وأعمار هذه الشعوب. أما في بلادنا فسلالم المترو تسبب الكساح للشباب وللمسن والعجوز رجالا ونساء كما أنها خالية تماما من لمسة هندسية تجميلية تراعي فيها الكود الهندسي العالمي.. خاصة وان هذه السلالم يستخدمها آلاف الناس يوميا فلم تراع أي اعتبارات إنسانية لهؤلاء الناس كبيرهم وصغيرهم.. وما ينطبق علي السلام ينطبق علي الارصفة التي تخلو تماما من أي لمسة هندسية مع غياب الاحياء والمحافظات والاصرار علي إهدار المال العام عن طريق مقاولين لا يراعون فينا إلا ولا ذمة.. هدفهم فقط جيوبهم.. مع فقدان المسئولية من جانب المحافظين ورؤساء الاحياء الذين ينصرفون إلي أعمال لا تحقق عائدا ولا خدمة لمواطن. أنا ممن يستخدمون مرفق المترو يوميا فأجد كبار السن يعذبون في استخدامهم لهذه السلالم التي لم ترحمهم في الكبر ولا في العجز. علينا مراجعة كل سلالم المترو لتعبر عن إنسانية الحضارة المعمارية وأن هناك أناسا درسوا علم الهندسة يجب أن يغاروا علي مهنتهم ويقدموها في أبهي صورها بعيدا عن العشوائية التي لوثت كافة معالم حياتنا.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.