إعلان الحكومة مؤخراً عن توفير سلع غذائية بسعر التكلفة عبر منافذ بيع متحركة حسب المناطق السكنية الأكثر احتياجاً فتح باب الأمل للكثير من المواطنين خاصة محدودي الدخل للحصول علي السلع بسعر مخفض بالإضافة إلي البداية المبشرة لمنظومة توزيع الخبز عن طريق مكاتب التموين التي تمت تجربتها في محافظات القنال لتعميمها في القاهرة الشهر القادم لكن السؤال: هل ستنجح "حكومة المقاتلين" في إعادة الثقة المفقودة بينها وبين المواطنين أم ستكون القرارات مجرد مسكنات لجروح لم تلتئم؟؟ تقول ثريا محمد - ربة منزل - توزيع السلع الغذائية بأسعار مدعمة بأماكن متعددة فكرة جيدة ستساهم إلي حد كبير في القضاء علي انفلات الأسعار داخل الأسواق متمنية ألا يكون ذلك مجرد شو إعلامي وأن يتم تطبيقه فعلياً علي الأماكن ومحافظات الصعيد الأكثر احتياجاً بدلاً من تنفيذها في محافظات ذات مستوي معيشي راق. يشكك علي محمد - موظف - في تطبيق الحكومة تلك القرارات فالدولة لن تستطيع التحكم في أسعار الخضروات والفاكهة لخوضها سياسة العرض والطلب كما أن عدم الإعلان عن الأماكن التي سيتم التوزيع بها جعل الشعب المصري لا يثق في قرارات الحكومة فالكلام معسول ولكن علي أرض الواقع لا نلمس أي تحسن في الأحوال المعيشية. جمعة رجب - موظف - يري أن توفير السلع الغذائية المهمة خاصة اللحوم ومنتجات الألبان في فروع المجمعات الاستهلاكية بأسعار مخفضة يعتبر بداية مبشرة للحكومة الجديدة. في حين يري عمر سلام - أعمال حرة أن السلع الغذائية المعروضة في منافذ البيع الدائمة رديئة جداً خاصة بمنطقة الضاهر ويتم بيع معظمها لأصحاب محلات الكشري لأن نسبة الكسر في الأرز علي سبيل المثال عالية جداً وتصل إلي 18% كما يباع السكر لأصحاب المقاهي أما البضائع المتبقية فيتم بيعها بسعر أعلي للتجار مستغلين غياب الرقابة. يري عبدالله عمر - محاسب - أن القرار غير صائب لأن التعاقد مع شركات كبري لمنتجات الألبان والجبن بسعر التكلفة سيفتح الباب للتلاعب في خامات التصنيع لتخفيض التكلفة لأن أصحاب رءوس الأموال يبحثون دائماً عن الربح وليس خدمة الوطن مؤكداً أن تلك اللعبة تمارس في المولات الكبري حيث يقومون بإجراء عروض علي بعض السلع وتخفيض السعر خشية انتهاء صلاحيتها لذلك وافقوا علي التعاقد مع الحكومة. يقول عزت صالح - وكيل وزارة التموين بالقاهرة سابقاً -: للأسف قرار رئيس الوزراء بطرح سلع غذائية بسعر التكلفة كلام غير مقبول في ظل وجود حلقات بداية من المزارع ثم تجار سوق العبور وبعد ذلك تاجر التجزئة وعندما يتم طرحها للمواطن تكون أعلي من تكلفتها بكثير فمثلاً ثمن كيلو البرتقال ب 60 قرشاً من الفلاح عند بيعه للمستهلك يصل سعره 3 جنيهات وكذلك كافة الخضروات ولابد من عمل دراسة للموضوع وإذا أردت بالفعل بيع السلع بسعر التكلفة لابد من إلغاء مافيا سوق العبور وتكون السلعة من المزارع للمستهلك مباشرة عن طريق وزارة التموين ومادام هناك سوق مواز وسلعة لها أكثر من سعر في الأسواق سيكون عندنا استغلال من التجار مؤكداً أن تجربة منافذ التوزيع مشروع فاشل نظراً لعرض الخضروات والفاكهة أغلي من الأسواق وأقل وزناً وتكون مغلفة وغير جيدة بالمرة عكس الأسواق التي تقوم باختيار الخضروات الطازجة بنفسك فمثلاً يباع الأرز بمبلغ 75.3 جنيه بدلاً من 5.4 جنيه علماً بأن نسبة الكسر به تتعدي 18% كذلك السكر أما عن اللحوم والأسماك وستكون لحوم غير جيدة بالمرة فيتم بيع الفخذة والموزة البرازيلي لأصحاب الفنادق والمطاعم بسعر أعلي لتحقيق ربح كبير في ظل انعدام الرقابة بواسطة مافيا سرقة الدعم والوسطاء والموردين. يضيف صلاح جودة - الخبير الاقتصادي - ضم الشركات القابضة للصناعات الغذائية والمجمعات الاستهلاكية لوزارة التموين بدلاً من الاستثمار قرار جيد بشرط توزيع السلع بسعر التكلفة بالمجمعات وليس عبر منافذ توزيع متنقلة نظراً لعدم وجود رقابة علي رجال الأعمال المستوردين والمحتكرين والمستثمر بطبيعته حر يبحث عن المكسب المادي وللأسف لم تقم الحكومة بوضع حد أقصي لهامش الربح فظلت القرارات كلاماً علي الورق فقط وغير موجودة علي أرض الواقع نظراً لأن أسعار اللحوم والسلع الغذائية المستوردة متغيرة مع سعر الدولار كما ستقوم الدولة بدفع 300 مليون جنيه تكلفة توفير منافذ وسيارات وبضائع تستخدم في توزيع السلع وفي النهاية لا تصل لمستحقيها. يؤكد السيد الخولي - مستشار وزير التموين السابق للشئون الرقابية والتجارية - إذا كانت الحكومة لديها نية حقيقية لمواجهة الأسعار الجنونية لابد من الإعلان عن الأسعار والأماكن الموجودة بها تلك البضائع ولكن للأسف العملية مجرد شو إعلامي فقط وقد تم اتخاذ تلك القرارات من قبل الحكومات السابقة ولم تنفذ فما معني توفير سيارات متنقلة في ظل عدم وجود رقابة وعدم تنفيذها في المناطق البعيدة وعدم توافر سجلات لها وللأسف التجار والموردين المصريين عباقرة في الغش والتلاعب بالسلع المدعمة وإعطائها لغير مستحقيها وإذا كانت هناك نية للحكومة لطرح السلع في الأسواق بسعر التكلفة لابد أن ينشط التعاون الاستهلاكي سواء مجمعات استهلاكية أو فئوية للموظفين. يري أن عدم تدعيم الحكومة للفلاحين سواء بالأسمدة أو البذور أو توفير مياه الري سيؤدي إلي عدم تحقيق الفلاح أو المنتجين للأرباح خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية واتفاقية الجات وارتفاع الأسعار عالمياً. يضيف العربي أبوطالب - رئيس الاتحاد العام لمفتشي التموين أن انخفاض السعر والبيع بسعر التكلفة يؤثر علي جودة السلعة نفسها خاصة بمنافذ توزيع الخضروات والفاكهة حيث سيتم خلط التالف مع الجيد وعرضها بأماكن راقية غير محتاجة بالمرة وإذا تم الاتفاق مع مستوردي السلع أو الأسماك أو اللحوم سيؤدي إلي السماح باستيراد كميات كبيرة من الخارج بأسعار أقل تكلفة من الإنتاج المحلي وسيتم محاربة المنتجات المصرية والاضطرار إلي إعفائهم أو تخفيض الرسوم الجمركية والضرائب عند التوريد لتلبية احتياجات السوق لذلك لابد من تنمية التجارة الداخلية وتطبيق اللوجستية بتخفيض التكلفة والنقل خلال حلقات التداول مع المحافظة علي الجودة ودعم تكلفة الإنتاج ومراقبة الأسعار لعدم إرهاق الموازنة العامة وتنمية الصناعات المحلية الصغيرة التي تعد عمود الاقتصاد لأي دولة بالعالم مثل الصين التي أصبحت من أكبر الدول المصدرة في العالم. محمود دياب - المتحدث الرسمي لوزارة التموين يذكر أن منظومة السلع الغذائية وتحديد الأماكن الأكثر احتياجاً طبقاً لتوجيهات رئيس الحكومة تنفذ خلال الأيام القادمة لضمان وصول الدعم لمستحقيه مع تشديد الرقابة التموينية علي المجمعات الاستهلاكية وفروع شركات الجملة والسيارات المتنقلة للقضاء علي الفاسدين مؤكداً أن الوزارة ستضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه المساس بقوت الغلابة وقد تعاقدت الوزارة مؤخراً مع كبري الشركات الغذائية في مصر لتوريد منتجاتها بسعر التكلفة لأكثر من 25 ألف بقال تمويني علي أن تستمر التخفيضات من يوم 5 إلي 15 من كل شهر. يضيف حفظي صادق - وكيل وزارة التموين بالجيزة أن المنظومة الجديدة للوزارة في توزيع المواد الغذائية فكرة جيدة جدة ستساهم في وصول الدعم لمستحقيه بجودة عالية دون زيادة في السعر وسيساهم في جذب استثمارات جديدة لقطاع التجارة الداخلية وبالتالي خلق فرص عمل جديدة للشباب وستعمل الوزارة جاهدة علي تطوير كفاءة المجمعات الاستهلاكية وتوفير سلاسل النقل حيث من المقرر أن تمد المحافظة القري الأكثر احتياجاً بسيارات متنقلة بسلع غذائية أهمها الأرز والسكر والزيت والخضروات بتخفيضات تتراوح بين 15 إلي 20%.