ويوماً بعد يوم.. تتسع الفجوة بين الاستهلاك والطاقة المولدة وصار حتميا اللجوء إلي الطاقة الجديدة والمتجددة استغلالا للميزات النسبية للمناخ الذي لا مثيل له في العالم. وتبدو الطاقة الشمسية مصدرا آمنا للطاقة.. وصديقا للبيئة.. سبقتنا إليه كثير من الدول التي لا تحبها الشمس والتي تظهر في سمائها بعض الوقت.. بينما تتزين سماء مصر بالشمس معظم فترات النهار.. وطوال أيام العام. ويشير الخبراء الذين قابلتهم الجمهورية إلي نقطتين إذا كانت المبادرة بتحويل أسطح المنازل إلي محطات للتوليد من خلال الخلايا الضوئية.. ثم استغلال الرياح.. فإن ارتفاع التكلفة تقف عائقا.. ولو كانت الحكومة قد بدأت بمشروعاتها ومبانيها لكانت قد أعطت القدوة وقدمت النموذج. الثانية: أن الحكومة لاتستطيع وحدها ولن تستطيع وحدها ولن تستطيع دخول غمار معركة الطاقة المتجددة إلا بمشاركة فاعلة من القطاع الخاص بما يحتم ضرورة إعادة النظر في تعريفة الكهرباء بما يساعد علي تحقيق توازن بين التكلفة..والعائد. وللاتفاقيات معظم حكوماتنا كانت تسير بمنطق "المهم أعيش النهارده".. أما "بكره" فسيأتي برزقه.. فقد غضت الطرف كثيرا عن استباق الزمن.. والتحسب لاحتياجات التنمية في المستقبل القريب والبعيد أيضا. وعندما صدرت عن وزارة الكهرباء مبادرة البحث عن مصادر للطاقة.. وتحديدا الاستفادة بالشمس المصرية وطرحها للمستثمرين.. كان الوقت ثقيلا.. والظروف صعبة.. والاستثمار خائفاً. من هنا.. تطرح "الجمهورية".. قضية الطاقة من زاويتين أولاهما: الطاقة المتجددة وأهمها الشمس.. والثانية: كيفية تمويلها و تحويلها إلي واقع. أزمة الوقود تبحث عن الحل "الخلايا الشمسية".. طوق النجاة لمواجهة انقطاع الكهرباء هناء محمد المبادرة التي أطلقها د. أحمد إمام وزير الكهرباء والطاقة في حكومة الببلاوي المستقيلة لاستغلال أسطح المنازل لتركيب الخلايا الضوئية التي تحول الطاقة الشمسية إلي كهرباء واستغلال المزارع لإقامة توربينات رياح لتوليد الطاقة وتحويل مستهلكي الكهرباء إلي منتجين أثارت جدلاً بالشارع المصري حيث لاقت استحسان وتأييد الكثيرين كحل بديل لانقطاعات الكهرباء المستمرة بجميع القطاعات والتغلب علي الفواتير المرتفعة التي يعاني منها غالبية المواطنين وأصحاب الأعمال إلا أن صعوبة تطبيق وتنفيذ المشروع في ظل الروتين والفساد الإداري الذي يهدد أي فكر تقدمي بالإضافة إلي التكلفة العالية للخلايا الضوئية أجهضت الفكرة في مهدها. يقول محمد علي عربي موظف: فكرة المشروع رائعة كحل بديل لمشكلة انقطاع الكهرباء المزمنة خاصة مع بداية الصيف وزيادة الأحمال علي الشبكة علاوة علي أنها صديقة للبيئة ولا يصدر عنها أي ملوثات. يشاركه وليد يوسف وكيل وزارة بالمالية قائلاً: استهلاك الأجهزة الكهربائية يتزايد بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة خاصة التكييفات التي أصبحت بكل منزل مهما كان مستواه الاقتصادي لذلك كان يجب التفكير في حلول بديلة لتوفير الطاقة لذلك لو تم تعميم الفكرة سوف تحل الأزمة لكن تطبيق المشروع يجب أن يتم بالعقارات حديثة البناء فالعقارات القديمة لن تتحمل تركيب المحطة ومعرضة للانهيار خاصة بالأماكن العشوائية كما أن سكانها من محدودي الدخل ولن يكون لديهم امكانيات مادية لشراء هذه الخلايا مرتفعة الثمن وسوف تكون مناسبة جداً في المدن الجديدة ويجب أن تكون هناك أولوية في التطبيق بالأماكن المحرومة من الكهرباء. فشل الحكومة يقول إسلام أحمد: أخشي أن تتخلي الدولة عن مسئوليتها في توفير الكهرباء فألقت بالكرة في ملعب المواطنين بإجباره علي شراء خلية شمسية توفر له الكهرباء ويبيع الفائض وهذا يعتبر إهداراً لشبكات الكهرباء المقامة بالفعل والتي تكلفت ملايين الجنيهات لمدها للمنازل كما إنه في حالة تنفيذ المشروع ما الذي يضمن عدم انهيار العقارات خاصة القديمة وبالتالي ضياع استثمارات المواطنين لذلك يجب أن تكون هناك شروط سلامة بهذه العقارات كما يجب التأمين علي الخلايا ضد التلف. يؤكد أكرم صفوت مدرس : الطاقة الناتجة عن هذه الخلايا لا يمكن تخزينها ولكن يمكن القضاء علي هذه المشكلة عن طريق ربط المحطات بالشبكة القومية التي امتدت دولياً مما جعل هناك سهولة لتصديرها ثم استيرادها مرة أخري عند الحاجة إليها خاصة في فصل الشتاء والأمر يحتاج لتعاون الدولة مع أصحاب الخلايا. أزمة الوقود أما حامد محمد موظف بالمعاش فيري ان الخلايا الشمسية ترحم السكان من الانقطاعات المستمرة طوال فصل الصيف وأيضاً من فواتير الكهرباء المرتفعة ويجب تطبيقها أولاً في الأرياف والمناطق المحرومة من الكهرباء لصعوبة مد الشبكة لهم نظراً لارتفاع تكلفة مد شبكة الكابلات تحت الأرض لعدة كيلو مترات فالمتر الواحد من هذه الكابلات وصل لأسعار فلكية لذلك مهما تكلفت محطة الخلايا الشمسية سوف تكون أوفر لأنها توفر نفقات التشغيل في محطات الكهرباء التي تعتمد علي حرق كميات هائلة من السولار لإنتاج الكهرباء وفي ظل أزمة الوقود تظهر الكوارث. يوضح عبدالرحمن حسن مهندس في 2012 افتتحت إحدي الشركات محطة كهرباء بالطاقة الشمسية بقرية أبو منقار بالوادي الجديد للمحافظة علي البيئة ومحاربة ظاهرة الاحتباس الحراري وخوفاً من نفاد الموارد الأخري من الطاقة غير المتجددة وهي فكرة هائلة لاستكمال ممر التنمية الذي كانت أهم معوقاته توفير مصادر للطاقة. يضيف محمود مصطفي موظف : الفكرة جيدة ولكن يجب البعد عن الروتين والفساد الإداري والرشوة الذي يفسد أي مشروع جديد ويضع العراقيل أمام الأفكار الجديدة كما يجب تقسيط تكلفة الخلايا حتي يستطيع المواطن البسيط الاستفادة من المشروع الذي يعتبر حلاً أمثل بعد ضعف الحكومة وفشلها في مواجهة الأزمات. يقول مصطفي كمال موظف بالمعاش : أوروبا نفذت هذه المشروعات واعتمدت عليها اعتماداً كلياً في توفير الطاقة علي الرغم من أن معظم دولها محرومة من الشمس معظم شهور السنة في حين تحظي مصر بالشمس طوال العام فكيف لم يتم الاستفادة منها حتي الآن؟ لذلك يجب أن تقوم الدولة بدعم هذه المحطات مهما تكلفت خاصة ان محطة توليد الكهرباء بالطرق التقليدية تتكلف الملايين لإنشائها. تجربة أسوان يقول أحمد دسوقي فيزيائي : المشكلة الرئيسية تكمن في الارتفاع الهائل في سعر الخلايا الشمسية لأن المكون الأساسي بها الفضة التي تقوم بعملية تحويل الطاقة الشمسية إلي كهربية وتخزين الطاقة هذا بالإضافة إلي أنها تستغل مساحة كبيرة جداً وتنتج كمية بسيطة من الكهرباء فهناك تجربة ببعض القري بأسوان حيث يتم وضع بطاريات شمسية بكل منزل لتمده بالتيار الكهربائي ولكن لا تكون مستمرة طوال اليوم وتنقطع إذا تم تحميل أكثر من جهاز كهربي. يؤكد أيمن سالم مهندس : يجب تنفيذ المشروع في اتجاهين الأول يتم بدعوة االشركات العالمية لإنشاء محطات للطاقة الشمسية في الصحراء الغربية وتوربينات للرياح بالصحراء الشرقية لإنتاج الكهرباء ويتم وضع شروط لحصولنا علي الكهرباء مقابل ربط هذه المحطات بالشبكة الدولية لتصديرها وتحصل الدولة علي نسبة تستخدم في دعم الخلايا الشمسية للمنازل علي أن يتم تصنيعها بالمصانع الحربية والهيئة العربية للتصنيع وعدم شرائها من شركات أجنبية للاستفادة القصوي من المشروع أما الاتجاه الثاني فيكون في إطار رفع الدعم عن الشركات والمصانع كثيفة استهلاك الطاقة وبالتالي تبحث عن فرص بديلة للطاقة أو من خلال فرض رسوم علي هذه الشركات لعمل أبحاث لتخفيض الخلايا الشمسية لتصبح في متناول الجميع. حلول مؤقتة يضيف عاطف عباس موظف : المشروع يصعب تطبيقه علي الرغم من انه يحل الأزمة بصفة مؤقتة ولكن الحكومة لن تنقذه وبالتالي يرجع الأمر إلي ملاك العقارات مما يحدث نوعاً من الاحتكار فمالك العقار سوف يحدد السعر حسب احتياج الساكن فما الذي يضمن له الحصول علي الكهرباء بسعر معقول؟ يقول وليد محمود: هناك العديد من التطبيقات طرحتها الشركات المتخصصة في الخلايا الشمسية مثل أعمدة إنارة تعمل بالخلية الضوئية وقد تم تطبيقها بالفعل في بعض الدول مثل الهند كما قامت كلية العلوم بجامعة حلوان بتنفيذ مشروع للإنارة باستخدام الطاقة الشمسية لذلك يجب تطبيقه فوراً في الأماكن الراقية والفيلات بحظر توصيل الكهرباء للفيلات وإلزام أصحابها بعمل محطات شمسية لنوفر استهلاك هذه الفيلات والقصور من الكهرباء بفيلا واحدة يضيء حي كامل بالمناطق الفقيرة حيث تم تنفيذ مشروع يشبه ذلك بالمدن الجديدة وألزم جهاز المدينة كل فيلا بتركيب سخان شمسي لتوفير الكهرباء والحفاظ علي البيئة. أما عن مبادرة إنشاء توربينات رياح بالمزارع يقول محمد حسين: الفكرة رائعة خاصة ان هناك مناطق حددتها هيئة الأرصاد الجوية بأنها مزارع رياح أي تصلح لإقامة توربينات لإنتاج الكهرباء مثل جبال البحر الأحمر ومناطق الساحل الشمالي لذا فإن تنفيذ هذا المشروع بالمزارع يجعل هناك مصدراً دائماً ونظيفاً لإنتاج الكهرباء وبدون مصاريف تشغيل. يشاركه وائل خميس قائلاً: هناك العديد من المشروعات الناجحة لتوليد الطاقة من الرياح بالزعفرانة وجنوب سيناءوأسوان تملكها وزارة الصناعة ولكن المشروع يتكلف مبالغ هائلة لإقامة توربينات وبالتالي تصبح المساهمات الفردية غير مجدية.