خلال عملي بجريدة الجمهورية شاهدت بعيني بعض الأساتذة الكبار. وهم يعملون. وقد تعلمت منهم الكثير وأولهم الناقد الرياضي الكبير ناصف سليم. رغم أنني لم أعمل يوماً في القسم الرياضي ولكني شاهدته يكتب ويرسم بالقلم الفلوماستر ماكيت لصفحتي الرياضة وأنا جالس إلي جواره. وبلغت احترافية ناصف سليم حداً عجيباً. لدرجة انه كان يكتب مقالين أحدهما لو فاز المنتخب والآخر لو خسر.. ويتم نشر أحدهما حسب نتيجة المباراة!! وكان محمد أبو الحديد يقوم بإعداد صفحات العدد الأسبوعي عندما كان مديراً لتحريره. وكان كل خبر أو مقال عارف مكانه فين.. والصفحة التي يقدمها أبو الحديد لا تزيد سطراً ولا تقل كلمة مهما كان نوع الصفحة اقتصادية أو فنية أو سياسية وهذا نوع من الاحتراف لا شك في ذلك. وكان الراحل الكبير جلال السيد يقدم باباً صغيراً بعنوان "جولة الكتب" يبذل في اعداده جهداً كبيراً ويقرأ عشرات الكتب ويظل طول النهار رايح جاي يتابع تنفيذ الباب الصغير. ولكن الحرص علي اتقان العمل كان هدفه الوحيد. كذلك كان يهتم الشاعر الغنائي المعروف محسن الخياط بباب "نادي أدباء الأقاليم" وكان يحزن لو تأجل لسبب ما كأنه واحد من أدباء الأقاليم ويعتقد انهم ينتظرون الجريدة من أجل نشر قصة بعد طول انتظار! وكان زميلنا الراحل جلال العريان يكتب تقريراً يومياً لتقييم الجمهورية التي صدرت بالأمس. وتندهش من حيادية التقرير إلي جانب النصائح الثمينة التي يوجهها للمشرفين علي الصفحات. أما الناقد الكبير سمير فريد فقد كان يجهز قبل سفره للخارج 3 صفحات للسينما ويضع مادة كل منها داخل ظرف مغلق عليه تاريخ النشر وهذه احترافية عالية. أري أنه من المستحيل اليوم أن يحدث ذلك.. وتحية للجمهورية في عيدها الستين.