"الشيء إذا زاد عن حده.. انقلب إلي ضده" مثل شعبي ذو قيمة قديمة نفهمها جميعاً.. أراها تنطبق تماماً هذه الأيام علي معاملتنا مع القوات المسلحة.. قبل 25 يناير لم يكن أحد يجرؤ علي مهاجمة عسكري أو جندي صغير في الجيش سواء في الشارع أو الإعلام.. وبعد 25 يناير انقلب الحال وانفلتت الألسنة وأصبح كل من "هب ودب" ينتقد الجيش ويتطاول علي قياداته يطالبون بإسقاط حكم العسكر تحت شعارات زائفة وحجج واهية ترفض التمييز للقوات المسلحة في الدستور أو حجم الموازنة والأهم من ذلك كله عدم قبول أي مرشح عسكري للرئاسة وكأن هؤلاء العسكريين من إسرائيل أو أمريكا ونسينا تماماً أن الجيش المصري لم يخذل شعبه علي مر العصور منذ تحتمس ورمسيس مروراً بصلاح الدين ومحمد علي ووصولاً إلي الفريق أول عبدالفتاح السيسي. وإذا أردنا الحديث عن الجش المصري وبطولاته منذ الفراعنة وحتي الآن فنحتاج إلي مجلدات ولكننا نكتفي اليوم بالحديث عن موقف الجيش من ثورتي 25 يناير و30 يونيه ففي الأولي كان من الممكن للقوات المسلحة والمجلس العسكري بقيادة المشير طنطاوي الوقوف بجانب الشرعية الرئاسية والعمل علي كبح جماح الثوار والمطالبة ببقاء مبارك في الحكم حتي نهاية مدته في أكتوبر 2011 وبالمناسبة "كان رئيساً منتخباً" ولكن الجيش المصري أعلن منذ اللحظة الأولي أنه مع الشعب المصري ولن يطلق رصاصة واحدة ضد أي مواطن وبالفعل انصاع مبارك ونظامه لإرادة الشعب وترك المهمة للمجلس العسكري الذي حمي الثورة ورغم الأخطاء التي شهدتها المرحلة النتقالية الأولي إلا أن المجلس قاد السفينة حتي تمت الانتخابات البرلمانية والرئاسية وتسليم السلطة لأول مرة إلي رئيس مدني منتخب وتصدرت جماعة الإخوان ورئيسها المشهد السياسي في مصر وبدلاً من اغتنام الفرصة والتمسك بها والعمل علي نجاح التجربة لأول رئيس مدني لجأوا إلي الانفراد بالسلطة والهيمنة علي كل مؤسسات الدولة وهيئاتها فكانت الطامة الكبري أن رفضهم الشعب قبل أن يكملوا العام الأول من حكمهم وخرج الملايين في 30 يونيه في مشهد لم يره العالم من قبل.. لهم مطلب وهدف واحد هو إزاحة الإخوان ورئيسهم من الحكم. عندما خرج الملايين في هذا المشهد الفريد لم يكن لأحد أن يقف معترضاً أو رافضاً الانصياع لإرادة الشعب ومن هذا المنطلق كانت الاستجابة الفورية من الجيش لمطلب الملايين حتي لا تتفاقم الأمور وتنشب حرب أهلية بين أبناء الوطن الأمر الذي كان يخشاه الجيش وقياداته مؤكدين مراراً أنهم لم ولن يسمحوا بذلك أبداً. ورغم كل ذلك ما زلنا للأسف نسمع ونري من يهاجم الجيش المصري وينتقد قياداته.. بالطبع هم ليسوا فوق النقد أو الهجوم ولكن عندما يقصرون ويتجاوزون في حق الشعب والوطن.. ولا يجب أن يكون الهجوم من أجل الهجوم فقط أو بهدف النيل من أعرق جيش عرفته البشرية والجيش العربي الوحيد الذي مازال واقفاً وصامداً أمام المحاولات الخبيثة لتفتيت الجيوش العربية من أجل إفساح المجال وزيادة هيمنة الجيش الإسرائيلي "طفل أمريكا المدلل" في المنطقة وهذه هي الحقيقة المُرة التي يجب أن نعلمها جميعاً لنتضامن ونتصدي لهذا المخطط الشيطاني وإلا بلاها جيش.